13-11-2018 09:25 AM
بقلم : د . عمر عكاشة المقابلة
كان هذا الأسبوع عاصفا بكل ما تحمله الكلمة من معنى في المشهد الأمريكي تجلت فيها قيم النظام الأمريكي بشكل لم يسبق له مثيل، المشهد الأول وهو انتخاب3نساء لعضوية الكونغرس الأمريكي من أصول عربية احداهن متحجبة وهي لاجئة صومالية والثانية من أصول فلسطينية والثالثة لبنانية.
أما المشهد الثاني فهو اللقاء الصحفي الذي اجراه الرئيس ترامب في البيت الأبيض وما جرى بينه وبين مراسل الCNN وردة فعل كل منهما اتجاه الآخر.
هذان المشهدان ليسا وليدا المرحلة وليسا مجرد صورة عابرة وتنتهي، بل هي حالة قيم أسسها المشرع الأمريكي من خلال الدستور الأمريكي منذ1784م وهو الوثيقة المؤسسة للحكومة الفيدرالية للولايات المتحدة الأمريكية
ويشكّل القانون الأعلى للبلاد، وهو أقدم دستور مكتوب غير منقطع الاستعمال في العالم، ويؤسس الدستور للحكومة الفيدرالية الأمريكية ثلاث سلطات منفصلة وهي التشريعية ويمثلها الكونغرس والتنفيذية ويمثلها رئيس الولايات المتحدة والقضائية وتمثلها المحكمة العليا للولايات المتحدة. وينظّم العلاقات بينها، كما يحوي بنوداً تهدف لضمان حقوق الأفراد في الحياة والملكية، وفي حرية العبادة والتعبير. ومن أجل ضمان هذه الحريات، شدد واضعو الدستور الأمريكي على ضرورة وجود قيود لصلاحيات كل من سلطات الحكم وتم تقسيم الصلاحيات لضمان عدم أخذ القوة من قبل شخص أو طرف واحد، إضافة إلى مساواة الجميع أمام القانون، ويضمن فصل الدين عن الدولة كدولة علمانية.
بهذه القيم استطاع النظام الأمريكي منع التمييز العنصري فلا تقدم ولا
ولا تأخر بناء على خلفية الشخص الدينية أو الأصل أو الولادة أو الجنس.
فلكل الحق في ممارسة دوره السياسي والاجتماعي والديني والحزبي
وحرية التعبير دون رقابة أو كبت أو تهديد، ودون عوائق أو منع أو تمييز.
بهذا تقوم الأمم، فلا خوف من أحد، ولا تأليه لأحد، ولا تجبر ولا تسلط ولا
تطاول ولا ترهيب ولا تخويف، لممارسة حقك الدستوري في الاعتقاد والتعبير
ولا سجون ولا زوار آخر الليل ولا مناشير ولا قيود، فما دمت ملتزم بالقانون
وباحترام الآخر وعدم التدخل في شأن الآخرين، فأنت مصان ومحترم الحقوق
ولك كامل الحرية في محاسبة ومسائلة المسئول من قمة هرم المسئولية
إلى أدنى من ذلك، وتجلى هذا الأمر في المشهد الثاني والذي استجوب فيه الصحفي
في قناة الCNN الأمريكية للرئيس ترامب وانتقده وخطأه ورد عليه، ذلك
أن السلطة الرابعة وهي الصحافة تلعب دورا أكبر مما لنا أن نتخيله في محاسبة السلطات الثلاث،
فدورها الرقابي يجعلها فوق السلطات الثلاث، فتبين أخطائها وتحلل خطواتها
وتسلط الضوء على انجازاتها أو تجاوزاتها، بهذه الحقائق يعرف المجتمع
أن الشعب فوق السلطة وأنه هو من يحاسب المسئول وأنه هو من يجب
أن يأمن المسئول جانبه، فإذا عرفت الأطراف المعنية كلها هذا الأمر والتزمت
به وعرف كل واحد حده وقدراته وحدوده، هنا سينشأ نظام ومجتمع وأفراد
سواسية كأسنان المشط، لا فضل لعربي على أعجمي، ولا لأبيض على أسود
ولا لإبن عشيرة على آخر، ولا لمسئول على مواطن، إلا بما اجتهد وقدم
ولكل مجتهد نصيب.