31-01-2019 08:06 AM
سرايا -
كتب النائب عن كتلة الإصلاح مقالة حول افتتاح رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو مؤخراً مطار رامون الذي يبعد 18 كلم عن "إيلات" قرب الحدود الأردنية، والذي كان الاردن قد سجل اعتراضا رسميا لدى جهات دولية على افتتاحه قرب مدينة العقبة الاردنية.
وتالياً نص المقالة:
لماذا يهدد نتنياهو العقبة؟!
(تهديد وقح، ليس من فراغ، ولا يجوز السكوت عليه)
ذكرت تقارير صحفية بتاريخ 27 / 01 / 2015م بأن وزير الخارجية ناصر جودة أكد: "بأن الحكومة لديها أربعة خيارات للتعامل مع إقامة المطار" والنتيجة طار جودة، وافتتح نتنياهو المطار بوقاحة وصلف، أخذ طابع التحدي الوقح، ولم يأبه نتنياهو "بوادي عربة"، ولا بمصالحنا العليا، ولم يلتفت إلى المضار المترتبة، وتمادى أكثر بتهديد العقبة ومحيطها، وهذا يكشف حقيقة المحتل اليهودي المتغطرس، وصدق من قال "إذا استقر اليهود في مكان لا يستقر جوارهم".
انني إذ استشعر الخطر على العقبة والبتراء والجنوب، لا بل على مجموع الوطن، فانني أطالب بموقف قوي ورادع، لهذا العدوان الحقيقي على الأردن، وأطالب بتكاثف الجميع ضد تشغيل هذا المطار الصهيوني الذي تم افتتاحه في 21 / 01 / 2019م.
وهناك ثلاثون سبباً تدعوني لهذا الرفض الجازم لتشغيل المطار، ولتهديدات نتنياهو الوقحة للعقبة:
1. لأنه مطار دولي، ومحلي، وشتوي لاستقبال الرحلات الرخيصة (الشارتر) الأوروبية، ولانه سيكون نواة لمدينة جديدة متكاملة، تقوم من العدم على الحدود الأردنية مع ما لذلك من تبعات وأضرار.
2. مساحة المطار ومرافقه وخدماته وتوابعه، تصل إلى 5,500 دونماً ومحيطه الحيوي 50,000 دونماً من الأراضي المستصلحة في وادي عربة المحتل.
3. المطار يمثل تحدياً للمشاعر الوطنية، والسيادة الأردنية، ويتناقض مع المعايير والاتفاقيات الناظمة للطيران والقوانيين الدولية، وينتهك أسس الجوار ويعرض المصالح الوطنية لخطر جسيم.
4. يقع على نفس احداثيات مطار الملك حسين في العقبة، ويفتح المجال لتداخل الترددات الجوية، وربما تكرار اسبقيات كادت تسبب كوارث، لولا عناية الله ويقظة برج المراقبة الأردني.
5. إن هدف المطار كما يقول ياسرائيل كاتس وزير النقل: "هو توسيع مدينة ايلات ودعمها، وتشجيع "المحتلين" على تفضيل إيلات على سواها، وكذلك دفع "المغتصبين" في التجمعات السكانية القائمة في النقب، للتوقف عن استخدام مطار بن غوريون في سفراتهم الخارجية، والتوجه جنوباً إلى مطار رامون".
6. يعتبر هذا المطار مشروعاً قومياً عملاقاً، يشكل بداية لمشاريع (ميجا) الكبيرة في الجنوب، فهو مشروع ثوري يقوم على الحد الأردني تماما، ويستنزف المياه الجوفية الازلية الأردنية، وتلوث مخلفاته كامل الأراضي الأردنية الواقعة شرقاً.
7. إن انشاء مدرج صغير في عام 1949م تحول إلى مطار إيلات، الذي نشأت حوله مدينة إيلات على الأرض العربية وتوسعت بتوسع المطار.
8. هذا المطار سيكون بديلاً عن مطاري عوفادا وإيلات، مايعكس تعويل الكيان الصهيوني عليه في تنمية الجنوب المحتل، واستقدام مهاجرين جدد من الأرجنتين حصراً.
9. هذا المطار سيوفر فرص عمالة، ووظائف جديدة لأهالي إيلات، وسيكون نواة لمدينة كبيرة بين إيلات والبحر الميت على بعد 180 كم، وفي أحسن بقعة مشمسة شتويا، ودافئة مناخيا، وصافية صحراويا، طوال العام.
10. سيتبع ذلك شق قناة مائية عريضة تصل البحر بالمطار لتسهيل الشحن لاحقاً باتجاهات مختلفة.
11. يوفر خدمة لمليوني مسافر، يزدادون إلى 4,5 مليون مسافر، بحلول عام 2030م.
12. إن تسمية المطار "رامون" لها دلالات موحية لأجيال المحتلين، فهو يحمل اسم "إيلان رامون" رائد الفضاء الذي قتل عام 2003م، وولده الطيار "عساف رامون " الذي سقطت طائرته في الضفة الغربية 2006م، وحضرت الأرملة رامون مراسم الافتتاح برفقة نتنياهو.
13. تمت اجازة المطار في 24 / 07 / 2011م، وتم وضح حجر الاساس في ايار 2013م، وحصلت تجاذبات ماراثونية في مجلس نوابنا ضد هذا المطار عام 2015م، وتم الافتتاح في 21 / 1 /2019م كما هو مقرر، ومع ذلك نجد رخاوة حكومية في التعاطي، وطلاوة في التصريحات الخجولة.
14. بني المطار على نظامB.O.T (بناء، تشغيل، تحويل)، وسيتم توسيع المطار بعد بيع الأراضي العائدة لمطار إيلات القديم، والتي ستوفر فرصة لانشاء مدينة جديدة محاذية للحدود الأردنية مع تبعات ذلك في الاستنزاف على كل صعيد.
15. تكاليفه بلغت نصف مليار دولار، وتم تعديل مخططاته التوسعية عدة مرات، بحيث أصبح يحوي 60 موقفاً للطائرات الكبيرة، وتسع مواقف للطائرات متوسطة الحجم، ومواقف للطائرات الخفيفة، والطائرات التوربينية، ومدرجاته تمتد إلى طول 3600 متراً، وهي جاهزة لاستقبال طائرات بوينج 777، وطائرات ايرباص 380 .... ألخ، وهذا تهديد حقيقي لسلامة الملاحة والاجواء الأردنية، وله تأثير مباشر على مطار العقبة.
16. سيرتبط المطار بشبكة القطارات القطرية في الارض المحتلة، وسيكون له خط حديدي سريع يوصل إلى إيلات، وسيتصل المطار بشبكة طرق وخطوط اوتستراد، وسيرتبط بدزينة من المطارات الداخلية، بما يجعله نقطة وصل مع أوروبا والشرق والجنوب، بعدما سمح الخليجيون لطائراتهم بالتحليق.
17. الرؤية الاسرائيلية بأن يكون مطار رامون، ثاني أكبر مطار بعد بن غوريون في تل أبيب، وهو مطار تحويلي في حالة تعرض بن غوريون مرة أخرى لصواريخ حماس، كما حصل في حرب غزة 2014م، وهو المطار الوحيد الذي نشأ من الأساس إلى الراس دفعة واحدة لاول مرة في تاريخ الكيان المحتل، وخطط له أن يكون محور التنمية في الجنوب، وسيقوم بخطف دور مطار الملك حسين.
18. إن أتفاقية وادي عربة وملحقاتها، هي السبب والمسبب لكل هذه المضار المتجددة، والمخاطر المحدقة، حيث نصت على: "التنمية المشتركة لمدينتي العقبة ووادي عربة، ومنطقة تجارة حرة، والتعاون في الطيران، ومحاربة التلوث والأمور البحرية، والشرطة والرسوم الجمركية، والتعاون الصحي ... الخ" ورد هذا في "فصل العقبة وإيلات" في الاتفاقية المذكورة، لقد قربت الاتفاقية العدو من حاكورة البيت، وتعدى على كرم الدار.
19. افادت المنظمة الدولية للطيران بأن المسألة: "شأن داخلي يخص الحكومتين ولا علاقة للمنظمة بذلك"، وأضافت: "بأن أي من الحكومتين لم يتواصل رسمياً معها، سواء في مكتبها الإقليمي في القاهرة أو مع ادارتها العليا للاجتماع أو غيره"، وبذلك انتهت سمفونية، طالما عزف عليها بعض صغار الموظفين، وبعض الوزراء غير المعنيين، بينما صمتت الخارجية ورئاسة الحكومة!!.
20. حتى اللحظة لم تفصح الحكومة رسمياً عن خطواتها المتخذة ضد انشاء المطار، لا رسمياً ولا شفوياً، ويبدو أن الحكومة اقتنعت ان واقعها أقوى منها كما هي عادتها في خذلان شعبها.
21. الحكومة الاسرائيلية استسهلت فرض للأمر الواقع، واكتفت بتأكيد انه: "لا يؤثر على السيادة الأردنية أو سلامة الأراضي"، مع ان نتنياهو أصر على الافتتاح شخصياً، رغم الاضرار بالمصالح الأردنية العليا، وأعقبه بتصريحات أخذت طابع التحدي الوقح ضد بلد يحمي أكثر من 500 كم من الحدود معه!!!.
22. لقد تحولت الاراضي الأردنية المجاورة والمنبسطة إلى مجال حيوي للمطار الصهيوني، وهذه الخطوة حدت من إمكانية توسيع مطار الملك حسين مستقبلاً، وأن في ذلك انتهاك مباشر للسيادة الأردنية على الأراضي بمساحة تزيد عن 11 كم.
23. يتساءل البعض،عن سر افقاد جلسة مجلس النواب للنصاب أثناء طلب النائب السابق رولى الحروب، طرح الثقة بوزير الخارجية ناصر جودة بتاريخ 26 / 12 / 2014م خلال نقاش المجلس لاستجواب الحروب للوزير حول المطار ، وعدم تنفيذ هذا الطلب في جلسة أخرى رغم وجوب تنفيذه دستوريا، فالمطار افتتح وتم تشغيله في فبراير 2019م!!!!!!!
24. ان هذا المطار سينتقص من دور العقبة مطارأ، وحضوراً، وسياحةً، واقتصاداً، وان ايلات استراتيجيا ستنقض على دور العقبة، وستلتهم مجالاتها المأمولة، إذا بقي الحال على هذا المنوال.
25. ان تهديدات نتنياهو الوقحة للعقبة غير مرة وتهديده باحتلالها، وانتهاكه المستمر لسيادة الأردن، تكشف المستور،وتشكل تهديداً حقيقياً للمنطقة، ونخشى مما يخططونه تجاه العقبة، التي أضحت فريسة لمشاريع وبيوع وتحولات غير مفهومة ولا مجدية، ومن يدقق في التفاصيل يجزع إلى أبعد الحدود، وإن صرف أكثر من 15 مليار دولار مؤخراً في العقبة، لا يبرر المردود المحدود في بلد مديون !!!
26. يسأل البعض عن سر إقامة مشاريع سياحية ومد الساحل لفتح شواطىء صناعية، وتطهير البقاع الأردنية المحاذية لإيلات من الاف مؤلفة من الألغام، وتحويلها إلى ملاعب غولف فارغة على خط الدفاع الأول !!!!.
27. يبدو ان المنطقة مقبلة على إعادة تشكيل بالتدريج، ولقد تحولت هذه البقاع المباركة إلى ساحات تجارب، وأصبح اهلها ضحايا لمشاريع الغير من كل لون، فكل الاغيار يعمل على فرض مشروعه، ومن لا يملك مشروعاً سيتحول إلى فريسة لمشاريع الغير، ومنها مشروع نيوم المحاذي للعقبة، والذي يريدنا أيادي عاملة فنية تكد لنجاح تطلعاته، والان بدأت الحكومة بتصدير آلاف الايدي العاملة الشابة الاردنية للعمل اليومي في ايلات والعودة ليلا الى العقبة.
28. ان تهديدات نتنياهو خطيرة، وان الفاظه سمجة ومرفوضة، وليس هناك أحد يقبل بأن تتحول العقبة، إلى ورقة في صناديق الانتخابات المستعرة في الكيان الصهيوني حاليا، فالعقبة درة وايقونة الوطن، وهي الوطن المستوطن فينا جميعا، وقدر الله عز وجل ان يكون سكانها من جميع محافظات الوطن، فهي برلمان الاردن، ورئة الأردن، وصوت الأردن، وسوط الأردن.
29. العقبة هي بوابة الأردن، وفلسطين، ومصر، والحجاز، وفرصه الخير على البحر الأحمر، وهي المدينة الأردنية الوحيدة التي لم تتوقف فيها الحياة قط، منذ ان تصالحت مع الرسول صلى الله عليه وسلم، واختارها عثمان بذهنيته التجارية، دارا ومقراً لولده إبان رضي الله عنهما، وهي على اهميتها القصوى، ليست أهم من بيت المقدس ومقدساتها التي يجري ابتلاعها وقضمها المنهجي كل يوم، تحت سمع وبصر الغطرسة الدولية، والعجز الحكومي، انني اخشى على العقبة قصبة، ومحيطاً، ومجالأ.
لهذا كله فانني أنادي بما يلي:
- عقد جلسة لمجلس النواب، تدلي فيها الحكومة بالمعلومات التي لديها، ليتم نقاش مسؤول حول حشد الجهد الوطني بمجموعه، للتصدي لهذا الصلف الصهيوني، فقوة الاردن تنبع من الداخل المتماسك.
- يتوجب ان تعدد الحكومة الخيارات، وتنوع المسارات، وان تدقق في التحالفات، فلكل مرحلة ادوات، وعلى الحكومة القيام بكل الخطوات الواجبة لصيانة سيادة الأردن، وحماية مصالحه.
- مع ان الحركة الاسلامية محاصرة، والنقابات والأحزاب تعاني، واتحادات الطلبة مبعثرة، ومنابر المساجد مؤممة، الا أن الضمير الجمعي الأردني يقظ وحي. وفريضة الوقت تستوجب، ان يكون هذا الأمر في رأس هرم اهتمامات المكون الوطني الواحد.
- المركب واحد، والمصير واحد، وهذا يستوجب تضافر كل الجهود وبتناسق وتكامل، لأجل دفع الأذى عن البلد، ولا بد من الانفعال والتفاعل، فسكين الغدر الصهيوني لا ترحم احداً ولا توفر فرصة.
وآخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين
النائب سعود أبو محفوظ
30/ 01 / 2019م