حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الجمعة ,22 نوفمبر, 2024 م
طباعة
  • المشاهدات: 13269

دِفَاعاً عن العلمانية

دِفَاعاً عن العلمانية

دِفَاعاً عن العلمانية

16-02-2008 04:00 PM

تعديل حجم الخط:

بقلم :

 لا استغرب "استغلال"، بعض الجهلاء والمتأسلمين في عالمنا العربي، احتجاج الكماليين (العلمانيين) الأتراك على مشروع حكومتهم السماح للنساء بارتداء الحجاب في الجامعات التركية لتشويه صورة العلمانية ومبادئها وإظهارها بمظهر المعادي للدين والمتدينين. لا استغرب ذلك، هذه واحدا من أساليبهم المعروفة للترويج لأيدلوجياتهم الأصولية الدينية المتطرفة. العَـلمانية secularism " " تعني فصل الدين والمعتقدات الدينية عن شؤون الدولة وإدارتها، على اعتبار ان التفكير العقلاني في تحديد معاني الأشياء وتقدير قيمتها وترتيب أولوياتها والعلوم وتطورها وليس المعتقدات الدينية وحدها هو السبيل الكفوء الذي يضمن إنقاذ الإنسان وتحسين حياته وتطوير نوعيتها، وانتشاله ومؤازرته أثناء كفاحه في مسيرته الحياتية نحو الأفضل. فالعلمانية، إذن، تدعو إلى أن تكون جميع القرارات المتعلقة بشؤون الحكم والإدارة والتشريع والقضاء مستندة إلى الأسس الموضوعية والمنطقية والمصالح الوطنية والتوازنات السياسية والاعتبارات الأخلاقية، وليس إلى الأسس الدينية والتفسيرات الغيبية. ولا يعني ذلك على الإطلاق إنها ترفض الدين أو تتنكر له أو تقلل من قيمته وأهميته، الأمر الذي يميزها بوضوح عن الإلحاد، وهي بالتأكيد لا تناصب العداء لرجال الدين والمتدينين، ولا تدعو مطلقا للنكاية بالمقدسات، بل إنها على العكس من ذلك، تريد للمؤسسات الدينية ودور العبادة أن تكون المعاقل السامية التي تضطلع بمهامها الروحية النبيلة وتطالب بتطبيق حرية الأديان والمذاهب والمعتقدات على المستوى الفردي، ما دام ذالك لا يتجاوز العلاقة الخاصة بين الفرد وربه، الأمر الذي يتناقض مع ما يطالب به الكماليين الأتراك عدم السماح للنساء ارتداء الحجاب داخل حرم الجامعات او في الأماكن العامة في بلدهم، فالعلمانية تَعتبر ارتداء الحجاب سلوك شخصي لا يؤذي احد، ما دام لم يفرض بالقوة، وحرية شخصية لا تتعارض مع مبادئها التي تحترم الحريات الشخصية. هناك الكثير من القادة ورجال السياسة والمتخصصين في إدارة شؤون الدولة وتشريع القوانين، المعرفين بأيمانهم والتزامهم بأديانهم لكنهم لا يخلطون بين واجباتهم الدينية والمدنية. بالمقابل فإن ثمة العديد من علماء الدين والمتدينين الحقيقيين الذين يؤمنون بصحة منهج العلمانية ويدعون إلى تطبيقه، لإدراكهم بأنه المنهج الذي يكفل احترام الدين ويصونه من الابتذال عن طريق إبقائه بعيدا عن نفاق السياسة وابتذال أساليبها للحفاظ على صورته النقية المقدسة التي تُعنى بعلاقة الخالق بالمخلوق. إن الفصل بين الدين والدولة، هو فصل بين السياسة التي تقوم على المراوغة وحسابات المصالح، وبين الدين الذي يقوم على المبادئ الأخلاقية، إن الخلط بينهما كما قال عالم الاجتماع د. سعد الدين إبراهيم هو "خلط بين المقدس والمدنس". العديد من الدراسات الأكاديمية في علم التاريخ السياسي تؤكد على ان الذين يرفضون الفصل بين الدين والدولة في أي مجتمع هم فئة الجهلة والمتعصبون والمتطرفون وأصحاب المصالح، على ان العلمانية غالبا ما تكون نتيجة طبيعية للتطور الحضاري للمجتمعات. ( رئيس هيئة تحرير صحيفة المشهد)








طباعة
  • المشاهدات: 13269
 
1 -
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
16-02-2008 04:00 PM

سرايا

لا يوجد تعليقات
الاسم : *
البريد الالكتروني :
التعليق : *
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :
برأيك.. ما خيارات ترامب للتعامل مع إيران بعد فوزه بانتخابات الرئاسة الأمريكية؟
تصويت النتيجة

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم