26-01-2019 09:10 AM
بقلم : عباس عواد موسى
لا أحد يعرف من أين جاء السيرك , لكنه قدم إلى قريتنا أو مدينتنا لا فرق دون أن يدعوه أحد . وفور حضوره أعلن عن توفر فرص عمل لذوي المهارات والكفاءات العالية وإلى المفكرين الذين يعرضون أفكاراً غالبيتها مستهلكة طمعاً فيما سيحظون به من الكعكعة المنهوبة .
يجلس الحاكم على الكرسي كحاله منذ عهود خلت . وحوله من يغسل حتى قدميه ويتقربون منه نفاقا . وآخرون يكيلون له كل المدح ويثنون على أفعاله ويلتزم الصمت الجياع . وتلك الحفنة التي تحترف المديح بقيت على حالها فهي خبيرة بمقدار جهل الجياع وسذاجتهم . ولا يزال السيرك يتكرر منذ عهد عاد وثمود والفراعنة . والتنويم المغناطيسي هو حرفتهم المعهودة.
ولم يتغير الهدف عند الشيوعيين والرأسماليين بكل أصنافهم وفروعهم على حد سواء . ويتمثل في الحفاظ على منظر السيرك بغض النظر عن محتوياته ومضامينه .
هنالك الحدائق والبساتين والمروج والمشافي , وهنالك الشوارع والأبنية والطرقات . وأما المدارس والجوامع والكليات فلم تعد مهمة .
والذين تواصلت معهم وهم يعبرون الطريق من بيت لآخر نصفهم تقريباً ماتوا ونصفهم الآخر تقريباً داهمتهم الأمراض التي باتت لا تحصى مسمياتها وما تبقى انتقلوا إلى بيت آخر نصفهم وصفوه بالجنة ونصفهم غير ذلك ولكن الطرفين قرأوا نفس الإعلان أيضا .
قرويونا قرأوا في صحيفة أجنبية لرجل متعلم أن هذا يسمى العولمة وهي مستقبل العالم . وقرأ بعضهم لآخر أنه السيرك نفسه يعود بمسمى جديد . ولم تكن الثورات إلا انتهاكاً لسيادة الكعكة التي ترفض أفواه الجياع .