11-02-2019 10:25 AM
بقلم : د. عائشة الخواجا الرازم
بقلم : د. عائشة الخواجا الرازم
لم نكد نتنفس الصعداء من إغلاقنا جزءا غير يسير من كتاب ثقافة الرقص السياسي والإعلامي المخادع للأمة ،وذاك كان رقصاً فكرياً واعوجاج مفاهيم واحتكار منطق مغلوط وعمليات اغتيال في الكلمة المكتوبة ، مما جعل الإعلام وثقافة الوعي تحت ظل الكذابين الملتصقين بصمغ الخشب مشدوهة مشوهة حتى لدى أصحاب الألباب ، لم نكد نتنفس ذاك النفس منذ تفتق وريقات وبراعم ربيع الأمة حتى فتح أمامنا قسراً كتاب ضخم تعجز عن حمله سنام الجمال الصابرة ، وشد أبصارنا بحبال الإكراه ذاك الكتاب الضخم الثقيل على النفس والبصر ، كتاب منقوع بالدم الأسود حيث كان الأول موضوعاً على طاولات الإطراء والتحبير اللفظي للارتقاء بالزوامير الرسمية ، ومرسوماً بحبر الكذب والافتراء وتشويه الحقيقة للمرور بدون جواز عند محطات الوقوف ، أما الأخير فجاءنا فاجعاً حاملاً للكذب والتشويه والافتراء والسطحية والتزييف ومنقوعاً بالدم الرخيص اسمه الربيع ...الربيع الطز ، فالأول كان يستهدف الأغرار والسمار والمطبلين على طبول المسارح فنياً ورقصاً مدروساً وطبلاً أجوف يقرع ،والأخيرجاء ملونة صفحاته بشعارات فارغة تطبل بعبارات جوفاء يتم تلفيقها في ساحة المتحشدين على لسان مارق طاريء ...فقط دون كلام ودون أي مجرى يبعثك على التمنطق والتفكر والبحث بين السطور عن الصح والغلط والتفريق بينهما ، كتاب مغلوب بعبارات محبوكة ما بين إسقاط النظام والشتم والإتهام ...وما بين إعدام وتخوين الحاكم وإحراق اللئام ...! شعارات لا تبرز بينها عبارات تعلن صدور كتاب أو مرجع موسوعي سياسي تم إعداده غرباً أم شرقاً ، وما أكثر المغتربين المشتتين أصحاب الأقلام ، وما أروع من مؤلفات ومذكرات لأكثرهم لو حدثت وصدرت !!! وما أكثر احتفالات توقيع الكتب ...
تمنيت لو أن دراسات أو نشرات تناولت حقيقة البلاد وحقيقة اقتصادها وحقيقة ديونها وحقيقة سجنائها ومأسوريها ومعذبيها ومشرديها وجائعيها ومغتصبيها والجهل والتخلف فيها ، تمنيت لو أن الثورات يبرز فيها مفكرون ومؤلفون لأدبيات المستقبل المتحرر من ربقة استعمارين محلي وغربي صهيوني ، يوضحون الحلول والقفزات النوعية لتخطي قوس النار ولحريق الشامل الذي لا يبقي ولا يذر في بلدانهم ...ولا يلجأون للهذر بذريعة التحرر والثورة على الظلم والصوملة ، مبرزين محققين في ذاك الدمار المودي للثورة على الدولة وعلى حاكميها .
لقد اعتدنا على مشاهدة الأفلام والمسرحيات والمسلسلات والندوات والمعارض الثقافية السالبة للمخ العربي ، أو المبقية له في سلة مهملات العالم المرتقي نحو الفضاء والماشي على سطوح الكواكب ، ولكننا كنا دوماً في حالة حلم واع بأن المسيرة لها ضوء ينتظرها آخر النفق ، واليوم حينما هل علينا آخر نفق الصبر والحلم والسير المتعثر الصعب ، لم نعثر على واردات من العقلانيات والأدبيات السياسية الثورية لا ناضجة ولا حتى جاهزة للطهي ، وواجهتنا صفحات كتاب عسير الفهم مكتظ بأخبار مسلوقة وأفكار متسارعة متصارعة تسعى للوصول للسواد الأعظم من الأمة هدفها خلط الطين مع العجين والسكر بالتراب والدم بالدمع ، وقد تم توزيع ذاك الكتاب بسرعة البرق على الناطرين والمتربصين للخبر اليقين وغير اليقين ، عابق بأخبار تعتمد على ثقافة أزلية معروفة لدى الأمة من خلال تاريخها العجيب ،هدفه التحريض والتشويش والتعبئة السيكولوجية الحاقدة ، سطوره منطوقة هباء غير موثقة تنتشر كالنار في هشيم العظام العربية الحامية اللحم حيث الكاز مطلوب للابتزاز ، لا غير ، أخبار تترنح في جسد الأمة تنخرها لتبارك اهتراء تاريخها وحضارتها ومجد البنائين الصادقين بين الكاذبين ، إعلام متطرف لا يعرف الحياد حارق لتراثها ومكتباتها وقصورها وآثارها ومساجدها وكنائسها وحجارتها ومعمارها الساقط على رؤوس المخلص والمتملص تحت وابل نيازك التجهيل الكبرى !!!