15-11-2018 09:53 AM
بقلم : محمد ابراهيم عبيدات
قرأت قبل عدة أيام مقالات عديدة عن الدور الريادي والمبدع لجامعة هارفارد الأمريكية والتي تعتبر الأولى على مستوى العالم في ريادتها من النواحي التدريسية والبحثية والخدمات المجتمعية.
الحقيقة أن ما قرأته عن جامعة هارفارد الأمريكية ودورها في الإبداع والإبتكار محلياً وعالمياً، ذكرني بالدور الذي يمكن أن تلعبه جامعتنا الأولى وهي الجامعة الأردنية التي تأسست منذ ما يزيد عن نصف قرن من الزمن والتي تعتبر الجامعة الأم لكافة الجامعات الأردنية والتي عمل فيها العلماء الأردنيون المتخصصون وغيرهم منذ البدايات الأولى لتأسيسها.
من المعروف أن الجامعة الأردنية كانت قد تأسست بسواعد أغلبها أردنية وهم الرعيل الأول والذين ضحوا بأعمارهم وعلمهم في سبيل إنجاح الجامعة بأهدافها المختلفة. وبعد الرعيل الأول، جاء الرعيل الثاني وأنا منهم ليقدم ما تعلمه من علم ومعارف كانوا قد اكتسبوها من الجامعات الأمريكية المشهورة ( مثل جامعة نيويورك وجامعة مدينة نيويورك وجامعة بيركلي وجامعة هارفارد وغيرها الكثير من الجامعات الأمريكية المشهورة والمصنفة ضمن أفضل الجامعات في العالم). باختصار، تولي الرعيل الثاني نشر العلم الذي تعلموه كما قاموا بالعديد من الدراسات والبحوث والمبادرات التي خدمت المجتمع المحلي والعربي . كان هذا الرعيل مضحياً بالمال والمواقع وكل شيء بهدف إستمرار وإدامة الجامعة الأم. وبمرور السنين غادر معظم هذا الرعيل الثاني الجامعة إما بالموت (والموت حق) أو الإجبار لبلوغ معظمهم سن السبعين أو الخمسة وسبعون كما فرض قانون الجامعات المعدل والذي وضعه بعض الأساتذة الشباب الذين تخرج معظمهم من جامعات أوروبية وغيرها.. وحدث ما حدث. أما ما يحدث الأن فهو عبارة عن تراجع واضح في حجم إنجاز أو تحقق الأهداف الثلاثة للجامعة الأردنية الأم. على سبيل المثال يلاحظ الأن التراجع الملموس في نوعية التدريس ورداءة أو عدم واقعية البحث العلمي المنجز من قبل معظم الزملاء بالجامعة بالإضافة الى تراجع ملحوظ في خدمة المجتمع المحلي).
أتمنى وما زلت أتمنى لو أن إدارة الجامعة الأردنية الجديدة أن تراجع ملياً ما جرى في جامعتنا الأم وتبادر باتخاذ قرارات نوعية لدعم الجامعة الأم والذي قد يكون من خلال إعادة النظر في رؤية الجامعة ومهامها وأهدافها بهدف تحديد أوجه النقص و نقاط الضعف الحالية. وذلك على ضوء المتغيرات العلمية والتكنولوجية التي حدثت في المزيج التسويقي للجامعات عالميا. كما قد ترى إدارة الجامعة الأم الحالية مراجعة القوانين والأنظمة الحالية وصولاً لوضع قوانين معدلة وأنظمة واقعية تتضمن اتخاذ خطوات لترجمة الحلم الذي تسعى الجامعة الأم لتحقيقه خلال السنوات القادمة. كما أن الإدارة الحالية لجامعتنا الأم معنية بوضع تعليمات أو أنظمة جديدة موافقة لروح العصر بأدواته التكنولوجية المتنوعة وذلك بهدف تفعيل عمل وزيادة إنتاجية كافة الكفاءات والخبرات المتراكمة عبر السنين خصوصاً تلك المتوفرة لدى معظم الأساتذة من كبار السن كما تفعل الجامعات الأمريكية والأوروبية وغيرها من الجامعات العربية.
الحقيقة أن الإدارة الحالية لجامعتنا الأم معنية بالتدقيق ببرامج الدراسات العليا الحالية وأحداث برامج للدكتوراه في تخصصات حيوية مثل إدارة الأعمال بفروعها المختلفة وغيرها. ذلك أن قيادة الجامعة الأردنية الأم تسعى الى إطلاق مبادرات جديدة لسد الطريق على بعض الجامعات الخاصة التي يفتقر معظم الكوادر الأكاديمية فيها للكفاءات البحثية والعلمية المؤهلة وذلك بسبب إنشغال بعض إداراتها في ممارسة أعمال ذات طابع شخصي أو فئوي أو جهوي وتحت شعارات التجويد وليس لديها – أي هذه الجامعات- أي مهارات فعلية أو كافية لتجويد مدخلاتها غير التخويف والنميمة وبث الفرقة بين الزملاء.
ختاما، جامعتنا الأردنية الأم بحاجة الى وقفة جديدة تعتمد الفكر الصحيح باعتبار أن الفكر الصحيح هو الذي يقود بعد وضع البرامج المتطورة الى عمليات تدريسية تعتمد نظرية التعلم العقلي التحليلي عند التدريس. كذلك هذه النظرية هي التي تؤدي الى تقديم مخرجات أو مهارات تحتاجها الأسواق المحلية والعربية، بالإضافة الى تقديم بحوث متميزة قدمها علماء متميزون ببحوثهم يكون هدفها تقديم حلولاً عملية ناجعة لمشاكلنا الإقتصادية والإجتماعية. كما أن الخطط والبرامج الجديدة لجامعتنا الأم هو الذي يقود بالنهاية الى تفعيل مهارات الخبراء لخدمة مجتمعاتنا المحلية والعربية خاصة بالأرياف والبوادي والمخيمات في عالمنا العربي.