17-12-2008 04:00 PM
سرايا -
سرايا- نشرت صحيفة القدس العربي تقريرا اتهم فيه النواب الاردنيين بانهم يمارسون تصفيه الحسابات في اسئلتهم للحكومه وان هذه الاسئلة تعتبر في الغالب تعبيرا عن خلافات شخصيه
سرايا تنشر التقرير الذي جاء في نصه:
وضع المشرع الاردني آلية السؤال والاستجواب كحقوق لاعضاء البرلمان لاستخدامها واستثمارها في الصالح العام عموما، لكن اهم ما يزعج المراقبين لأداء البرلمان واحيانا بعض كبار المسؤولين هو توسع قاعدة الاستخدام الشخصي او للاغراض السياسية في اطار الصراع داخل لعبة البرلمان للآليات الدستورية المشروعة في اطار تصفية الحسابات واقلاق الجميع بالنتيجة.
وفي الماضي كانت آليات الاستجواب وتوجيه الاسئلة الدستورية تستخدم احيانا لاغراض تصفيات الحساب السياسي بين مراكز القوى، لكن الجميع كان يرفض هذا الاسخدام ويعتبره شاذا، واليوم انقلبت موازين المشهد تماما فعدد لا يستهان به من الاسئلة الاستجوابية التي يحق للنائب توجيهها يدخل في نطاق النكاية او النكاية المضادة او السعي لتصفية الحسابات في ابعادها الشخصية او الرد عليها في اطار تصفية موازية لحسابات الطرف الآخر.
ومن هنا انشغل الرأي العام مؤخرا في رصد هذه الظاهرة المستجدة والتي لم تعد قصرا على السؤال الذي يوجهه برلماني للحكومة بل امتدت لتشمل اسئلة برلمانية صيغت قصدا لاحراج نائب آخر احيانا او لمضايقة ومطاردة خصوم بعض النواب او المختلفين معهم بالرأي.
هذا الأمر بدأ يرهق الحكومة في الواقع خصوصا وان الدستور يجبرها على الاجابة في وقت محدد وبالتفصيل الذي يطلبه ممثل الشعب، وعليه يفيد مكتب وزير شؤون البرلمان في الحكومة بتكدس كميات كبيرة من الاوراق والتقارير والوثائق التي تحاول الاجابة على اسئلة النواب الامر الذي يحتاج لجهد ووقت كبيرين ويؤدي في بعض الاحيان لارباك واحراج السلطات الحكومية، خصوصا اذا تعلق الامر بمسألة او ملف يدخل في نطاق الاسرار او المعلومات التي لا يفضل النقاش فيها خصوصا وان النواب بالعادة يوزعون اسئلتهم مسبقا وقبل تسجيلها رسميا على وسائل الاعلام بهدف انتاج مساحة مساندة من الضجيج والاثارة.
واغلب الامثلة على هذا المنوال محرجة الى حد كبير حتى الآن فالخصومة العلنية تقريبا بين كتلة التيار الوطني البرلمانية التي يترأسها رئيس المجلس النيابي عبد الهادي المجالي وبين الركن البرلماني الهام عبد الرؤوف الروابدة انتهت - اي الخصومة ـ بتبادل اطلاق الاسئلة وتبادل القصف عبر الاسئلة والاستجوابات بشكل محرج لكل الاطراف وبشكل يختلف عن الاعراف والتقاليد غيرالمكتوبة في لعبة البرلمان والحكم ورجال الدولة.
والقصة بدأت عندما انتقد الروابدة في محاضرة علنية اداء الكتلة الوطنية، ولمح لوجود سيطرة حكومية عليها، وسرعان ما ردت الكتلة عبر نوابها وحلفائها بهجوم صارخ على الروابدة، لكن في الاثناء تحرك سؤال برلماني بصيغة رسمية في القنوات الدستورية باسم نائب رئيس المجلس الدكتور عبد الله الجازي احد زعماء كتلة التيار الوطني.
سؤال الجازي كان من النوع الخفيف الذي يقصد في نهايته التحرش بالروابدة، فقد طالب السؤال الذي يبدو للمراقب منطقيا وحريصا على المصلحة العامة بايضاحات حول قضية محددة يعرف الخبراء ان لها علاقة مباشرة بالفترة التي كان الروابدة فيها رئيسا للوزراء.
بطبيعة الحال لم ينته الامر عند هذه الحدود، فقد رد الروابدة بسؤال من العيار الصاروخي وجهه لرئيس الحكومة نادر الذهبي باعتباره حليفا لكتلة التيار الوطني التي تحرشت به، وهنا طالب الروابدة بايضاحات حول قضايا حساسة تقريبا لكنها مربكة بنفس الوقت وتحتاج لجهد عملاق للاجابة عليها وتتعلق بعمليات تفويضات الاراضي في مدينة العقبة جنوبي البلاد مطالبا بالتفاصيل المملة.
ولا تطرح الشخصيات الاساسية في البرلمان خصوصا اذا كانت قد حظيت سابقا بمواقع القرار اسئلة من هذا النوع لكن الروابدة خطط لاسكات خصومه عبر التحرش بالحكومة باعتبارها حليفة مفترضة لزملائه الذين حاولوا التحرش به عبر سؤال يختص بتفويضات اراضي حصلت في عهد حكومته.
النتيجة لهذه المعركة واضحة للعيان على شكل اعضاء في البرلمان يشككون ببعضهم البعض ويوظفون الآليات الدستورية الشرعية خلال الصراع مما يكرس لعبة التجاذب الضارة ويوتر الحكومة ويرهقها بسبب ابقائها بين خيارين: تقديم الاجابات الشفافة على الاسئلة المطروحة او العودة للسائلين من النواب خلف الكواليس والخضوع بالنتيجة تحت شعار التوازن لبعض المطالب او الطموحات على شكل التدخل لحل النزاع.
وهذا النمط من الكيدية التي يعتبرها السياسيون منطقية وشرعية لا يقف عند هذه الحدود، فقد ابلغت عضو الربلمان ناريمان الروسان زملاءها انها ارسلت لإحدى الوزارات في الحكومة سؤالا دستوريا يطالب بتحديد راتب وامتيازات وشهادة وخبرات المستشار الاعلامي لاحدى لمؤسسات العامة، ولم تكتف الروسان بهذا القدر بل ذهبت باتجاه أبعد وهي تطالب في سؤالها الذي تحدثت عنه لزملائها بتحديد الوقت الذي حصل فيه المستشار الاعلامي المشار اليه على الجنسية الاردنية في محاولة واضحة للتشكيك بوطنية وجذور واصول المعني.
بشكل عام لا نقاش في أحقية الروسان بطرح مثل هذا السؤال، لكن الوطن لا يستفيد في حالة اظهار هذه المعلومات المطلوبة وعند التدقيق في المسألة وفقا لاصدقاء الروسان تبين بأن المستشارالاعلامي المعني نشر مقالا يوما ما انتقد فيه موقف الروسان من مسؤول بارز وسابق في الدولة.
يعني ذلك بأن النكاية توفرت هنا ايضا لكن التركيز الاعلامي على اسئلة النواب يخلق تعقيدات يمكن الاستغناء عنها فالنائب علي الضلاعين مثلا وجه سؤالا ً اعتبر حساسا وخطيرا ليس بسبب اهميته ولكن بسبب تداعيات الكشف عن تفاصيل القضية التي سئل عنها، وهي قضية تعلقت بملف مهم عملت عليه حكومة الرئيس علي ابو الراغب حيث كان الهدف تشويه هذه الحكومة والتحرش برئيسها وبعد اثارة وبلبلة لاسابيع بسبب سؤال الضلاعين اضطرت حكومة نادر الذهبي للتدخل وتقديم اجابة تقول ضمنيا بان ابو الراغب في القضية المطروحة اقرب لبطل قومي منه لمتهم مفترض.
وهكذا دواليك، تتواتر الاسئلة والاستجوابات بعيدا عن الاطار المنهجي وغالبا ما تكون تكلفة الاجابة والتوضيح مرتفعة، لان محرك السؤال البرلماني الهوى والصراع الشخصي اكثر من الحرص على ابلاغ الرأي العام بالحقيقة مع ان الجمهور لا يهتم بهذه المسألة برمتها ويحاكم النواب ويحكم عليهم وفقا لتصريحاتهم ومداخلاتهم وليس لاسئلتهم.
في المحصلة يمكن القول بأن هذا النمط من تبادل القصف عبر الاسئلة والاستجوابات ضمن الآلية الدستورية اصبح من اكثر مؤشرات القلق والتوتر ليس فقط على مستوى القرار الحكومي ولكن ايضا على مستوى المطبخ السياسي والاستراتيجي في اجهزة الدولة، لأن اي نائب في اي وقت ولأي سبب يمكن ان يطرح اي سؤال محرج او مغرض
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
17-12-2008 04:00 PM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |