22-01-2019 09:14 AM
سرايا - طالما كانت وستبقى أسعار النفط من أكثر الأمور المسيطرة على اهتمام ملايين الأشخاص حول العالم سواء من الاقتصاديين، صناع القرار، أو حتى من الأشخاص العادية. فهي تخضع للعديد من العوامل والمؤثرات التي تتحكم فيها إما بالسلب (الانخفاض) أو الإيجاب (الارتفاع)، مثل العوامل السياسية والاقتصادية، ولكن هل يمكنلانتشار نوع جديد من الطاقة كبديل للنفط وهي الطاقة النظيفة، أن يؤثر على سعر النفط؟
منذ أواخر القرن الثامن عشر وحتى الآن كان الأعتماد الأساسي للبشر على مصادر الطاقة الأحفورية (الغاز والنفط والفحم) كمصدر أساسي للطاقة وكان ومازال يستخدم في الكثير من الأنشطة البشرية كالنقل وتوليد الكهرباء.
ومنذ ذلك الوقت لم يدخل أي مصدرًا آخر كمنافس لهذه المصادر، ولكن الأمر لا يمر دائما بشكل طبيعي، فمنذ عشرات السنين وهناك الكثير من الأصوات التي تدعو إلى الاعتماد على الطاقة النظيفة واستبدالها بمصادر الطاقة غير المتجددة التي يعتمد عليها العالم في الصناعة والنقل ومختلف الأغراض الأخرى، ومن أهم مصادر الطاقة النظيفة المعروفة هي الطاقة الشمسية وطاقة الرياح وقد تم تجربة الاعتماد عليها على مر العصور ولكن كان استخدامها محدود فيالصناعات المختلفة بسبب تكلفتها العالية. وقد أكد الخبراء أن ساعة واحدة من طاقة الشمس تكفي لتوفير الطاقة اللازمة لسكان الأرض لمدة سنة وذلك عن طريق تحويلها لطاقة كهربائية.
ما علاقة الأزمات بالطاقة النظيفة؟
تم اكتشاف الخلية الشمسية والتي تشبه الخلية الإليكترونية خلال القرن الماضي، واستخدمت بشكل محدود في بعض الأوقات فأدت الحرب التي نشبت في الشرق الأوسط وتحديدًا في مصر عام1973 إلى امتناع دول الخليج عن تصدير النفط لبعض الدول وكان أهمها الولايات المتحدة الأمريكية، فوجدت الولايات المتحدة نفسها في مأزق حقيقي لابد أن تخرج منه فلم يكن أمامها سوى الاعتماد على الطاقة الشمسية على الرغم من التكلفة العالية لاستخدامها آنذاك، حيث كان يصل تكاليف إنتاج الطاقة الكهربائية من الطاقة الشمسية حوالي 3000 دولار في الساعة، واستمرت في الاعتماد على الطاقة الشمسية لفترة حتى عاد تصدير النفط مرة أخرى من قبل دول الخليج، وعاد الاعتماد عليه في الصناعة بسبب توفره بكميات كبيرة وبسبب سعر النفط المنافس لمصادر الطاقة النظيفة والتي كان تكلفة استخدامها ضعف تكلفة استخدام مصادر الطاقة الأحفورية.
وفي السنوات الأخيرة ونتيجة للتقدم الذي حدث على مختلف الأصعدة، حدثت طفرة هائلة في استخدام مصادر الطاقة النظيفة وأهمها تحويل الطاقة الشمسية إلى الطاقة الكهربائية وانخفضت تكلفة إنتاج الوات الواحد من 100 دولار في السبعينات من القرن الماضي إلى دولار واحد في 2017.
وعلى الرغم من أن مصادر الطاقة النظيفة متجددة دائما إلا أنها بحاجة إلى تخزين مستمر لكي تتمكن من تحويلها إلى طاقة كهربائية من خلال الخلايا الشمسية، وقد انخفضت تكاليف تخزين الطاقة من 3000 دولار / كيلووات في الساعة إلى 170 دولار / كيلووات في الساعة على مدار20 عامًا.
حيث هيأت إجراءات خفض التكاليف والدعم على مستوى السياسات في عدد من البلدان مناخًا استثماريًا مواتيًا لبعض تكنولوجيات الطاقة المتجددة. وقد تضاعف تقريبًا مستوى الاستثمار في الطاقة المتجددةمنذ عام 2007 حيث انتقل من 154 بليون دولار إلى 305 بلايين دولار عام 2015.
وبالتالي ظهر مصدر جديد للطاقة رخيص الثمن ومتجدد ولا يؤثر على البيئة فأصبح منافس شرس لتجارة النفط.
كيف أثر ذلك على النفط وأسعاره؟
أدى التراجع الأخير والسريع في أسعار مصادر الطاقة البديلة مثل الرياح والطاقة الشمسية، والتكلفة المنخفضة لتخزينها إلى ظهور مستقبل مختلف تمامًا قد ينذر بانتهاء عصر النفط وظهور مستقبل جديد خلال 10 سنوات سنرى خلالها المزيد من التغييرات في صناعة الطاقة مما شهدناه في المائة عام الماضية.
يستخدم النفط بشكل أساسي في وسائل المواصلات البرية والجوية والبحرية واستخدام الطاقة النظيفة كبديل رخيص وصحي عن النفط سيؤثر ذلك بالتأكيد على سعر النفطبشكل رئيسي، فتذكر التقارير أنه من المؤكد أن يقل الطلب على النفط وذلك بعد استخدام وسائل الطاقة المتجددة في وسائل النقل.
ومن المحتمل خلال السنوات القادمة أن يتراجع دور الوقود الأحفوري في إنتاج الطاقةالكهربائية في الدول المتقدمة. خاصة في ظلزيادة عدد السيارات الكهربائية والسيارات ذاتية المحرك، كما يتوقع الكثيرون في صناعة السيارات، فإن المستقبل سيكون خالٍ إلى حد كبير من الوقود الأحفوري وبالتالي سينعكس على السعر أيضًا بالانخفاض.
اتجاه عالمي لاحتضان "ثورة الطاقة المتجددة"
ومن المؤشرات الدالة على أن أسعار النفط ستشهد انخفاضًا كبيرًا خلال السنوات المقبلة هو ما يشهده العالم الآن من تحولات مذهلة فيما يخص استخدامات الطاقة المتجددة والتي أصبحت جزءًا أساسيًا ومتزايدًا من تحول الطاقة العالمي. وهو الاتجاه الذي أصبح آخذًا في الانتشار على مستوى العالم، ولعل من أبرز الدلائل على ذلك:
فهل من الممكن أن ننتقل إلى عصر جديد تحل فيه الطاقة النظيفة محل الوقود الأحفوري ويصبح هذا الوقود طيف من ذكريات الماضي؟ الأجابة على هذا السؤال سنعرفها خلال السنوات القليلة القادمة.