بقلم : د. منتصر بركات الزعبي

نعيش في زمن انقلبت فيه الموازين، وأصبح اختلال القيم والأخلاق سمة من سماته، ورحم الله إمامنا "الجليل أحمد بن حنبل" إذ قال في زمانه:[إذا رأيتم شيئاً مستقيماً فتعجبوا] فكيف به لو عاش في زماننا ؟الذي اختلطت فيه المفاهيم ،واهتزت فيه الثوابت ،وانقلب فيه المشهد رأساً على عقب – رغم بؤسه ورثاثته وعبثيته – ،حيث يبدو للمُستقيلين من عروبتهم أنهم يعيشون نشوة الوهم ،وأن الفرصة مواتية لهم ،وان عليهم تداركها وعدم التفريط بها في عصر الأسرلَة والتصهين ،ظنا منهم لفرط سذاجتهم وجهلهم وضحالة تفكيرهم وبؤس مقصِدهم ،أن خطواتهم التطبيعية الفاضحة مع العدو الصهيوني ومغازلتهم إياه ،قد يُسهِم في تبييض تاريخهم الملطخ أصلا بسواد الذل.
فبين العرب اليوم وأخص بالذكر دول الخليج ،سباق محموم إلى التطبيع المجاني مع إسرائيل والرضا بالهزيمة المذلّة ،وبشكلٍ علنيٍّ ودون وازع من ضمير،في الوقت الذي تُواصِل فيه اسرائيل جرائمها اليوميّة بحقّ أهلنا في فلسطين.
وقد اتخذ أشكالا مُختلفةٍ، منها التطبيع الرياضيّ والثقافيّ والرسميّ ، وتُوجّت بزيارة "النتن ياهو" إلى سلطنة عُمان واجتماعه بحاكمها، كما جاءت زيارة وزيرة الثقافة الإسرائيليّة، العُنصريّة ميري ريغيف، إلى الإمارات العربيّة المُتحدّة، حيث عُزِف النشيد الوطنيّ الإسرائيليّ لأوّل مرّةٍ بشكلٍ علنيٍّ وأمام وسائل الإعلام المُختلفة التي قامت بتغطية الحدث الـ”تاريخيّ” وكان آخرها ما قام به مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي "النتن ياهو" بتسريب تسجيل مصور تم سحبه لمداخلات وزراء خارجية خليجيين، خلال جلسة نُظمت بنوع من التكتم في وارسو، وأبدوا فيها مواقف أكثر ميلا للتطبيع واعتبروا أن ما تقوم به اسرائيل من جرائم في المنطقة هو من حقها بحجة الدفاع عن نفسها.
ألا يعلم أولئك المهرولون أن اليهود منذ جاءوا إلى فلسطين أيام الاحتلال البريطاني، لم يفكروا في صلح، ولم يخطر ببالهم إلا إقامة إسرائيل الكبرى، وقد أعنَّاهم على أنفسنا بسياساتنا الارتجالية الهوجاء التي حولتنا إلى شراذم مهتمة بمآربها الصغرى، مغطاة العين عما يراد بها.
أريد أن أقول لمن تخدعهم صيحات التطبيع مع العدو الصهيوني البغيض: أنتم تؤمِّلون في سراب، وأن أعداءنا ماضون حسب مخططهم الديني المعروف.
واعلموا أن الثمن سيكون باهظاً إذا ما واصَلتم اندفاعكم نحو التطبيع مع اليهود على حساب ثوابت الأمة وحقوق شعوبها وكرامتها والتنكر لعروبتكم والاستقالة منها وأنكم أنتم وليس أحد غيركم من سيبقى على الصلف اليهودي يتورم وينتفخ.
ولن تنفعكم اسطوانتكم المشروخة التي ترقصون على انغامها ،في مؤامرة فاضحة لتغيير عناوين المرحلة وجدول أعمالها عبر الإمعان في الدعوة الى إعادة تعريف «العدو» واحلال العدو الإيراني بدلا من العدو الإسرائيلي واعتباره الأقل خطرا.
إلى كل من أدار ظهره بازدراء إلى عروبته وتاريخ أمته المجيد عودوا إلى رشدكم ف "النتن ياهو" لا يرى فيكم سوى صورته اممسوخة عن "العربي الأصيل".