حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
السبت ,16 نوفمبر, 2024 م
طباعة
  • المشاهدات: 36848

أولويات عمل الحكومة خطة للنهضة أم موسوعة شعارات؟

أولويات عمل الحكومة خطة للنهضة أم موسوعة شعارات؟

أولويات عمل الحكومة خطة للنهضة أم موسوعة شعارات؟

28-11-2018 10:00 AM

تعديل حجم الخط:

بقلم : بسام الكساسبة
بسام الكساسبة
طرحت الحكومة قبل فترة ما أطلقت عليها: (أولويات عمل الحكومة 2019-2020، التي جاءت كاستجابة لمضامين كتابي التكليف والعرش الساميين، وقد وصفت الحكومة خطتها بمشروع النهضة الوطني، الذي ستسعى من خلاله لتحقيق دولة القانون والإنتاج والتكافل، وبالتالي بلوغ ما وصفته: (دولة الإنسان)، وطالما أن الحكومة الحالية ستسعى لتحقيق دولة الإنسان في المستقبل فدولة من تكون الدولة القائمة حاليا؟! فقد بتنا منذ زمن بعيد أمام فيض من الشعارات الوهمية التي إعتادت الحكومات المتعاقبة على إطلاقها لتجميل صورتها لدى المواطنين الذين فقدوا الثقة بها، لذلك فما بين أيدينا ليست خطة للنهوض الوطني، بل موسوعة شعارات .

لقد جاءت هذه الخطة نسخة مستحدثة عن خطط ورؤى فاشلة سبق أن قدمتها حكومات سابقة، وعدت بها تحسين أحوال الدولة الأردنية ومنها: (الأردن 2025 رؤية إستراتيجية وطنية)، والتي وضعتها حكومة الدكتور عبدالله النسور، و(خطة التحفيز الاقتصادي 2018 – 2022 )، التي أعدها مجلس السياسات الاقتصادية إثناء حكومة الدكتور هاني الملقي، وقد تضمنتا أفكارا براقة ووعوداً جميلة، لكنهما فشلتا فشلاً ذريعاً في تحقيق أي منجز للدولة ذو قيمة، بل ساءت أوضاع الدولة كثيراً، مما يثبت فشل الجهات التي أشرفت أو ساهمت بإعداد مثل هذه الخطط، والفشل نفسه سيتكرر مع (خطة النهوض الوطني 2019-2020 ) التي وضعتها الحكومة الحالية، كونها ليست خطة، بل دغدغة لمشاعر الرأي العام، ومحاولة حكومية لكسب الوقت خلال ما تبقى من عمرها دون أن تواجه بشكل أو بآخر تجربة كتجربة الدوار الرابع.

لقد طرح في أكثر من موقع في الخطة موضوع إعادة رسم علاقة المواطنين بالدولة، بينما يفترض أن تتضمن الخطة إعادة رسم علاقة المسؤولين بالدولة، حيث أثبتت مسيرة الأردن خلال العقود الثلاثة الاخيرة عدم أهلية الغالبية العظمى من المسؤولين لتولى إدارة الشأن العام، مع ذلك تتم مناقلتهم بين المناصب الحكومية، مما أدى لتبديد موارد مالية ضخمة عليهم بلا جدوى، والسماح بتراكم المزيد من تجاربهم الفاشلة في أروقة وزاراتنا ومؤسساتنا وأجهزتنا الرسمية، والأهم من ذلك دورهم الهدام بتوسيع فجوة التنمية الاقتصادية بين الاردن والدول الاخرى.

ومع أن التحدي الرئيسي الذي واجه الأردن عبر العقدين الأخيرين كان في المجال الاقتصادي، كأزمة عجز الموازنة، والمديونية، العجز التجاري، ضعف الصادرات الوطنية، والبطالة الحادة وما لها من تداعيات خطيرة على الأمن الإجتماعي، مع ذلك ركزت الخطة على الكثير من المسائل الثانوية واهملت العناصر الرئيسية من أزمات الأردن وخصوصاً أزمة البطالة التي وصل معدلها في الربع الثالث من هذا العام إلى 18.7% وتعد من أعلى النسب العالمية، إذا ما إستثنيت الدول التي تعاني من صراعات سياسية وعسكرية، ووفقاً لهذه النسبة فقد بلغ عدد الأردنيين المتعطلين 310 ألاف شخص هم بلا عمل وبلا دخل، وسيزداد هذا العدد في العامين القادمين، أي خلال سنتي الخطة، وغالبيتهم من الشباب والشابات، وبالتالي فإن ما يقنع المتعطلين عن العمل هو توفير فرص عمل لهم وبأجور مجزية، وليس صرف شعارات فارغة لهم عن التمكين والريادة والإنخراط في الأعمال التطوعية والبرامج التدريبة والندوات التثقيفية التي لا تعود بمنفعة ملموسة وحقيقية عليهم.

لقد تضمنت خطة الحكومة توفير 60 ألف فرصة عمل بمعدل 30 ألف فرصة عمل سيتيحها القطاع الخاص في كل من سنتي الخطة، وقد أظهرت الحكومة أن ذلك سيكون من إنجازاتها، مع أن هذا العدد من الفرص تمثل الزيادة الطبيعية في فرص العمل التي يستحدثها سوق العمل الأردني سنوياً، وعلى مدار السنوات السابقة، فقد تمت هذه الإستحداثات السنوية في عهد جميع الحكومات السابقة دون أن تتحدث عنه ويشار إليها، ومما يؤكد ذلك نشر وزارة العمل لهذه الفرص المستحدثة في تقاريرها السنوية، فذكرت في تقريرها السنوي لعام 2015 أن سوق العمل الأردني إستحدث 49 ألف فرصة عمل غالبيتها العظمى في القطاع الخاص، و48 ألف فرصة عمل في تقريرها لعام 2016 و 50 ألف فرصة عمل لسنة 2017، ومن المتوقع عدد مماثل في العام الحالي 2018، بل إن ما أوردته الحكومة في خطنها عن إستحداثها لـ 30 ألف فرصة عمل جديدة في كل من عامي 2019 و 2020 هو أقل مما إستحدثه سوق العمل الأردني في السنوات السابقة، لذلك من غير اللائق أن تنسب الحكومة لنفسها الفضل في إستحداث هذا العدد من فرص العمل طالما أن مثل هذا الإستحداث كان يتم في عهد الحكومات السابقة، بل كان يتم بأكثر مما وعدت به الحكومة الحالية، وطالما أن البطالة في عهد الحكومات السابقة كانت تزداد بموازاة هذه الإستحداثات، فذلك يعني أن معاناة شباب وشابات الأردن من البطالة المرتفعة ستستمر بقوة خلال سنوات الخطة المقترحة، ما لم يحدث تغيير جذري في حجم الإستثمار الجديد، وما لم تعاد هيكلة القطاع الحكومي لإخراج من إجتازوا الفترة المقبولة للتقاعد، لتعيين بدلاً منهم من المتعطلين عن العمل.

أما في مجال الصادرات وتنميتها والتي تعتبر أهم عنصر في تطوير اقتصادات الدول، فقد ظهر ما يتعلق بها في خطة الحكومة كهدف هزيل جداً، فقد أشارت لزيادتها بنسبة 5% سنوياً، وهذه النسبة لا تعتبر إنجاز طالما أن الصادرات الأردنية في سنوات سابقة تمكنت من تحقيق زيادة نسبتها 6% في عام 2014 ونسبة 14% في عام 2011 ونسبة 38% في عام 2008، و26% في عام 2006 ونسب مرتفعة في سنوات أخرى، مع ذلك لم تكن هذه النسب كافية لتطوير الصادرات الأردنية بما يضعها في مرتبة تنافسية عالمية مقبولة، حيث تحقق دول أخرى تتشابه ظروفها مع ظروف الأردن زيادات سنوية في صادراتها بمليارات الدولارات، وبعضها بعشرات مليارات الدولارات، أي ما يزيد على الصادرات الأردنية بمجملها، لذلك فإن ما جاء بخطة الحكومة حول زيادة الصادرات الوطنية بنسبة 5% في العامين القادمين تعتبر نسبة متدنية جداً، لا تخدم الاقتصاد الوطني، بل ستلحق به ضرراً كبيراً، نظراً لأهمية قطاع التصدير الإستراتيجية في جلب العملات الأجنبية من الخارج.

كما لم تتطرق الحكومة في خطتها لأهم قطاع اقتصادي، وهو القطاع الصناعي الذي ترتكز عليه الصادرات الوطنية بشكل أساسي، هذه الصناعة التي هي سبب تطور الدول مثل سنغافورة، وكوريا الجنوبية، اليابان، المانيا، بريطانيا، أمريكا وفرنسا وغيرها، وبدون تطوير هذا القطاع ودخوله مجال التكنولوجيا فائقة التطور وتحفيزه، وتركيز الجهود الوطنية لإعادة هيكلته وبناءه، ستبقى الدولة الأردنية ضعيفة وهشة إقتصادياً، وندرك أن تطوير هذا القطاع الإستراتيجي يحتاج لحكومات مختلفة جذرياً عن هذا النمط التقليدي من الحكومات التي إعتاد الأردن عليها خلال العقود الأخيرة، لذلك سيبقى الحديث عن خطة النهوض الوطني بمعزل عن تطوير القطاع الصناعي الأردني بشكل جذري هي محض أوهام وخيال.

اخيراً ما ورد في خطة الحكومة 2019 – 2020 هي وعود أقرب إلى الشعارات الرنانة من الأهداف ، هذه الشعارات لا تقنع المواطنين، لأنها مجرد كلام معسول لا يقري ضيوفاً كما يقول مثلنا الشعبي، ولقد سئم الشعب الأردني من هذه الشعارات والوعود البراقة التي برع المسؤولون الأردنيون بصكها على مدار العقود الأخيرة، فما يعني المواطنين هو تحسين ظروفهم المعشية التي تدهورت كثيراً في السنوات الاخيرة، وتشغيل أبناءهم وبناتهم الذين تفترسهم البطالة، وتحسين مستوى الأجور الرديئة في سوق العمل الأردني التي لا تكاد تلبي الإحتياجات المعيشية للعاملين لمدة إسبوع واحد.








طباعة
  • المشاهدات: 36848
برأيك.. ما خيارات ترامب للتعامل مع إيران بعد فوزه بانتخابات الرئاسة الأمريكية؟
تصويت النتيجة

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم