بقلم : د. غازي عبدالمجيد الرقيبات

لم تتضح بعد معالم الصورة لخدمة الوطن الوليدة (بديلة خدمة العلم سابقًا) لكن ما هو مؤكد انها سوف تكون بأسلوب جديد، اسلوب قائم على صقل الشخصية للشباب وميدان لاكتساب مهارات عملية لتشمل الذكور والاناث على حد سواء، حيث سيتم اخضاعهم لبرنامج تدريبي ضمن فترة اربعة اشهر تقريباً (شهر للتدريب العسكري وثلاثة اشهر للتدريب المهني) ولأنه كان لي شرف الخدمة العسكرية كضابط سابق في القوات المسلحة الاردنية الباسلة، فإنني ارى في المشروع الوطني المقترح مبدأً لترسيخ قيم الرجولة والكرامة والسيادة الوطنية ففيه صقل للشخصية وعنوان للانضباطية تتعزز وتترسخ فيه روح الانتماء الوطني لدى فئة الشباب بعيدًا عن التقليد الاعمى الذي اخذ يغزو حياة معظم شبابنا واتوسم في هذا المشروع غرس لقيم المواطنة الصالحة وتنمية للحس الوطني المتزامن مع اكتساب المهارات العملية في مختلف نواحي الحياة، وبذلك سوف نحصن اجيالاً متتالية من الشباب الواعي المدرك لئلا يكون لقمة سائغة امام قوى الشر والحقد والكراهية المحدقة بوطنا الاعز، ولضمان نجاح هذا المشروع الوطني في اعداد الشباب انضباطاً عسكرياً ومهارة مهنية لمواجهة متاعب الحياة المستقبلية لابد من وضع استراتيجيات تكاملية مع الاوليات الوطنية التي طرحتها الحكومة وخاصة ما يتعلق منها بتوفير 30 الف فرصة عمل خلال العامين القادمين، وهنا (بالنسبة العام القادم 2019) نتساءل حول امرين غاية في الاهمية حول هذا الموضوع ؛ اما الاول فهل تتوفر لدينا المخصصات المالية اللازمة لتغطية الكلف المالية العالية لا نجاز وانجاح هذا المشروع وما يتطلبه من نفقات رواتب وخدمات المبيت والمواصلات ووجبات الطعام والتامين الصحي والزي لهذه الاعداد الكبيرة المنتظر تدريبها في ضوء مشروع الموازنة المالية التقشفية للدولة للعام 2019 والامر الاخر هل فرص العمل المتاحة قادرة على استيعاب خريجي هذا المشروع والاعداد الاخرى التي وعد رئيس الحكومة لتوفير فرص عمل لها والمقدر عددها ب 15 الف فرصة عمل للعام القادم (حسب خطة اولويات الحكومة) وكلاهما -باعتقادي- يتطلب وضع خطة احلالية تتدرج في استبدال الايدي العاملة الوطنية بدلاً من العمالة الوافدة او تكون هناك خطة معدة لاستقطاب الاستثمارات الاجنبية لتعزز المحلية وتكون بذلك كفيلة باستيعاب المزيد من الايدي العاملة المحلية ومن جانب اخر لا بد من ابراز الدور التشاركي لمؤسسات الدولة المختلفة وخاصة الدور الريادي الذي تطلع به قواتنا المسلحة الاردنية رمز الفخار لكل اردني شريف ومصنع الشجاعة والرجولة وعنوان الانضباطية والاحترافية ، فكلنا ثقة بقدراتها العالية لاستيعاب وتدريب الاعداد المأمولة ، بينما تقع على عاتق وزارة العمل مسؤولية تهئية مراكز التدريب المهني وتوفير الاعداد الكافية من المدربين المهرة في مختلف مجالات المهن الحياتية كما نأمل من مؤسسات الاعلامية ابراز الدور الارشادي والمحفز للشباب للاقبال على هذه البرامج ولا ننسى اهمية وضرورة تحفيز منشات ووحدات القطاع الخاص على امتداد ربوع الوطن من خلال تقديم الحوافز التشريعية والضريبية لاستيعاب المزيد من الايدي العاملة المدربة والعاطلة عن العمل لتبرز بذلك الروح والاحساس بالمساهمة في حل المشاكل الوطنية وخاصة ما يتعلق منها بالفقر والبطالة ، ومن جانب اخر يجب مراعاة الخصوصية في ضم الاناث الى مشروع خدمة الوطن نظرًا للحساسية الدينية والاجتماعية والذي يمكن اشراكها عبر التدريب في المدارس والجامعات ضمن برامج تدريبية محددة . وأخيرًا اتوسم في قانون خدمة الوطن المقترح تفادي ما كان مسموحاً لبعضٍ من الملزمين بتأدية خدمة العلم باستبدالها بمبلغ مالي لئلا تكون خدمة الوطن عندها مقتصرة على فئة اجتماعية محددة ، وعندها نقول ثانية "خدمة الوطن ...تطلعات مستقبليه برهن الواقع ".