24-01-2019 03:49 PM
سرايا - أصدر منتدى الاستراتيجيات الأردني ورقة موقف أعرب فيها عن قلقه حيال شمول جرائم الشيكات وقضايا الاحتيال في قانون العفو العام. حيث أكد المنتدى على ضرورة الغاء البند 6 من الفقرة ب من المادة 3؛ والذي ينص على شمول " جرائم الاحتيـال وجرائم الشيك وجرائم اساءة الائتمان المنصوص عليها في المواد (417 – 421) والمادة (423) من قانون العقوبات رقم (16) لسنة 1960" في العفو العام.
ويعفي قانون العفو العام لسنة 2019 "جميع الجرائم الجنائية والجنحية والمخالفات والأفعال الجرمية التي وقعت قبل 12/12/2018 وبحيث تزول حالة الإجرام من أساسها وتمحو كل أثر من الآثار المترتبة عليها بمقتضى التشريعات النافذة وتسقط كل دعوى جزائية وعقوبة أصلية كانت أو تبعية تتعلق بأي من تلك الجرائم." باستثناء جرائم امن الدولة والإرهاب والجرائم الاقتصادية والتزوير الجنائي والتجسس والعديد من الجرائم الأخرى المنصوص عليها في المادة 3 من نص القانون.
وبحسب البند 6 من الفقرة ب من المادة 3؛ يعفي القانون "جرائم الاحتيـال وجرائم الشيك وجرائم اساءة الائتمان المنصوص عليها في المواد (417 – 421) والمادة (423) من قانون العقوبات رقم (16) لسنة 1960." وتنص هذه المواد في قانون العقوبات على العديد من القضايا المتعلقة بالحقوق المالية وحقوق الملكية للمواطنين، لا سيما المادة (421) من قانون العقوبات والتي تجرم اصدار الشيكات بدون رصيد أو منع الوفاء بالشيكات بأي طريقة من طرق منع توفية المبلغ من قبل المدين إلى الدائن صاحب الحق المالي.
وبناءً على ذلك، فإنه وبمجرد صدور قانون العفو العام لسنة 2019 فإن ذلك سوف يقود إلى سقوط الحبس بالحق العام (الشق الجزائي) لقضايا الشيكات والإبقاء على الحق الشخصي (الشق الحقوقي)، وبذلك تسقط القضايا الجزائية المقامة من أصحاب الحقوق المالية (المستفيدين أو الدائنين)، مما يعني بأن هؤلاء الدائنين سوف يلجؤون إلى رفع دعاوى مدنية جديدة للمطالبة بأصل الحق والذي سيترتب عليهم تكلفة إضافية على شكل رسوم دعاوى جديدة وأتعاب محاماة جديدة.
وبينت الورقة الصادرة عن المنتدى بأنه وعلى الرغم من صدور قانون للعفو العام في سنة 2011 إلا أن إلا أن قيمة الشيكات المعادة كانت مرتفعة نسبياً في السنوات الأخيرة، حيث بلغت هذه القيمة 1.7 مليار دينار في عام 2018 لوحده وبواقع 479.1 ألف شيك. ولم تتقلص هذه القيمة بشكل ملموس منذ العام 2010.
وفي هذا السياق بين المنتدى بأن الأصل في قوانين العفو العام أن تكون فرصة لعقد مصالحة اجتماعية شاملة وبأن يمنح القانون الفرصة للمخطئين لتصويب مسارهم وسلوكهم لبداية حياة جديدة. ومع ذلك، فقد أكد المنتدى على ضرورة مراعاة رؤية جلالة الملك في العفو العام، حيث أكد جلالة الملك في هذا المجال على "أهمية أن يحافظ العفو العام على احترام سيادة القانون، بحيث لا يكون هناك اضرار بالأمن الوطني والمجتمعي، وحقوق المواطنين"، وذلك عندما قام جلالته بتوجيه الحكومة لإصدار قانون العفو العام لسنة 2019.
وقال منتدى الاستراتيجيات أنه إذا أُقر القانون على الشكل الذي صدر به عن مجلس النواب فإن ذلك سوف يرتب كلف جديدة على شركات القطاع الخاص نظراً لحاجتها إلى رفع دعاوى حقوقية لتحصيل المبالغ المستحقة لها. واعتبر المنتدى أن في ذلك تثبيطاً لنشاط القطاع الخاص الاقتصادي وتنفير للمستثمرين نظراً للكلف الاقتصادية العديدة التي يتحملونها مثل كلف الطاقة وأجور العمال والضرائب والرسوم بمختلف أنواعها.
وأوضح المنتدى أنه وبالإضافة للضرر الواقع على الدائن نتيجة القانون، فإن هذا التعديل سوف يمنح المدين فرصة للمماطلة في إيفاء الحق، حيث أن القضايا الحقوقية لا تجيز حبس المدين أكثر من 90 يوم سنوياً حتى يوفي كامل قيمة المبلغ أو أن يتم اقتطاعه من دخله.
وأبرز المنتدى بأن قانون العفو العام لم يراعي تشريعات سابقة كان من شأنها التسهيل على التاجر في سداد دينه وتجاوز إعساره، مثل قانون الاعسار، فهذا القانون يعطي حق للتاجر في أن يقدم للمحكمة ما يثبت أنه مُعسر، ويطلب مهلة لسداد الدين وتسيير أعماله وفي حال موافقة المحكمة على الطلب فإن يمنع حبسه، وفي هذا تحقيق لمصلحتين الأولى السعي لحل التحديات المالية التي يعانيها التاجر وضمان سداد الديون، وفي ذلك فقد تساءل المنتدى حول أخذ الاعتبار قانون الإعسار بعين الاعتبار حيث أخذ قرار شمول الشيكات في قانون العفو العام؟
وأضاف المنتدى أن قانون العفو العام لسنة 2011 وقانون العفو العام المطروح حالياً قد شملا قضايا الشيكات، وهذا قد يؤدي إلى إضعاف الثقة في الاقتصاد الأردني بسبب الصورة التي يكونها عن هدر حقوق المستثمرين وقطاعات الأعمال.
وأكد على أن القانون بصيغته الحالية قد يضعف التبادل التجاري في السوق الأردني نظراً لإضعاف ثقة التجار في الشيكات التي تعتبر "أداة وفاء"، والتي يضعف القانون عملية تحصيلها من خلال منح المدينين فرص للمماطلة.
وقال على أن القانون يشكل عائقاً للشركات الصغيرة والمتوسطة والتي تشكل (93%-95%) من الشركات الأردنية، وهي المشغل الأكبر للأردنيين، ومن الصعب على هذه الشركات تحمل كلف إضافية للمطالبة بحقوقها المالية من المدينين.
وشدد منتدى الاستراتيجيات الأردني على أن العلاقة بين الدولة والقطاع الخاص ترتكز على ثلاثة مبادئ رئيسية وفقاً لأدبيات التنمية الاقتصادية، وهي: المصداقية والعدالة في المعاملة (المعاملة بالمثل) والثقة، ويعتبر عدم الاستقرار في التشريعات والتعديل المستمر عليها والتخبط في صناعة السياسات العامة تقويضاً لهذه المبادئ الثلاثة، ويتجلى ذلك في العفو عن جرائم الشيكات المعادة، حيث يقوض ذلك مبدأ المعاملة بالمثل بين الدائن والمدين كما يقلل من مصداقية الدولة في ترسيخ مبدأ سيادة القانون بالإضافة إلى اضعاف الثقة فيها.
وأوضح المنتدى بأن هذا الموقف من قانون العفو العام وتحديداً من مسألة العفو عن جرائم الشيكات المعادة، ينبثق من مجموعة مبادئ رئيسية وراسخة يؤمن بها المنتدى للحفاظ على استقرار الاقتصاد الأردني وتعزيز الثقة به وبمؤسسات الدولة الأردنية، بالإضافة إلى جذب الاستثمار وتحقيق التنمية العادلة والشاملة، وتتمثل هذه المبادئ في مبدأ سيادة القانون والذي يهدف إلى تحقيق العدالة والمساواة من خلال حماية حقوق المواطنين وتطبيق القانون على الجميع بمنتهى الحزم والشفافية وبدون أي تهاون أو محاباة. والذي تناوله جلالة الملك في الورقة النقاشية السادسة إذ اعتبره "أساس الإدارة الحصيفة التي تعتمد العدالة والمساواة وتكافؤ الفرص أساسا في نهجها."
كما قال المنتدى بأن مبدأ المواطنة المتساوية الذي يؤمن به المنتدى والذي نص عليه الدستور الأردني في المادة السادسة (الأردنيون أمام القانون سواء لا تمييز بينهم في الحقوق والواجبات وان اختلفوا في العرق أو اللغة أو الدين) يقتضي عدم إقرار هذا القانون لما فيه من ظلم للدائنين لحساب المدينين.
وشددت الورقة على أنه لا بد من الالتزام بمبدأ التشاور مع القطاع الخاص وقبل تبني مشاريع القوانين والأنظمة والتعليمات، كي يخرج القطاعين العام والخاص بتوافق عريض حول تلك التشريعات وبطريقة لا تضر مصالح أي من الطرفين أو المصالح الوطنية العليا.
وانطلاقاً من المبادئ الوطنية الراسخة التي يؤمن بها منتدى الاستراتيجيات الأردني أوصى المنتدى بضرورة الغاء البند 6 من الفقرة ب من المادة 3؛ والذي ينص على شمول " جرائم الاحتيـال وجرائم الشيك وجرائم اساءة الائتمان المنصوص عليها في المواد (417 – 421) والمادة (423) من قانون العقوبات رقم (16) لسنة 1960" في العفو العام.
كما أوصى بضرورة أن يجري مجلس الأعيان مشاورات مع القطاع الخاص الأردني والأطراف المعنية قبل إقرار القانون لتجنب الإضرار في مصالح القطاع الخاص والحركة التجارية في الأردن وبالتالي الاقتصاد الوطني ككل.
وأخيراً، أوصى منتدى الاستراتيجيات الأردني بأخذ الكلف الاقتصادية على القطاع الخاص الأردني والمترتبة على قانون العفو العام لسنة 2019 بعين الاعتبار قبل إقرار القانون من قبل مجلس الأعيان.
بترا