03-01-2019 01:01 PM
بقلم : م. سمير الحباشنة
لا أضيف شيئاً إن قلت أن دمشق هي الأقرب لنا، ونحن الأقرب إليها، فالشام «الكبرى» هي الهوية الجامعة لنا في الأردن وسوريا ولبنان وفلسطين، وإن أردنا أن نوسع فتحة الفرجار قليلاً، تكون بغداد في صلب كينونتنا الصغرى، وفي إطار كينونتنا الكبرى «العروبة».
ذهب دولة الرئيس الى تركيا وإلى العراق، وهو نشاط حميد لا بد أن يأتي بالخير، فالإتصال بجوارنا غاية في الأهمية وله منافع وعلى كل الصعد، ولكن الذهاب الى دمشق الآن وليس غداً وبهذه الظروف بالذات، له معنى خاصا إيجابي وحيوي ومنتظر، ولا يجوز أن يرتبط مبدأ تعزيز علاقتنا مع دمشق وصل ما انقطع منها بأي ظروف إقليمية أو دولية.
ولا يجوز أن ننتظر حركة الآخرين نحو دمشق حتى نتبعها خصوصاً وأنّ الأردن وطوال أزمة الأشقاء في سوريا والحرب التي أعلنت عليها، طوال السنين السبع العجاف،انّ الأردن لم ينغمس بها، وحاول جاهداً وبرغم كل الضغوط المالية والسياسية المعلنة والمخفية، حاول جاهداً أن يلتزم المبدأ الذي طرحه الملك منذ اليوم الأول للأزمة، وهو المناداة بحل سلمي وبمائدة الحوار كبديل للحرب، وهو البديل الذي أكّد عليه المجتمع الأردني وقواه الحيّه الواعية التي ليس لها أجندات غير وطنية أو تلك التي يمثّل موقفها رجع صدى لموقف الآخرين. وإننا في الجمعية الأردنية للعلوم والثقافة، وفي اطار اجتماعاتٍ واسعة لقوى وأحزاب عديدة يسارية وقومية واسلامية ووطنية، قمنا بتشخيص ما يحدث في سوريا مبكراً، وقلنا «موثّق»أن سوريا تتعرض للتقسيم والدمار كمحطة رئيسية في سياق تحطيم الأمة وإشغالها بحروب داخلية، وإنهاء أي إمكانية لتقارب أقطارها، وصولاً الى خدمة المشاريع المضادة التي تستهدف العرب جميعهم ولا تميز بينهم لا على اساس ديني ولا مذهبي ولا مناطقي.
والحقيقة أن الأردن لم يمتثل الى قرار الجامعة العربية بإلغاء أو تجميد العلاقات الدبلوماسية مع سوريا، وبقيت سفارتينا في عمان ودمشق مفتوحتان، بل وأنّ عمان قد سهّلت مهمة المواطنين السوريين لأن ينتخبوا في انتخابات الرئاسة للرئيس بشار الأسد، بل ولم تستجب الحكومة الأردنية الى إبقاء معبر نصيب جابر وبقية المعابر مفتوحة بعد أن سيطرت عليها الجماعات المسلحة. والأهم من ذلك أن الأردن، وبالرغم من الضغط الشديد عليه لأن يكون جزءًا من الحرب في سوريا، قد صمد ورفض الانغماس أو ارسال أي جندي الى الأرض السورية. وكان واجب جيشنا العربي فقط هو حماية الحدود.. ومنع تسلل قوى الارهاب والتشدد.
إنّ تلك هي مقدمات لتؤكّد بأننا والأخوة في سوريا نمتلك كل مقومات اعادة الحياة الى علاقتنا السياسية والاقتصادية والاجتماعية، بل وأن يأخذ الأردن مكانه في اعادة سوريا الى بيئتها ومحيطها العربي، وأن نحمل مبادرة إعادة سوريا الى الجامعة العربية، لا أن يحملها غيرنا، بل وأن نحمل ايضاً مبادرة إعادة الوصل بين سوريا والأقطار العربية، وخصوصاً تلك التي تورّطت في الموضوع السوري واثبتت الوقائع أن حساباتها كانت خاطئة.
وبعد، أنتظر من الأخ الرئيس عمر الرزّاز مبادرة كبيرة بحجم كبر العلاقات الأردنية السورية، وأن يتحرك الى دمشق، ويعيد وصل الحرارة الى خطوط الاتصال مع الشقيقة سوريا، وأن نكون معاً في قادم الأيام، خدمةً لعلاقتنا الثنائية ولقضايانا العربية عامة، وأن لا يلتفت الى الكثير من التحذيرات الواهية والتي لن تصمد أمام حقائق الجغرافيا والتاريخ ووحدة الدم والمصير والمصالح المشتركة. والله والوطن من وراء القصد ،،،