12-12-2018 12:17 PM
بقلم : د. غازي عبدالمجيد الرقيبات
أما وقد تم إقرار قانون ضريبة الدخل بحلته الجديدة ، والذي سوف يصبح ساري المفعول مع مطلع الشهر القادم ، نذّكر بداية أن البورصة تعد انعكاساً حقيقياً عن واقع الاقتصاد لأي دولة في العالم ، ومن خلال تتبعنا لتعاملات الأيام الأخيرة لبورصة عمان نجد إنها الأسوأ وذلك نظرا لانخفاض حجم الأسهم إلى حدودها الدنيا المسموح بها ، وتوالي انحدار مؤشرها فبسبب هذا القانون وكما ذكر رئيس مجلس ادارتها ( د. جواد العناني) فقد وصلت خسائرها حتى اليوم مليار دينار من قيمة أسهم هذا السوق نتيجة لوضع ضريبة على أرباح المضاربة فهل يخفى علينا لنقول ما السبب ؟ لنصطدم بكل هذه المؤشرات المفزعة الصادرة عن البورصة ، وهنا لا يختلف اثنان من ان ذلك يعود الى اقرار قانون ضريبة الدخل والذي اخذ على عاتقه فرض ضريبة على الارباح الرأسمالية الناتجة عن المتاجرة بالأسهم ( ضريبة على ارباح التداول) ورغم ان هذه العمليات تقوم على مضاربات وليس استثمارات في اصول حقيقية ، ونعلم يقيناً ان الفائدة تعود بالتالي لمصالح شخصية ، مع ذلك لابد من مقارنة السلبيات مع الايجابيات المتوخاة من تطبيق القانون وبشكل شمولي للوقوف على واقع الحال المأمول ، لكن المفزع في الامر تجد ان القانون لم يطبق بعد والخسائر اخذت تجتاح البورصة والتي تظهر جليا للعيان ، فها هي بدايةً الشؤم اخذت تجتاح محفظة الضمان الاجتماعي في بورصة عمان والتي تجاوزت خسائرها 200 مليون دينار (وكم اتمنى هنا على مؤسسة الضمان الاجتماعي توجيه استثماراتها نحو المشاريع الحقيقية في السوق المحلي ليكون لها الدور الريادي في المساهمة في تشغيل المزيد من الايدي العاملة الوطنية وتخفيض نسب الفقر المرعبة لتكون الفائدة عامة ) ، اما بالنسبة للاستثمارات الاجنبية في بورصة عمان فنلاحظ انها قد استشعرت مخاطر القانون الجديد واخذت الدروس والعبر من الانتكاسات والخسائر المتتالية التي اصابت البورصة في الايام الاخيرة ولهذا السبب كانت النتيجة مؤلمة فتوالت عمليات البيوع الكبيرة بعد اقرار قانون الضريبة الجديد وخسرنا الكثير، والان وبعد الخسائر المتلاحقة وتوالي هجرة الاستثمارات المحلية والاجنبية وحالة الضبابية التي تجتاح بورصة عمان ، اقول ماذا جنينا من قانون ضريبة الدخل الجديد اذا كان الحال كذلك ولم يطبق بعد ؟
اعتقد جازماً ان الاثار السلبية الجامحة للقانون الجديد سوف تؤدي الى الحد من الاستثمارات الداخلية والخارجية وبالتالي يفتقد بلدنا للبيئة التنافسية (كبيئة جاذبة للاستثمارات ) وسوف يفتقد الكثير من ابناء وطننا فرص العمل المتاحة لهم ، وتتفاقم وتتسع مشكلتي الفقر والبطالة والتي نعاني منها اصلاً ، إن بورصة عمان تحتضر اليوم، وكلما تأخرنا بإنقاذها يوما سوف تتعاظم وتزداد خسائر البورصة وبالتالي خسارة القطاعات الاقتصادية المختلفة.
وفي هذه اللحظات العصيبة التي يمر بها هذا الصرح الوطني (بورصة عمان) تقتضي المواطنة الحقّة والاحساس بالمسؤولية تجاه مقدرات هذا الوطن الاعز مواجهة تلك الخسائر التي سوف تلحق بالاقتصاد الوطني، لذلك ارى ضرورة وقف قانون ضريبة الدخل او تلك الجزئية من القانون والتي تطال المتاجرة بالأسهم للحد من الخسائر التي سوف تلحق بالمستثمرين وبورصة عمان لئلا تصل بنا الامور -لا سمح الله- إلى إغلاق البورصة أو تعليق التداول فيها وعندها سوف يكون الفأس بالرأس ونصل إلى مرحلة اللاعودة (مرحلة الانهيار الكارثي لها) ....فهل من مغيث لبورصة عمان وهي تستغيث ..؟!!