حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الأحد ,29 ديسمبر, 2024 م
طباعة
  • المشاهدات: 23728

كيف أصبح هاجس إدارة الأزمة الاقتصادية خلف ظهورنا يا دولة الرئيس؟

كيف أصبح هاجس إدارة الأزمة الاقتصادية خلف ظهورنا يا دولة الرئيس؟

كيف أصبح هاجس إدارة الأزمة الاقتصادية خلف ظهورنا يا دولة الرئيس؟

03-03-2019 03:20 PM

تعديل حجم الخط:

بقلم : بسام الكساسبة

قرأت تصريح دولة رئيس الوزراء الدكتور عمر الرزاز بتاريخ 28/2/2019 خلال مشاركته مع رئيسة وزراء بريطانيا تريزا ماي في الجلسة الختامية من أعمال " مبادرة مؤتمر لندن2019 " ، حينما أفرط في التفاؤل بحل أزمات الاقتصاد الأردني، فاعتبر أن هاجس حلها قد أصبح خلف ظهورنا، وبالتالي ما علينا سوى التفكير بكيفية إستغلال الفرص التي وفرها المؤتمر للأردن! كما وصف الشراكة بين الجانبين الأردني والبريطاني بأنها ستحدث تغييراُ وستعيد الأمل لجيل الشباب في الأردن والمنطقة، إذ قال حرفياً كما أوردته وكالة الأنباء الأردنية بترا: (إن الإعلان منا جميعاً بأن الفترة التي سكن فينا هاجس كيف ندير الأزمة الاقتصادية قد أصبح خلف ظهورنا، ونحن نفكر الآن كيف نتعامل مع الفرص المتوفرة، وأعتقد أننا كشركاء سنحدث تغييراً وسنعيد الأمل لجيل الشباب في الأردن والمنطقة،.. الفرص متوفرة ونحن نراها في السياحة والصحة وتكنولوجيا المعلومات والإنشاءات).

وباعتقادي أن نتائج المؤتمر أقل من متواضعة، وعاجزة كلياً عن تمكين الأردن من وضع هاجس إدارة أزماته خلف ظهره كما ذكر دولة الرئيس، وذلك لأسباب منها:أن نتائج المؤتمر المالية متواضعة جداً، ففي جانب المنح حصل الأردن على 1037 مليون دولار، منها منحة قدمتها بريطانيا بقيمة 840 مليون دولار تدفع على خمس سنوات بمعدل 168 مليون دولار سنوياً، جزء منها سيخصص للخزينة ، وآخر ستصرفه الحكومة البريطانية بشكل مباشر في الاردن على اللاجئين وغيرهم، ومنحة من بنك الإستثمار الأوروبي بقيمة 97 مليون دولار، ومنحة يابانية بقيمة 100 مليون دولار تصرف على فترة خمس سنوات، وبالتالي لن تتجاوز حصة العام الجاري 2019 من هذه المنح على أعلى تقدير 285 مليون دولار، أي ما يعادل 201 مليون دينار أردني، وبالتالي لن يكون لهذا المبلغ أي تأثير يذكر سواء على عجز الموازنة، أو على تخفيض منسوب الدين العام، بل سيرتفع الدين العام كثيراً بمقدار القروض التي أقرها المؤتمر للأردن والبالغة 2724 مليون دولار، منها 140 مليون دولار من بريطانيا و250 مليون دولار ضمانات من الحكومة البريطانية لجهات دائنة للأردن، وقرض ياباني بقيمة 300 مليون دولار، وقرض من بنك الإستثمار الأوروبي بقيمة 904 مليون دولار، وقرض من الوكالة الفرنسية للانماء بقيمة 1130 مليون دولار، سيتم السحب منه على مدار السنوات الأربع القادمة، مع أن القرض الياباني البالغ 300 مليون دولار، وقرض وكالة الإنماء الفرنسي تمت الموافقة عليهما قبل إنعقاد مبادرة مؤتمر لندن، ولا يُعرف لماذا ينسب الفضل في الحصول عليهما لمبادرة مؤتمر لندن!

وأما عن التغير الذي ستحدثه نتائج "مبادرة مؤتمر لندن" لإعادة الأمل لجيل الشباب في الأردن والمنطقة، فلا يُعرف كيف لنتائج المؤتمر الأقل من متواضعة المتمثلة بأقل من 285 مليون دولار منح في عام 2019 ، و2.7 مليار دولار قروض تدفع على مدار السنوات الخمس القادمة أن تحدث تغيراً وإعادة أمل لجيل الشباب ليس في الأردن فحسب بل وفي المنطقة التي من البديهي أنها تشمل سوريا والعراق ولبنان وفلسطين ومصر! إلا إذا كان المستهدف بإحداث التغيير وإنعاش الأمل على مستوى المنطقة هم الأيدي العاملة الوافدة والشباب من أبناء اللاجئين في الأردن! وحينها سيتبين ان الحكومة الأردنية هي الوحيدة من بين حكومات دول العالم، التي تفرض على شعبها المزيد من الدين العام والأعباء والإلتزامات المالية الثقيلة وتعرضهم لشظف العيش والفقر من أجل تنفيذ شروط وأجندات دولية تمس إستقرار الدولة الأردنة، وإلا ما معنى أن تحدث الحكومة الأردنية (كما صرح رئيسها) التغيير وإعادة لأمل لجيل الشباب في المنطقة مع أنها حكومة دولة فقيرة ومنهكة اقتصادياً ومثقلة بأكثر من 28 مليار دينار من الدين العام وشعبها يرزح تحت نير دين مباشر من البنوك الأردنية بقيمة 23 مليار دينار حتى أصبح الشعب الأردني تحت سياسات الحكومات المتعاقبة من أفقر شعوب العالم؟ وهل نحن في الأردن وحكومتنا الرشيدة مكلفون وملزمون بإحداث التغيير وإعادة الأمل لجيل الشباب في المنطقة طالما أن الحكومة على أرض الواقع عاجزة عن إحداث التغيير وإعادة الأمل لجل الشباب الأردني الذي يرزح منه 338 ألف شخص بين ذكر وأنثى تحت نير البطالة وليس لهم دخل؟


أما عن هاجس إدارة الأزمة الاقتصادية الذي أصبح خلف ظهورنا حسبما ذكر الرئيس، فمعنى ذلك حسب إفتراض الرئيس أن الدين العام الذي يعادل 42 مليار دولار أمريكي قد تم تسديده، وأن البطالة البالغة نسبتها 18.7% من قوة العمل ستنخفض إلى أدنى المستويات العالمية لتصبح من 2% إلى 3%، وأن عدد المتعطلين عن العمل البالغ 338 ألف شخص سنيخفض إلى عشرات ألآلاف فقط، وأن الصادرات الأردنية التي راوحت في السنوات الأخيرة عند 5.6 مليار دينار قد فتحت الأسواق العالمية أمامها بلا حواجز وقيود جمركية وإدارية وسترتفع لتبلغ 14.5 مليار دينار لتتعادل مع المستوردات، وأن العجز التجاري البالغ 9 مليارات دينار قد تلاشى فأصبح صفراً، وأن عجز الموازنة بعد المنح الذي يناهز المليار دينار سنوياً سيتلاشى لتتعادل قيمة الإيرادات العامة مع النفقات العامة وسيختفي هذا العجز، ولن تكون الحكومة الأردنية بحاجة للجوء إلى الإقتراض المحلي والخارجي، هذه الأهداف الوطنية الاستراتيجية بأكملها لو تحققت سيكون بمقدور دولة رئيس الوزراء التصريح بأن هاجس إدارة أزمة الاقتصاد الأردني قد أصبح خلف ظهورنا، نعم وصحيح؛ فقد أصبح هذا الهاجس منذ زمن بعيد خلف ظهور المسؤولين الذين تخلوا عن مسؤولياتهم في إدارة شؤون الدولة على نحو صحيح، لكن هذا الهاجس لا يزال كابوساً ثقيلاً ومرعباً يجثم على صدر الوطن والمواطنين.


على صعيد الصادرات الوطنية لم يتحقق قي مؤتمر لندن أي شيء من شأنه تنميتها، وما تم في مجال جذب الإستثمارات الخارجية كان مجرد تعريف ببيئة الإستثمار قدمه بعض المشاركين الأردنيين في المؤتمر، وقد سبق تقديم مثل هذا التعريف في مؤتمرات دولية سابقة ولم يفض إلى جذب إستثمارات خارجية ذات قيمة للاقتصاد الأردني، لأن الشركات العالمية ودول العالم تدرك جيداً أن بيئة الإستثمار في الأردن طاردة للإستثمارات المحلية والخارجية على حد سواء، وذلك بفعل السياسات المالية والاقتصادية الحكومية، وفي مجال التشغيل والبطالة لم تُفتح أسواق عمل أي دولة مشاركة في المؤتمر بوجه الأيدي العاملة المحلية أكثر مما هو متحقق على أرض الواقع كي تنخفض نسبة البطالة.


الإفراط في التفاؤل لا يتوافق مع حل الإزمات الاقتصادية التي لا تقبل التأويل والكلام المنمق البعيد عن الواقع، خصوصاً أن إيجاد حل لأزمات الاقتصاد الأردني المزمنة والحادة، يحتاج لمدة زمنية طويلة لا تقل عن خمس سنوات فيما لو توفرت الموارد المالية الضخمة والكافية، وتوفر صناعة قرار اقتصادي صحيحة ورشيدة ومنتمية بصدق لهذا الوطن لتتولي إنجاز هذا الحل، لذلك مهما أغرق المرء في التفاؤل حيال نتائج مؤتمر لندن فلن تتعدى حدود ما تم الحصول عليه من منح وقروض تغطية جزء من عجز موازنة السنة الجارية 2019، مع إستمرار باقي أزمات الاقتصاد الأردني كما هي من دين عام وبطالة وفقر وعجز في الميزان التجاري وكساد شديد في الأسواق، إلا إذا حدث تغير إستثنائي في مواقف الأشقاء في دول الخليج والدول الصديقة وأقدموا على التدخل الفعال لحل أزمات الاقتصاد الأردني خدمة للشعب الأردني، وليس خدمة لكبار المسولين الذين ثبت بالوجه القطعي أنهم لا تعنيهم أوضاع الشعب الأردني البائسة والمزرية التي وصل إليها بفعل سياساتهم الاقتصادية والتنظيمية الفاشلة، وذلك بسداد كامل أو جزء كبير من الدين العام الداخلي والخارجي، وفتح أسواق عملها بشكل أوسع أمام الأيدي العاملة الأردنية، وتقديم تسهيلات أكبر لدخول الصادرات الأردنية إلى أسواقها، حينها يمكن القول أن هاجس إدارة أزمة الاقتصاد الأردني قد أصبح خلف ظهورنا.








طباعة
  • المشاهدات: 23728
لا يمكنك التصويت او مشاهدة النتائج

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم