13-03-2019 06:48 PM
بقلم : ياسر العبادي
إن المنطقة العربية عموما والأردن خاصتنا قد أصبحت هدفا لمئات المنافذ الإعلامية والإتصالية المرتبطة بالبث التلفزيوني والإذاعي والصحافة الإلكترونية بإبعادها وسهولة إختراقها ووصولها، ووسائل االعالم الجديد المرتبطة بالإنترنت " التواصل الإجتماعي" وفوضويته، ونظم الإتصالات الهاتفية المتطورة، هذا الفيضان العالمي قد أتاح فرصا رحبة أمام الجمهور العربي والأردني ما يعنينا بالدرجة الأولى، وتدفق المعلومات بغزارة وكذا صناعتها بشكل أكثر حرية وتفاعلية وتنوعا من أي وقت مضى مما يساهم في تفعيل حركة التغييرالإجتماعي والثقافي والسياسي في المنطقة بإتجاه المزيد من الإنفتاح والحرية وخلق حالة التقارب الإنساني والحضاري بين الشعوب فلم يعد البث التلفزيوني والفضائي يتابع ويلحق الحدث ويسعى لتغطيته بل أصبح يسهم في تشكيل أبعاده في مخيلة المشاهدين.
ويبقى الخيار الأمثل هو البرامج الثقافية تلك التي تهدف إلى تزويد المشاهد بالمعلومات والمعارف والعلوم في مختلف مجالات الحياة، وتساهم في تكوين المواقف الفكرية والعاطفية اللازمة لفهم حركة المجتمع والتلائم معه، فالتثقيف المجتمعي يهدف إلى نشر المعرفة على أساس تفتح الأذهان وتكوين الشخصية وشحذ الكفاءات والهمم وتنمية الذوق وتهذيبه وتمكين الإنسان على مدى العمر من المحافظة على مقدرته إستيعاب كل ما ينمي طاقاته ويوسع مداركه وآفاقه ويشبع تطلعاته إلى الخير والجمال وتحتوي البرامج الثقافية على مواد معدة وأفلام وثائقية وبرامج هادفة تشمل حوارات ومناقشات وندوات ومعد لهذه البرنامج وما يتمتع به من إلمام شامل وبراعة وقدرة حوارية موضوعية تستند إلى الطرح البناء وفكر حريغوص في أعماق المتحدثين وإستخراج مكنونات تدلل على التعبيربوضوح وشفافية وتوجيه للغاية المثلى لتنجح في إجتذاب الجمهور المشاهد.
تسعى لدعم المشاهد والسماح له بمواكبة ومسايرة الأحداث والتجارب الثقافية والعلمية المفيدة لتجعله أكثرإرتباطا ومعرفة بالواقع الذي يعيش فيه فلا يمكن إنكار الدور الذي تلعبه الفضائيات في الإنفتاح على الثقافات وعمليات التنمية في محتلف النواحي الفكرية والروحية والجمالية أو تؤرخ لطريقة معاشات حياة الشعوب كميزة تؤرخ لفترة من الفترات وجميع الممارسات والأعمال الخاصة بالنشاط الفكري والأدبي والفني بصفة خاصة وبكل ما
يتعلق بإرتقاء المثل الإنسانية بصفة عامة.
هذا النوع من البرامج "الثقافي" بمفهومه الواسع أصبح ضرورة إلزامية ملحة من أجل رفع مستوى فكر المشاهد وتنمية إبداعات وفضول الذكاء لديه ونشر ثقافات مختلقة ومتعددة عن طريق ما تبثه من مضامين وبرامج كما ولا يمكن نفي الدور الحساس الذي تلعبه البرامج الثقافية كمادة إعلامية ثقافية وتعليمية بالنسبة للجماهير والمجتمعات كونها تخلق لمتتبعيها رصيدا فكريا ثقافيا، من خلال ما تقدمه من رسائل إعلامية ومن ما تصنعه من أفكار قائمة على
دور التثقيف، كما أن المعادلة في االعالم الثقافي أو البرامج الثقافية ليست قضية تحقيق أحد طرفي المعادلة التي تتمثل في نزول البرامج الثقافية إلى عامة الجمهور أو الإرتقاء بعامة الجمهور إلى ما يطمح إليه البرنامج الثقافي من أهداف ؟ هذه البرامج التي يبحث فيها المتلقي عن حاجاته الثقافية وعن إهتماماته يجد ما يتقاطع معها، تجمع بين صناعتي الثقافة وأهميتها كمادة ثقافية تتميزبالإنفراد في أسلوب تقديمها وبغناها بالمعلومات وبتنوع مضامينها.
نحتاج في قنواتنا برنامج ثقافة وفكر على الأقل مدته حوالي 21 دقيقة يوميا وإسبوعيا أي بمعدل 391 دقيقة يتحدث عن التراث و الآثار، الشعر والأدب بتنوعه، المؤلفات، الفن بأنواعه، ومسابقات ترفيه وثقافة، المعالم التاريخية والحضارية، الفلسفة على اعتبارها اما للعلوم الإنسانية، يركز بصفة كبيرة على الفكرالحداثي ومواكبته للعصر برؤى الفكرالتنويري المنفتح على العالم، وفتح مواضيع النهضة العربية والتحولات في العالم العربي و الأيديولوجيا وبعض جوانب الحياة الشخصية لرموز الثقافة على مر العصورالتي مرت حضارتنا العربية والأردنية وتسليط الضوء على أعمالها.
برامج تعتمد في أسلوب المعالجة على إبراز دورإهتمامها بالمواطن بالدرجة الأساسية كحق له وليس منه ورفعة المجتمع وأخذ الحكومة دورها للرقي بالدولة وأخذ المجتمع الدولي مسؤولياته، وكل ذلك لمصلحة الجميع في آن واحد ليس مجرد ذكر الموضوع المطروح والتعريف به بل عرض القضية وطرح الحلول حيث يسعى البرنامج الى طرح القضايا ومحاولة الوصول إلى الحالة المثلى، إن لكل من والدولة والمجتمع الدولي دور في المحافظة على كل ما هو ثقافي من خلال الهيئات الثقافية الفاعلة ومؤسسات المجتمع المدنية والأهلية وإعمال تفعيل القوانين الدولية التي تحمي التراث والثقافة، ويقوم البرنامج بتقديم المعلومات المتعلقة بالقضية الثقافية وجذب الأنتباه لها ومعالجة السلوك في الواقع والتعاون بين المجتمع المحلي والدولي في عرض و معالجة الظواهر السلبية وتبيان المسببات لفهم الموضوع بالتوعية بالأضرار المترتبة عن التدهور السياسي وربطه بالتدهور الثقافي قديما وحديثا، للحفاظ على المنشئات الثقافية بدعم الأبداع الثقافي في تنمية حب الثقافة والذوق الجمالي لمختلف الثقافات وإذكاء الأقتداء بالكتاب والمؤلفين والشعراء والأدباء وأهل الفن الهادف بحيث يركز بدرجة كبيرة على القيم والمعرفة والمعلومات المختلفة المتعلقة بالثقافة وترشيد السلوك البشري بما يحمي تراث وثقافة حضارة نطمح أن نعيشها جميعا.
تستهدف هذه البرامج الجمهور العام بصفة عامة كون القضايا المتناولة فيه تهم الشان العام ككل، ويخاطب الجماهير المتخصصة أيضا، ويتم فيها الجمع بين اللغات العربية واللغات الأجنبية لتناسب إذواق المشاهد العربي الذي بات يتكلم لغات العالم وليتعرف على ثقافات الشعوب الأخرى بسلاسة وحتى يكون موضوع البرنامج مفهوما لدى جميع شرائح الجمهوربإستخدام الترجمة إحدى مفردات الثقافة.