17-02-2019 11:30 AM
سرايا - موسى العجارمة - في خضم الظروف الاقتصادية الصعبة التي يمر بها الاردنيين ،باتت صورة مشهد الشارع الاردني على شكل لوحة سوداء تتنافى من الانسانية والقيم والمبادئ ،بسبب كثرة المتسولين الذين أصبحوا رموزاً لكل منطقة من ارجاء المملكة .
وتعد ظاهر التسول ظاهرة عالمية لا تختص بوطنٍ بعينه انما عابرة للحدود والقارات ولا تقتصر على وسيلة واحدة حيث انه أصبح للمتسولون عدة أشكال ووسائل لاستعطاف الاخرين ،ولكن الجريمة تكمن ليس بانتشار المتسولين انما حثهم على الاستمرار بهذه المهنة التي تعد عملة رابحة لهم من خلال مساعدتهم لو بجزءً بسيطاً من المال على الرغم من ان هناك عدة دراسات معتمدة أكدت ان الاغلبية العظمى من هؤلاء المتسولين يملكون اموالاً طائلة وهائلة والفقير عفيف النفس لا يقف بشارع ويطلب شفقة الأخرين .
وقالت احدى المتسولات لسرايا ان سبب مواظبتها على التسول في الشوارع يعود لأسباب مادية بحتة كونه ليس لديها اي معيل يساندها حيث انها مضظرة على تحصيل المال بهذه الطريقة بحسبها .
وعبر سؤال طرحته سرايا عليها "هل حاولتِ ان تجدي عملاً أخر بديلاً عما تقدمي عليه حالياً ؟"،قالت :"انا ما معي شهادة وحاولت أدور على شغل وما لقيت واذا لقيت كم رح يعطوني مثلاً "
ورفضت الاجابة على سؤال وجهناه لها "كم اجمالي عدد الساعات التي تمضيها بالشارع أثناء التسول ،وهل فكرتِ التوجه لصندوق التنمية الاجتماعية ؟".
على صعيد متصل قال طفلاً متسولاً يبلغ من عمر 11 عاماً لسرايا ان سبب اقدامه على هذه الفعلة يعود لظروف مادية وأسرية كون والدته مفصوله عن والده وليس هناك مصدر دخلاً لديهم ،مشيراً الى انه يخرج من منزله بتمام الساعة السادسة صباحاً ليقف على الاشارة لغاية الساعة السادسة مساءً .
ورداً على السؤال الذي وجهناه له "هل والدتك موافقة ان تترك مدرستك وتتسول بالشوارع ؟ قال :"نعم أمي قالتلي اذا ما بتطلع توقف على الاشارة اخواتك رح يموتوا من الجوع".
من ناحيتها رأت الاخصائية الاجتماعية الدكتورة أيمان الشمايلة اثناء حديثها لسرايا ان مشكلة التسول أصبحت ظاهرة مجتمعية تقلق الجميع ،لافتة الى ان التسول عبارة عن استعطاف الاخرين للحصول على مأكل او مشرب او مبلغ مادي ما ،مؤكدة انه من الصعب السيطرة على هذه الظاهرة نظراً لانتشارها بين جميع الفئات العمرية .
وأضافت الشمايلة ان عملية التسول التي تحدث بالاردن منظمة على أكمل وجه كونها منتشرة بجميع الاماكن سواء في الشوارع او على الاشارات الضوئية او الوقوف على ابواب الجوامع ،مشيرة الى ان للمتسولين أساليب عديدة لاستعطاف الناس منها البكاء وتركيب أيادي أصطناعية او الجلوس على كرسي متحرك ليتمكنوا من الحصول على أكبر قدر ممكن من المال .
واكدت ان المتسولين اخذوا هذه المهنة بديلة عن مهن أخرى كونها تدر عليهم بارباح مالية هائلة ليس من حقهم تحصيلها كون الانسان الفقير عفيف النفس لا يطلب المال بلسانه انما ايادي الخير والعون هي من تذهب اليه ،لافتة الى هنالك العديد من الجهات توجهت للمتسولين لتأمين وظائف بديلة لهم الا انهم رفضوا ذلك لان التسول مجدي أكثر بالنسبة لهم.
وطالبت الدكتورة أيمان الشمايلة أثناء حديثها لسرايا الحكومة بأتخاذ عقوبات رادعة وقوانين صارمة على كل من يقدم على هذه الطريقة للحصول على المال وكل أسرة تجبر أبناءها على أرتكاب هذه الفعلة ،مشيرة الى ان الخوف الاكبر من انتشار هذه الظاهر لأنها تلوث المجتمع و تعطي صورة غير لائقة وحضارية للاردن .
بدورها قالت وزير التنمية الاجتماعية بسمة إسحاقات لسرايا ان دور "التنمية الاجتماعية" بمكافحة التسول هو تجميع هؤلاء المتسولين واتخاذ الاجراء القانوني بحقهم لمنعهم من ممارسة هذه المهنة ،مشيرة الى ان هؤلاء المتسولين المتواجدين بالشارع مكررين والوزارة قامت بتسليمهم عدة مرات الى الجهات الامنية المختصة وبعد خروجهم من المراكز الامنية عادوا لتكرار فعلتهم .
واضافت إسحاقات ان المشكلة الكبرى هي تعاطف المواطنين الاردنيين مع المتسولين عندما ينظروا اليهم بعين العطف بسبب الصورة التي يخرج بها المتسول ،مؤكدة انه ليس كل من يخرج الى شارع بحاجة للمساعدة او يعطي صورة الحقيقية التي يظهر من خلالها .
واشارات الى ان وزارة التنمية الاجتماعية لديها تجارب عديدة بمكافحة المتسولين الذين تم ضبطهم وتبين انهم يملكون ارصده ومبالغ مالية هائلة فضلوا امتهان هذه المهنة للحصول على مبالغ مالية سريعة .