حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
السبت ,23 نوفمبر, 2024 م
طباعة
  • المشاهدات: 10802

الاستثمار و الفراغ القانوني

الاستثمار و الفراغ القانوني

الاستثمار و الفراغ القانوني

02-03-2019 09:08 AM

تعديل حجم الخط:

بقلم : اسامة الاسعد
ان تضارب القوانين و الانظمة و التعليمات و تداخلها هو مشكلة سببها الفراغ القانوني الذي ينجم عند التطبيق و لن اخوض في هذه العجالة بدور المشرع، بل سأتطرق الى هذا الموضوع بسرد حقيقة جلية شهدتها بشكل شخصي فقد كنت ضمن مجموعة قليلة من الزملاء الذين طلب منهم مساعدة مسؤول جرى تكليفه بإنشاء و إدارة دائرة لتشجيع الاستثمار في وزارة الصناعة و التجارة و كان ذلك عام ١٩٩٣ تلك التي استقلت و أصبحت فيما بعد مؤسسة تشجيع الاستثمار، حيث ساعدنا في وضع قانونها و كذلك اختيار موقعها بما في ذلك تجهيزه التام للعمل و كانت الآمال كبيرة في ان تؤدي هذه المؤسسة دورا يشبه اسمها و ما اذكره أيضا ان قانونها حينه كان لبنة تشريعية معقولة للمباشرة و من ثم تجري عليه تعديلات تقتضيها تطورات و طبيعة كل مرحلة تلي، نسبة الى علاقاتها بالمؤسسات المعنية الأخرى و الأهم حجم انجازاتها مقابل الأهداف التي وضعت لها، هذه كانت الخطة، و لكن و للإنصاف لم يتمكن القانون من إقامة و تفعيل اهم بنوده فيما عرف بالنافذة الاستثمارية (خدمة المكان الواحد لترخيص الانشطة الاقتصادية) بسبب ذات القانون على انه تناول في مواده حوافز لا بأس بها في حينه، و لكنه لم يمنح الصلاحيات اللازمة لعناصر النافذة الاستثمارية فبدى كقانون متردد تنقصه الجدية.

كما انها اصطدمت مع وزارات و مؤسسات معنية اخرى بالقانون أيضا فأدت دورا روتينيا و لكنه ليس الأمل الذي رجاه الاقتصاد الوطني منها. و ايضا اذكر ان بعد ذلك بحوالي سبعة سنوات شكلت لجنة برئاسة نائب رئيس وزراء في حينه (اقتصادي بطبيعة الحال) و عضوية أمناء عامين لوزارات و مدراء مؤسسات مستقلة جميعها تعنى بالاقتصاد لدراسة تضارب القوانين سلبي الأثر على الاستثمار تحديدا فيما بين تلك الوزارات و المؤسسات، و كنت مقررا لهذه اللجنة التي اجتمعت لمرة واحدة فقط في رئاسة الوزراء و بالتالي لم ينتج عنها شيئ لناحية التنسيق القانوني المرجو كي يحقق الأهداف و التطلعات التي كانت توضع للحكومات المتعاقبة في كل كتاب تكليف سامي، الى ان بلغ التضارب و التجاذب مبلغه على حساب الاستثمار و المستثمرين فجاء التفكير عام ٢٠١٤ بتحويلها الى هيئة تضم مؤسسات معنية أخرى بشكل كلي و جيئ بقانون جديد لها مفاده المفترض ان لا تعنى أية جهة أخرى بالاستثمار سواها، و بكل صراحة و وضوح لم ينفذ الأمر كما يجب و لم تفعل النافذة الاستثمارية لا وقتها ولا حتى الآن، و بقيت الأمور متشعبة حيث هناك أقسام صغيرة غير مختصة للاستثمار تقريبا في كل وزارة أو جهاز دون اي حاجة لذلك و دون اي نتيجة مباشرة أو غير مباشرة على الاستثمار سوى ضرر هنا و آخر هناك، بسبب الفراغ القانوني مجددا، ما زاد من حجم المشكلة التي و بكل صراحة لم يكن لها حل لها سوى الالتزام بالأمر الصادر عام ٢٠١٢ من اعلى سلطة في البلاد بتوحيد مرجعية الاستثمار بحذافيره بحيث تنشأ الهيئة و تضم تحتها كل المؤسسات الاستثمارية المعنية الأخرى بالكامل و ليس بالتجزئة و ان يصدر قانونها بما يلبي الطموحات و الأهداف التي وضعت قبل ذلك ب ٢١ عام اي ما بين ١٩٩٣ و ٢٠١٤ و ان تعنى وحدها بالاستثمار بصلاحيات واسعة تحقق النافذة الاستثمارية ولا يتدخل فيها احد و تتطور تبعا لإنجازاتها و تضم كفاءات قادرة على تسويق الاردن للمستثمرين المحليين و العرب و الاجانب على حد السواء ما كان سيسهم مباشرة في دعم الاقتصاد الوطني (صناعات، صادرات، عملات اجنبية، تشغيل و نمو)، و دون مبالغة كان الامل ان تصبح دوائر الضريبة، الجمارك، الاراضي، المناطق الحرة و التنموية مطورين بالفعل لا بالقول لديها لما لها من أهمية و خصوصية في بلد شحيح الموارد الطبيعية.

و لكن وعلى الأرض بقي التضارب القانوني و بقيت الهيئة شبه منزوعة الصلاحيات يتدخل في عملها و بالقانون عدة جهات، ما أضر بكل الفكرة، و بالنتيجة أضر كل ذلك بالاقتصاد الوطني أيما ضرر.

و في اعتقادي الجازم كما الكثيرين ان القوانين الجريئة المدروسة و المناسبة هي الحل لمشكلة الاستثمار و لأي مشكلة اخرى تواجه الاقتصاد الوطني، و بالتالي ان لم يدرس التضارب و التداخل بها و بينها تمهيدا لتعديلها و من ثم تنفيذها بكل جدية و شفافية دون ما استثناء فستبقى الامور تراوح مكانها هذا ان لم تتفاقم التعقيدات و هي مرشحة لذلك، و هذا الامر ليس صعبا ابدا ان توفرت له المعطيات التي لا تخفى على احد.

لن يسد الفراغ القانوني السلبي الا بتشخيصه و حلحلته مهما تطلب، فجذب الاستثمار ليس عقدة، الحقيقة ان طرده هو العقدة و هو الاصعب، فلما لا نختار الاسهل.








طباعة
  • المشاهدات: 10802
برأيك.. ما خيارات ترامب للتعامل مع إيران بعد فوزه بانتخابات الرئاسة الأمريكية؟
تصويت النتيجة

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم