10-12-2018 08:02 AM
بقلم : النائب السابق خلود خطاطبة
في الوقت الذي تتعالى فيه أصوات لإلغاء الكوتا النسائية من أي تعديل مرتقب على قانون الانتخاب في الأردن، تخطو دول عربية الى الأمام في مجال تعزيز دور المرأة وانخراطها في الحياة السياسية على أساس التكافؤ وليس نظام "الصدقات" السياسية التي تمنح للمرأة العربية من حين لآخر على سبيل "الديكور" لا أكثر.
الامارات تقرر ان يكون نصف أعضاء المجلس الوطني الاتحادي (المجلس التشريعي) فيها من النساء، حتى يكون هذا المجلس ترجمة حقيقية لمستوى مشاركة المرأة ووجودها في الحياة العامة الذي يصل في مجتمعات عربية الى نصف المجتمع ان لم يكن أكثر من ذلك.
بغض النظر عن نضوج التجربة التشريعية في أي دولة عربية، لكن بلا شك فان سعي دولة مثل الامارات الى تطوير الحياة السياسية فيها على أساس التوازن والتكافؤ بين مكونات المجتمع، دليل على حرصها نحو ترسيخ الحياة السياسية مستقبلا بشكل واقعي وفتح الآفاق أمام الجميع لخدمة دولته، دون اي تمييز بين ذكر وانثى.
في رئاسة المجلس الوطني في الامارات اليوم سيدة هي الدكتوره أمل القبيسي، التي وصلت الى قبة المجلس عبر انتخابات تشريعية، ايمانا من المجتمع بدور المرأة الهام في الحياة السياسية من جهة، ومن جهة أخرى هو ايمان الساسة في تلك البلاد بان المرأة الاماراتية قادرة تماما على قيادة دفة العمل السياسي.
لعل التجربة الناجحة للدكتورة القبيسي وتجارب نساء اماراتيات أخريات تولين حقائب وزارية ورئاسة مؤسسات وانخرطن في القطاع الخاص، دليل واضح على ان قرار رفع نسبة تمثيل المرأة الى النصف مستقبلا سينعكس أثره ايجابا على المجتمع، فالواقع اثبت ان المرأة أكثر حساسية تجاه مجتمعها وفئاته الضعيفة وبالتالي كانت الأكثر تفانيا في خدمة هذه الشرائح في مختلف مواقعها ولعل التشريع أهمها.
القرار الاماراتي هو انتصار للمرأة العربية عموما، عله يكون نقطة الانطلاق لدول أخرى همشت دور المرأة في الحياة السياسية، وبعضها تقدم خطوات لا تعدو كونها "صدقات" سياسية لذر الرماد في العيون، اضافة الى ان القرار يتوج نضال المرأة العربية لإقناع الساسة بان يتم تمثيلها وفق أرقام تواجدها الواقعية في المجتمعات.
الأهم في مثل هذه القرارات هو الصورة الايجابية التي تعكسها الدولة عن المرأة العربية وقدرتها وامكاناتها العملية والعلمية، حيث بالضرورة سينعكس هذا على الوعي اجتماعيا بعد سنوات من تطبيق القرار، ويجعل من الجيل القادم مرشحا وناخبا، جيلا مؤمنا بأهمية دور المرأة بعد ان يعتاد على وجودها في المؤسسة التشريعية بهذه النسبة العادلة ل"نصف المجتمع".
الدساتير في دول كثيرة لم تعارض "التمييز الايجابي" الذي يمكن أن يرفع من سوية شرائح مهمشة عانت طوال عقود ماضية، والأهم من الدساتير والقوانين هو ايمان المجتمع بدور مثل هذه الفئات ومنها دور المرأة العربية التي أثبتت نجاحها وتفوقها في قطاعات عديدة، لكنها تحتاج الى موقع يمكنها من عكس نجاحها على أوجه تنمية دولتها وشعبها.