13-11-2018 09:22 AM
بقلم : أ.د رشيد عبّاس
أطلَ المذيع الصيني الآلي / الروبوت على شاشة التلفزيون الصيني مبتسما وواثقا من نفسه، وظهر بلباسه الاعلامي الانيق متحدثا باللغة الصينية، قائلا بلهجته الروبوتية: (أهلا بكم جميعًا، أنا مذيع اصطناعي صناعة صينية بامتياز، وها انا في يومي الأول امامكم، اطلُ عليكم عبر شبكة شينخوا، ولكم ان تعلموا ان شكلي وصوتي مصمّمان على نهج وطريقة جان جاو، وهو مذيع تلفزيوني صيني حقيقي ومعروف للجميع,..ثم اردف المذيع الآلي قائلا إنّ التطوّر في مجال الإعلام يتطلب الابتكارات الجديدة، ومحاكاة حقيقية للتقدم التكنولوجي السريع، ووعد المشاهدين بالعمل المستمر كمذيع متميز بأسلوب شيّق اثناء القاء الاخبار، حيث سيتم كتابة الاخبار وتحريرها بلغة اعلامية في الـروبوت الداخلي ومن ثم القيام بإذاعتها امام المشاهدين الاعزاء دون ملل او كلل,..شكرا لكم على حسن الاستماع).
الصين وما ادراكم ما الصين, الصين اكملت لمساتها الاخيرة في ابتكار منتج جديد هو مذيعة تلفزيونية من ابتكار شركة سينسونغ, هذه المذيعة التلفزيونية ستكون على شكل مذيعة آلية / روبوت على الشاشة, وسيكون اسعار هذه المذيعات في متناول يد محطات التلفزيون في جميع انحاء العالم, وسيكون بمقدور اية محطة شراء المذيعة التلفزيونية على شكل روبوت ضمن المواصفات التي يرغبون بها, كاللغة وحركة الايدي, وتعابير الوجه وحركاته ونبرة الصوت ونوع اللباس واصناف المكياج، وقدرة المذيعة على الحوار، ومقوّمات إنسانيّة أخرى عديدة كأن تتساقط دموع المذيعة من مشهد إخباري حزين، أو تكشيره على خبر مزعج وعاجل، او ابتسامة على مشهد إخباري فكاهي,..نعم ستصبح مذيعة الروبوت رسمياً جزءاً من فريق مذيعي محطات شاشات التلفزيونات في جميع انحاء العالم, لكن دون رواتب شهرية, فكل ما تحتاجه هذه المذيعات الروبوتية هو فقط عمل صيانة دورية لأجهزتها الداخلية, وشحن بطاريتها.
لكن في المقابل ومع هذا الابتكار الجديد نقول: ماذا لو نفذ شحن بطارية المذيعة الآلية / الروبوت على الشاشة اثناء البث, وكانت هذه المذيعة تقرأ النشرة الجوية عن حالة عدم الاستقرار الجوي وعن السيول الجارفة, هل سنغرق لحين شحن هذه البطارية, او ماذا لو تعطّلت المسننات المسؤولة عن حركة رموش المذيعة الآلية / الروبوت على الشاشة, هل ستبقى هذه المذيعة تغمز المشاهدين بإحدى عينها لحين اصلاح العطل, ثم ماذا لو ارتطّمت قدم مهندس الصوت في غرفة الاخبار بأحد اسلاك الروبوت وتوقفت شفتي المذيعة عند عبارة القدس عاصمة..., فكم احتمال يمكن ان يضع المشاهد في مثل هذا الفراغ الناتج عن التوقف, واكثر من ذلك ماذا لو تعطل خط انابيب دموع عيون المذيعة الآلية اثناء مشهد إخباري حزين ومأساوي, هل سيتم اتهامها من قبل المشاهد بعد تأثرها بالخبر.
في قادم الايام كل شيء متوقع, فقد اصبحت العمليات الجراحية على ايدي اطباء الروبوت, واصبحت مهنة التمريض عن طريق ممرضات الروبوت, ويمكن الحديث ايضا عن المحاضرين في اعرق الجامعات العالمية وعن المزارعين في اوسع السهول وعن طهاة الطعام في اضخم المطاعم, وعن ...., وعن..., كل ذلك عن طريق الروبوتات اصبح ممكنا,..ونحن في عالمنا العربي الاسير البعض منا يفّكر كيف يغتصب الصغار وكيف يقتل الابرياء, وما زلنا للأسف الشديد نتحدث ايضا عن امكانية تجفيف / تنشيف الخبّيزة المرّوية بمياه السيول الجارفة, لقد تعطّلت عقول البعض منا عن ما سخّر الله عز وجل لنا من نعم, قال تعالى: (ألم تروا أن الله سخّر لكم ما في السمّوات وما في الارض وأسبغ عليكم نعمهُ ظاهرة وباطنة ومن الناس من يُجادلُ في الله بغير علم ولا هدى ولا كتاب منير).
بقي علينا ان نطمئن مذيعات الجنس البشري الحقيقيات, لنقول لهن ان مذيعات الروبوتات مهما امتزن بتقنية عالية فأنهن يعملن دون روح, نعم دون روح, قال تعالى: (ويسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي وما أوتيتم من العلم إلا قليلا) صدق الله العظيم.