04-01-2008 04:00 PM
الانتماء للمكان ما هو الا انتماء لأشخاص ذلك المكان ولكل تفاصيله حتى يتوحد هذا المكان مع الانسان فيصبح هاجسه اليومي فيعطي بلا حساب من جهده ووقته لانجاح كل مشاريعه والتي تبقى تذكر حتى بعد رحيله ، ولكن نحن في الاردن ومنذ انشاء المملكة نعيش حالة من التناقض مع النفس ، فتجد المواطن الاردني يعمل في مكان ووظيفة وينظر لغيرها ، فلا هو يعطي فيها ولا يحصل على التي يطمح لها . هذا السلوك الذي يلازمنا كمواطنين اردنيين جعل الانتاجية في كافة مجالات العمل تقل او تتلاشى ، وحسب دراسة يابانية فان العرب يعملون يوميا ساعة واحدة فعلية من اصل ثمانية ساعات عمل ، واليابانيين يعملون تسعة ساعات فعلية يوميا مما جعل تاخرنا عن العالم واليابان اكثر من مئتي عام وهذا كله مرده الى تعزيز مكانة وظائف معينة في الدولة والمجتمع جعلت من باقي الوظائف مساندة لها حيث يتباهي الاردنيون بان ابانئهم يعملون في الوزارة او المؤسسة الفلانية مما سبب احباط لمن يعمل في باقي الدوائر الاخرى . احد الاشخاص في الاردن وفي نهاية فترة احدى الحكومات تنقل في ثلاث وظائف خلال شهر واحد فمن وظيفة مستشار انتقل الى وظيفة مدير عام ويبدوا انها لم تعجبه فانتقل الى وظيفة سترسله الى سفاراتنا في الخارج . متى سنعطي اذا لم نتوحد مع المكان اذا لم نؤمن به وهذا التنقل الدائم هل يؤدي الى انتاجية تذكر ، وللعلم فان الفكر العربي لا يحترم المواطنين الذي اعتبرهم القران الكريم سواسية كاسنان المشط بل ينظر الى الشخص من منطلق ماله مركزه وظيفته ، واسرد هنا مشاهدة حضرتها في برنامج فرنسي كان يبثه التلفزيون الاردني حيث استضاف مقدم البرناج طفلا لا يتجاوز العشر سنوات وساله اين والدك ؟؟ فاجابه الطفل باشارة تحدد مكان ابيه بين الجمهور في الاستديو واذا به رجل يرتدي ربطة العنق وبذلة فاخرة ثم ساله مقدم البرنامج ماذا يعمل والدك ؟؟ فاجاب الطفل بابتسامة فخر بابيه انه عامل نظافة في المدينة ، لم يخجل من مهنة ابيه ، فالغرب ينظر الى الوزير وعامل النظافة والدكتور والمحامي كل في مكانه مهم للمجتمع "الحجر في مكانه قنطار " لان عامل النظافة يخلصنا من النفايات وانتشار الامراض والوزير يضع لنا السياسات بعيدة المدى اذا كلنا شركاء وكلنا ننتمي للمكان الذي نعمل فيه ، الا اننا نحن العرب وخاصة في الاردن تعزز فينا التنقل من مكان لمكان ،حتى بعد مغادرتنا المكان لا يذكرنا احد على الاطلاق لاننا لم نقدم أي شيء على الواقع يدوم للاخرين . واذا لم تعزز الدولة مكانة كل المهن باحترامها من الناحية المعنوية والمادية فان الوضع سيبقى على ما هو عليه الى ما شاء الله . واتنمى على من يطالعون هذا المقال ان يذكروا اسماء اشخاص كان لهم انتماء للمكان وتاثير فيه فانا اعرف وزراء ومدراء عامين ومحافظين ومواطنين عاديين كان لهم التصاق بالمكان وانتماء اليه ومن هؤلاء المهندس شحاده ابو هديب" وزير البلديات الحالي " الذي نجح في اقليم البتراء كمدير عام له وكانه ولد هناك فغير واقع المدينة الى الاحسن لانه يؤمن بالمكان والعمل فيه وعدم النظر الى مكان اخر ، يؤمن ان عمله "وعمله فقط " سيوصله الى النجاح وهذا ما حصل مع ابو هديب الذي نجح في مؤسسة الاسكان والتطوير الحضري وخلق مشاريع وشراكات مع كل الاطراف لبناء مساكن لذوي الدخل المحدود وهو بذلك ينفذ رؤية جلالة الملك في هذا المجال ، وفي وزارة البلديات سيكون له بصمات واضحة سيلمسها الجميع ، اما الشخص الاخر فهو قاسم ابو الهيجاء محافظ مادبا الاسبق الذي عشق مادبا وقدم لها الكثير من المشاريع فكان يخاطب كل الجهات من اجل خلق واقع افضل للمحافظة ، فكانت الطرق والمشاريع التنموية مع التواصل الاجتماعي ، لقد عشق مادبا فاعطاها وانتمى للمكان لذلك لا تزال مادبا تذكره حتى اليوم ، واسألوا اهل مادبا عن هذا الرجل . وكذلك نتحدث عن فصيل الشبول الذي بكاه ابناء وكالة الانباء وفرح لمقدمه ابناء مؤسسة الاذاعة والتلفزيون ، لانه يترك بصمة في كل مكان يذهب اليه لانه تعلم ان للمكان حرمة وواجب في العطاء ، ففي وكالة الانباء قدم كل ما يستطيع لتطوير العمل الفني والاداري فعاش في المكان كانه بيته يخاف عليه ولا ينظر لغيره ، وحين انتقل الى المؤسسة طور وقدم ما يريح الموظفين وقال سنعمل معا في مسيرة محط سيرها الى الامام ،وقال اؤمن ان كل منكم يستطيع ان يعطي لمؤسسة يعيش فيها اكثر من بيته . القائمة طويلة لاشخاص نعرفهم يحبون انفسهم ووطنهم وعاشوا ويعيشون في المكان بانتماء وحب وعشق وحين يرحلون تبقى رائحتهم تعطر ذلك المكان هل نتحدث عن وصفي التل ام هزاع المجالي ام عبد الحميد شرف . وعلى راس كل هؤلاء الهاشميون الذين احبوا العرب والمسلمين فاستشهدوا في سبيل قضايا الامة ولا زالوا شعلة عطاء من الشريف الحسين بن علي الى الملك الباني عبدالله الثاني انهم مثال لحب المكان والانتماء اليه والتوحد معه ،واذا لم نستطع الانتماء للمكان والتوحد معه فالنتعلم ذلك من ديننا او من الغرب او من نماذج تعيش بيننا . mediawm@yahoo.com
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
04-01-2008 04:00 PM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |