حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الأربعاء ,27 نوفمبر, 2024 م
طباعة
  • المشاهدات: 14919

تركيا أردوغان وطبيعة السياسة العربية

تركيا أردوغان وطبيعة السياسة العربية

تركيا أردوغان وطبيعة السياسة العربية

27-11-2018 05:43 PM

تعديل حجم الخط:

بقلم : د. آية الأسمر

عندما نقول مصر عبدالناصر أو عراق صدام أو روسيا بوتين أو تركيا أردوغان فإننا ننسب الدولة إلى عهد فارق حدثت خلاله تحوّلات جذرية على مستوى سياسة الدولة الداخلية أو الخارجية أو كليهما، بغض النظر عن اتجاه تلك السياسات أو اتفاقنا معها من عدمه، يعد هذا الارتباط  انعكاساً لحزمة التغييرات على صعيد السياسة الداخلية من حيث البرامج السياسية أو حركات الإصلاح أو إعادة هيكلة مؤسسات الدولة أو الانفتاح أو التأميم أو الخصخصة، وقد يرافقه مواقف واضحة وحازمة على صعيد العلاقات الدولية والسياسة الخارجية كما حدث عام 1961 إبّان تشكيل حركة عدم الانحياز التي أسسها ثلاثي نهرو – تيتو – جمال عبدالناصر في مواجهة الحرب الباردة بين المعسكرين الشرقي والغربي.
سأركز في مقالي هذا على محاور أربعة حتى أتجنب الإسهاب وأتمكن من اختزال الكلمات:

1-      السياسات الخارجية للدول عموماً ومنها على سبيل المثال تركيا وروسيا وإيران والصين، ومواقفها من الأحداث والقضايا المحيطة والعالمية، أو علاقتها بأنظمة الدول الأخرى، غير مبنية على موقف متعاطف ومتضامن بقدر ما هو مرتبط بمصالح الدولة الاستراتيجية والسياسية والجغرافية والأمنية والاقتصادية في المنطقة ككل، لهذا نجد التذبذب والحذر بل والتناقض أحيانا في موقف بعض الدول العربية وغير العربية تجاه الأنظمة العربية، أو الثورات العربية، بل وتجاه النظام ذاته أو الثورة نفسها في فترات زمنية متباينة، بناء على قاعدة المصالح في الصف الأمريكي الأوروبي من جهة، أو المعسكر الشرقي من جهة أخرى، ومصالحهم في الشرق الأوسط من جهة ثالثة.
2-      ما يحدث من تقلّبات في هذه السياسات وانقلابات في تشكيل المحاور يجب أن يستدعي إلى الوعي العربي قضية غاية في الأهمية، ألا وهي قضية تكوين أحلاف سياسية قائمة على مصالح سياسية واقتصادية وأمنية مشتركة، يمكن أن تقوم الدول العربية بالدخول فيها مع خيارات متعددة من الدول المجاورة وغير المجاورة كشركاء استراتيجيين لا كأتباع مهزومين، عوضاً عن اجترار بقايا الحقد التاريخي بين إيران والعرب، ومحاولة اتهام تركيا باللهاث وراء مصالحها وتبرير مواقفها من منطلق رغبتها في الانضمام للاتحاد الأوروبي، والتخوف من الجعبة الروسية بما فيها من مضامين ومفاهيم اشتراكية وشيوعية معاكسة للتيار الرأسمالي، يتوجب على الأنظمة العربية الحالية والقادمة أن تستوعب هذه التجارب التي نهضت من بين الركام، ونفضت عن نفسها غبار ضعف علق بها لأسباب مختلفة ولفترات لم تدم، من أجل استعادة دورها الحيوي على الصعيد الإقليمي والدولي، كفانا بكاء على أطلال ال67 ولنقرأ مسيرتي اليابان وألمانيا اللتين تمكنتا من دفن كل آثار هزائمهما السابقة في الحروب العالمية، ولنلق نظرة على الصين التي راحت تتعملق اقتصاديا بصمت وثقة، وأنا لا أدعو هنا إلى الانضمام إلى المعسكر الشرقي إلا أنني أدعو إلى فتح نوافذ محاور داعمة يمكن تشكيلها للتخلص من نفق الهزيمة المعشش في مفاصل علاقتنا بأمريكا وإسرائيل، مما يمنحنا فرصة أكبر للمناورة والتفاوض، ومساحة أوسع تساعدنا في النهوض ومسح الجبين مما علق به تراب الهزيمة والانبطاح في زمن انحطاط تمر به الأمة.
3-      الدول كما الأفراد قد تنتهج سياسة عدم الانحياز إزاء الحروب الباردة والساخنة، وتنأى بنفسها عن التورط في مجابهات بين الدول العظمى، وتتجه باتجاه التعاطي بدبلوماسية مع القوى الكبرى تفادياً لشرور تلك القوى، إلا أن الدول كما الأفراد لها كرامة وشرف وحق يجب عليها أن تذود عنهم في مواقف مصيرية وقرارات حرجة قد تتعرض لها، حينها فقط تطرح تلك الدولة نفسها على الساحة كمنافس أو شريك أو خصم بغض النظر إن كسب المعركة أو لم يكسبها، يكفيه شرفاً أن حارب في معركة الكرامة عن وجوده، وصان تاريخه من عار الانبطاح ووصم المذلة، ما يحدث مع أردوغان اليوم يذكرنا بصدام الأمس القريب وعبدالناصر الأمس البعيد، مع اختلاف مبررات وآليات ودوافع وتداعيات وظروف كل تجربة.  
4-      المعضلة المستعصية في العامل المشترك بين كل التجارب التي فشلت في صمودها، هي الورم السرطاني المتفشي في الوطن العربي والذي يمكن تشخيصه بعد كل هذه الأعوام تحت مسمى "انبطاح الخائن"، الخائن عموماً يقوم بتنفيذ أجندة تملى عليه ضد مصلحة الوطن لصالح أعدائه، وحتى يتمكن هذا الخائن من إنجاز مهامه على أكمل وجه، وتحقيق مصالح الأعداء في وطنه يتوجب عليه بالضرورة أن يتخلى عن كرامته وشرفه وحقوقه، مما يؤدي بالضرورة إلى اتباع سياسة انبطاح كامل، هذا الانبطاح الكامل يفرض عليه أن يستميت في الدفاع عن أجندة الأعداء لتحقيقها، بل ويذهب إلى أبعد من ذلك حتى يحارب ويقاتل كل من يحاول حماية الوطن أو النهوض به أمام الأعداء وسياساتهم، وعليه حاربت بعض الأنظمة العربية أنظمة أخرى، وما زالت حتى اليوم تعمل على الإطاحة بأنظمة ترفض أن تمرّغ جبينها بوحل الانبطاح.








طباعة
  • المشاهدات: 14919
برأيك.. هل اقتربت "إسرائيل" ولبنان من التوصل لاتفاق إنهاء الحرب؟
تصويت النتيجة

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم