حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الجمعة ,27 ديسمبر, 2024 م
طباعة
  • المشاهدات: 20930

الاستقرار

الاستقرار

الاستقرار

16-02-2011 04:23 AM

تعديل حجم الخط:

بقلم :

تشهد الساحات العربية مظاهر غضب تحمل دلالات ,  قد يختلف إدراكها  باختلاف المواقع, لاختلاف القدرات العقلية و الثقافية و تباين  المصالح,  و يصعب أن يكون الفهم واحد في أي مجتمع  , فقد يفهمه المخلص في اتجاه ,  و يفهمه المغرض بصورة مغايرة تماما ,  على أن فهم النخبة من السياسيين  و المثقفين , لا بد أن يجري العمل على انسجامه , و لا يكون ذلك إلا بالحوار الهادف المخلص و البناء,  على قاعدة من  الاحترام, و الأهداف الوطنية المشتركة, و الابتعاد عن المزايدة أو الابتزاز .

من أهم الدلالات  التي اعتقدها

1- عدم الرضا على نطاق واسع من ممارسات النخب  المتنفذة, سواء أكان  ذلك مبررا بأسباب حقيقية أم موهومة , و في هذا الإطار تتحمل النخب المتنفذة النصيب الأكبر من الوزر,  لأنها لم تحاول التواصل الكافي لوضع الأمور في النصاب الصحيح ,  و بذلك تراكم الغضب. و إهمال الغالبية من المشاركة في الفهم يعني الوصاية أو التهميش, و به تجرح الكرامة, التي تفضي لمزيد من الاحتقان.

2-  وعي الجماهير العريضة من المحكومين,  بما يحقق الأهداف و الطموحات,  أصبح كبيرا , و عليه فقد تغيرت قواعد العلاقة بين الحاكم و المحكوم , فقد استطاعت وسائل الاتصال الحديثة أن توفركما من المعلومات و المعرفة الواعية بالحقوق و الواجبات, إن عدم إدراك هذا المتغير ولد الاحتقان الذي لم يرصد , ولم يعمل على تفريغه, فجات الإحداث على غير توقع.

3- حرص الغالبية العظمى من جماهير الشعب على ما يحقق الأمن و الاستقرار,  لا يمكن إلا أن يكون حقيقيا,  و لم يعد التخويف من الوهم أو الاتهام بالتخوين أمرا سهلا, و بذلك تحققت المفاجأة التي ولدت الإرباك,  الذي  أفضى لردود أفعال عنيفة, فلم تجدي نفعا, مما فاقم الغضب , فكان كمن يصب الزيت على النار المشتعلة.

4- استغفال النخب المتنفذة للجماهير,  و تجاهل النخب المتنفذة  للمطالب المشروعة في الإصلاح ,  و غياب القراءة الصحيحة للنذر, هو ما دفع إلى اختيار التغير طريقا,  و الذي تستخدم من اجله مختلف الوسائل, و في مثل هذا الوضع تحشر الشعوب بين أمرين أحلاهما مر. كما يبدو جليا للعيان في الإحداث الأخيرة في تونس و مصر, و قد يكون للبعض إدراك مختلف, و دلالات مغايرة, يرتب عليها استحقاقات أخرى.

الشعوب تمهل و لا تنسى,  لان ذاكرة الشعوب تراكمية,  فيما يتعلق بحقوقها و دورها و كرامتها, لان طبيعة الأشياء  هي التطور, فلو أدركت النخب المتنفذة على مر التاريخ هذه القواعد  البديهية,  فإنها لن تتمادى في إهمال مطالب الشعوب , و ما يترتب عليها من  ثورات و حروب, فالإصلاح ليس مطلبا نخبويا  مرتبطا بمشروع خارجي, أو ترفا فكريا غير مرغوب, فدوام الحال من المحال عندما يتواتر المقال.

الإصلاح الحقيقي يحقق التطور و التنمية, فتتولد القناعة بالمستطاع الممكن,   و تعمم  الفوائد على كافة المستويات,  و يتحقق الاستقرار و يعتزز الأمن, بالرغم من تضرر فئة محدودة من تبعات الإصلاح, و يكون الضرر  بحده  الأدنى , حيث يتطلب  الإصلاح تنازلا  عن بعض من المكتسبات و الامتيازات, و لكن الإصلاح  لا يقلب القواعد , فهو مختلف عن التغير, الذي يتضمن التشريد و ألتطريد و الملاحقة,  و انتزاع للحقوق الأساسية, إضافة للمكتسبات و الامتيازات , فأيهما يختار المدرك الواعي المخلص لأهداف نبيلة مشروعة.

هناك أصوات مخلصة تدعوا  للإصلاح,  لا ترتبط بأجندة شخصية أو حزبية أو فئوية أو عائلية, إهمال الاستماع إليها و الحوار معها , سيولد حالة من احتقان الغضب و عدم الرضا , الذي لا تحمد عقباه على الجميع.

الاعتماد على دعم الحلفاء لا يمكن أن يكون مضمونا في كل الأوقات , و الاستجابة لمطالب الشعوب في الإصلاح و الالتحام مع الغالبية, و تسخير الجهد لخدمة الأهداف العليا, هو  الضمان الأكيد للاستقرار , فكل قوى الأرض الخارجية لا يمكنها تغير قناعة شعب و في قنوع لإحداث ثورة . و  في المقابل, فان الحكم الذي يستمد بقاءه و شرعيته و وجوده,  على دعم  القوى الخارجية مهما عظم شانها, يعتبر  وضعا غير طبيعي, و هو بالتالي غير مستقر,  لان الاحتلال المباشر,  و الهيمنة عن طريق القوة,  أمر غير طبيعي, فلم يذكر التاريخ استمرار احتلال, فكل احتلال زائل لا محالة مهما حشد من قوة للاستمرار,  فكيف يدوم البديل أو الوكيل.

التشريعات وحدها تكفل الأساس لتحقيق الإصلاحات الحقيقة , و المحاسبة وحدها تلزم بحسن تطبيق التشريعات, و هي الضمان الأكيد للإصلاح, و  لان مصالح الوطن,  لا بد أن تعلو على كل المصالح الضيقة , فئوية أو جهوية أو شللية أو حزبية, فلا بد من تشريعات تحقق التنمية و تعزر المشاركة, و تحاسب المتجاوز, و تردع المتحايل, فتكون النتيجة  مزيدا من الاستقرار.

في الضروف الصعبة و العصيبة,  لا سبيل إلا الحوار, و لا مقام إلا للكلمة الصادقة, التي تتجرد من الهوى و الغرض, و تسقط كل الحسابات الضيقة,  و العاقل من اتعظ بغيره,  فمن يصر على إزاحة  النار على قرصه, واهم بالغنيمة,  و من أصر أن يشرب بخرق السفينة , أو أن يطرح جملا لإطعام مدلل, عابث بالأمن , مستهترا بالاستقرار, مغرضا في نصحه و مشورته,  سيغرق الجميع بما لا يريد , و ما  لا ترضاه الغالبية من المخلصين , و الشعوب لا تلجا للتغير,  إلا إذا تعذر الإصلاح, الذي تقاومه فئة متنفذة تغلب مصالحها الضيقة على مصالح الوطن و أمنه و استقراره. الفئات المتنفذة من أصحاب المصالح الضيقة قد تتجاوز الخطوط الحمر و الثوابت الوطنية, سعيا لتحقيق مصالحها.   








طباعة
  • المشاهدات: 20930
 
1 -
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
16-02-2011 04:23 AM

سرايا

لا يوجد تعليقات
الاسم : *
البريد الالكتروني :
التعليق : *
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :
لا يمكنك التصويت او مشاهدة النتائج

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم