23-12-2018 09:56 AM
سرايا - سألنا عن الشيخ الشهير في بلدة اليامون شمال غرب مدينة جنين؛ فأرشدنا المارّة إليه. الوقت قبل أذان المغرب بقليل، نزلنا عن سطح الشارع مقدار درجتين؛ إلى غرفةٍ مستطيلةٍ ضيّقة، تقيس مترين بثلاثة. وجدنا الشيخ علي المفلح منهمكًا في خياطة حذاءٍ عتيقٍ متخلخلٍ يشبه جدران الغرفة ودهانها والأدوات التي يخيط الشيخ بها.
"سكافي"، بمعنى مصلِّح أحذية، هذه الشغلة "الدُّنيوية" الوحيدة التي يضطر الشيخ للانشغال بها عن العبادة؛ كي يجني قوت يومه، هذا ما أخبرنا به لاحقًا.
نزلنا الدرجتين وألقينا السلام، وجلسنا ننتظر انتهاءه مما في يده، دقيقةٌ ودخل فتى يدعى جبر يقارب عمره 15 عامًا، وقال للشيخ: "أبوي بقولك تعال عنا عالدار، إنت والمشايخ دقوا العدة وامدحوا النبي وقولوا قرآن عشان أخوي انكسرت إيدو وطاب".
وافق الشيخ لكنه طلب التأجيل إلى بعد المغرب، لأنه صائم، فرد جبر، "إنت بس تفضل يا شيخ وبنجهز الأكل بتفطر عنّا".
سألنا جبر وهو يهم بالخروج؛ عن مدعاة ذلك، فأوضح لنا أن دق العدّة في البيت يطرد منه النحس والشياطين. بعد قليلٍ رُفع أذان المغرب، وصلى الشيخ في المسجد القريب، ثم ذهبنا مع نفيرٍ من المشايخ وبدأت المراسم.
ما هي الصوفية؟
الدراويش، أولياء الله الصالحين، الأتقياء، الكرامات، المقامات، مرفوع عنهم الحجاب، مولانا، سيدي الرفاعي، زاوية الشيخ، دقّ العدة وحمل الأعلام، الفاتحة على رُوحْ سِيِدْنا النبي، مدح النبي، البخور، البازة والنوبة والكاسات والدف... الله الله، الله حي الله حي. عندما نعثر بشيءٍ من قبيل هذه الألفاظ، نفكّر مباشرةً بالصوفية والصوفيين والمتصوّفة.