20-02-2019 01:57 PM
بقلم : د. فيصل الغويين
الاستراتيجية الوطنية لتنمية الموارد البشرية (2016 – 2025)
في 24 آذار 2015 وجه الملك عبد الله الثاني ابن الحسين رسالة إلى رئيس الوزراء آنذاك عبد الله النسور طالبه فيها بتشكيل لجنة وطنية لتنمية الموارد البشرية، والمهام المطلوبة منها، وعلى رأسه ا" إعداد استراتيجية وطنية ينبثق عنها خطة تنفيذية للأعوام العشرة القادمة تعنى بتطوير قطاعات التعليم الأساسي والتعليم العالي والتعليم التقني والتدريب المهني تحقيقاً لنقلة نوعية في قطاع التنمية البشرية، وتحديد مجموعة من السياسات الاصلاحية، التي من شأنها أن تدعم عملية التحديث والتطوير".
وقد احتوت وثيقة الاستراتيجية الوطنية على تشخيص دقيق لمشكلات التعليم العام، ورصدت أهم جوانب القوة وجوانب الضعف التي تدل بأن هذا التعليم بحاجة إلى إصلاح يستند على رؤية علمية.
جوانب القوة
1- يتمتع الأردن بمعدلات مرتفعة للالتحاق بالمدارس لمراحل التعليم الأساسي والثانوي والعالي مقارن مع الدول ذات مستويات الدخل المماثل، وقد حقق الأردن بالفعل التكافؤ بين الجنسين على مستوى الالتحاق بالتعليم الأساسي منذ عام 1979 مقارنة مع الدول ضمن الشريحة الأعلى من فئة الدخل المتوسط التي لا تزال تشهد نسبة التحاق أعلى للطلبة الذكور في مدارسها، كما يحظى الاردن بأعلى نسب تعلم للإناث في المنطقة والتي تبلغ (2، 95%).
2- تعتبر أكاديمية الملكة رانيا لتدريب المعلمين، ومبادرة التعليم الأردني، ومشروع القراءة والحساب للصفوف المبكرة بمثابة أمثلة حية على المبادرات الناجحة التي تهدف إلى الارتقاء بالمستوى التعليمي للطالب من خلال تدريب المعلمين.
3- ارتفاع معدلات التطعيم، والتأمين الصحي المجاني للأطفال دون سن السادسة ، والرعاية المقدمة للأم قبل الولادة.
4- وضعت وزارة التربية والتعليم بدعم من منظم الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (اليونيسكو) نظام معلومات إدارة التعليم (EMIS) لتسهيل اتخاذ القرارات اعتماداً على البيانات في مرحلتي التعليم الأساسي والثانوي.
أوجه القصور
حددت وثيقة الاستراتيجية الوطنية لتنمية الموارد البشرية التحديات التي تواجه مخرجات التعليم؛ فمهارات الخريجين لا تلبي متطلبات الاقتصاد الوطني وسوق العمل، وفي كل عام يخفق أكثر من نصف طلاب المدارس في اجتياز امتحانات الثانوية العامة، ويتركون المدرسة دون أن تتوفر لهم فرص بديلة واضحة، كما أن هناك تزايد في أعداد خريجي الجامعات مقابل نقص الحرفيين والفنيين المهرة، ونتيجة لذلك ما زالت معدلات البطالة مرتفعة في شريحة الشباب إذ تبلغ( 8 ،31%)، فيما لم تتجاوز نسبة مشاركتهم في القوى العاملة نسبة (41 % )، وهذه النسبة من أدنى المعدلات في العالم.
وتضيف وثيقة الاستراتيجية:" تبقى هذه الحقائق والأرقام غير قادرة على عكس واقع الحال والقصص الشخصية والمعاناة التي يواجهها المتعلمين الذين يعجزون عن ايجاد فرص عمل أو بناء حياة كريمة لأنفسهم، ومعاناة الآباء القلقين على مستقبل ابنائهم، وأصحاب العمل الذين يجاهدون خلال البحث عن موظفين وعمال يملكون المهارات المطلوبة لتلبية احتياجات الوظيفة، ويسهمون في تطورها وتنميتها، إضافة إلى إيجاد قيادات وطنية شابة وواعدة".
أسباب القصور
ترصد الاستراتيجية مجموعة من الأسباب التي أدت الى تراجع مستوى كفاءة منظومة التعليم العام، ومن أبرزها:
1- الحاكمية: تميل الحاكمية نحو المركزية في كافة مراحل التعليم والتدريب وغالباً ما تكون مشتتة بين أكثر من جهة واحدة دون تنسيق أو استراتيجية شاملة وواضحة.
2- ضمان الجودة: لا يتم فرض معايير ضمان الجودة بشكل منتظم لضمان استمرار عملية مراقبة النظام وتقييمه وتحسينه.
3- المدرسون: انخفاض كفاءة المعلمين في مرحل التعليم المدرسي(12 –K)؛ وتعزي الاستراتيجية الأسباب إلى عدم اتباع آليات توظيف تركز على الكفاءة، وعدم كفاية التدريب ما قبل الخدمة وإثنائها، واستخدام طرق التدريس القديمة في كافة مراحل التعليم.
4- ضعف مشاركة القطاع الخاص في المنظومة التعليمية.
5- زيادة الطلب الأسري على التعليم الأكاديمي، وعدم الاهتمام بالمسارات التعليمية عالية القيمة مثل التدريب والتعليم المهني والتقني.
6- اقتصار التمويل على المصادر التقليدية أي الحكومات والمساعدات المباشرة من الجهات المانحة، مع ضعف الشراكة بين القطاعين العام والخاص في هذا المجال.
7- التحديات التي تواجه الأردن بسبب تدفق اللاجئين السوريين، الذين تجاوز عددهم (3، 1 ) مليون لاجئ، مما أضاف أعباء على منظومة التعليم وسوق العمل والبنية التحتية في المملكة.
وإضافة الى ما أوردته الاستراتيجية الوطنية لتنمية الموارد البشرية يمكن إضافة جوانب أخرى للأزمة التي يعيشها النظام التربوي في الأردن والملاحظة ميدانياً؛ كتدني مستوى تحصيل الطلبة، وتدني مستوى الخدمات التعليمية المقدمة لهم، فضلاً عن تدني مستوى طلاب التعليم المهني، وتدني نظرة المجتمع اليهم، إضافة الى عدم اهتمام الطلبة بالتعليم وحرصهم على النجاح دون إنجاز، وتبني سلوكيات غير سليمة ودخيلة على مجتمعاتنا، وتراجع مكانة مهنة التعليم في نظر المجتمع، مع عدم ايلاء المهنة ما تستحق من أهمية على المستوى الحكومي....يتبع