حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
السبت ,16 نوفمبر, 2024 م
طباعة
  • المشاهدات: 23466

التراجع الخطير في النمو السنوي للودائع لدى البنوك

التراجع الخطير في النمو السنوي للودائع لدى البنوك

التراجع الخطير في النمو السنوي للودائع لدى البنوك

17-03-2019 11:04 AM

تعديل حجم الخط:

بقلم : بسام الكساسبة

الودائع هي المبالغ التي يضعها الأفراد والشركات والمؤسسات الفردية والخاصة والعامة لدى البنوك التجارية المرخصة، وتشكل المصدر الرئيسي الذي تقرض منه الأفراد والمؤسسات والشركات والجهات الحكومية المختلفة، أما المقصود بالنمو السنوي للودائع فهو مقدار الزيادة في إجمالي الودائع لدى جميع البنوك المرخصة بنهاية كل سنة قياساً بالسنة السابقة، وقد كانت هذه الزيادة مرتفعة حتى نهاية عام 2015، ثم إنخفضت بشكل حاد خلال السنوات 2016 و 2017 و 2018.
لقد بلغ معدل الزيادة السنوية في الودائع خلال الفترة من عام 2004 إلى نهاية عام 2012 نحو 1666 مليون دينار سنوي، إرتفع للسنوات 2013 و 2014 و 2015 إلى 2543 مليون دينار سنوياً، وكما يلاحظ أن الإتجاه العام لنموها هو تزايدها السنوي التصاعدي، تماشياً مع النمو الاقتصادي السنوي، وارتفاع التضخم على المستويين المحلي والدولي، لكن بالرغم من ذلك إنخفض معدل النمو السنوي بشكل حاد للسنوات 2016 و 2017 و 2018، الى 417 مليون دينار، وهي المرة الأولى في تاريخ المملكة التي ينخفض فيها هذا النمو السنوي لثلاث سنوات متتالية، والمرة الأولى أيضاً التي ينخفض فيها بهذه الشدة.
ارتفع إجمالي الودائع لدى البنوك المرخصة من 24970 مليون دينار في عام 2012 إلى 27593 مليون دينار في عام 2013 ثم إلى 30261 مليون دينار في عام 2014 وإلى 32599 مليون دينار في عام 2015 أي بمعدل زيادة سنوية بلغت 2543 مليون دينار، لكن بدل أن تواصل الودائع نموها الطبيعي السنوي التصاعدي خلال السنوات 2016 و 2017 و 2018، فقد تراجع نموها ليبلغ إجمالي الودائع 32900 مليون دينار في عام 2016 إرتفعت إلى 33198 مليون دينار في عام 2017 ثم إلى 33848 مليون دينار في عام 2018 أي بمعدل نمو سنوي قيمته 417 مليون دينار، وبتراجع عن معدل النمو السنوي للسنوات السابقة من 2013 إلى 2015 بمقدار 2126 مليون دينار، حيث بلغت القيمة التراكمية للتراجع في النمو السنوي للسنوات 2016 و 2017 و 2018 مبلغ 6378 مليون دينار، أي كان يفترض نمو الودائع خلال هذه السنوات الثلاث بمعدل 2543 مليون دينار سنوباً ليبلغ إجمالي الودائع المفترض بنهاية عام 2018 على أقل تقدير 40228 مليون دينار بدلاً من 33848 مليون دينار.
ولإنخفاض نمو الودائع لدى البنوك التجارية مخاطر عديدة أبرزها: التأثير السلبي على قدرة البنوك في توفير السيولة النقدية الكافية لمواجهة السحب على الودائع من قبل المودعين، نظراً لارتفاع نسبة الإئتمان المحلي الذي قدمته البنوك المرخصة إلى إجمالي الودائع لديها من 66.2% في عام 1998 إلى 85% في عام 2009 ثم إلى 91% في عام 2014 وارتفع في عام 2018 إلى 101.3% وهو أعلى مستوى بلغه في تاريخ المملكة، فبينما بلغ إجمالي الودائع لدى البنوك المرخصة بنهاية عام 2018 نحو 33848 مليون دينار فقد بلغت قيمة الإئتمان المحلي الذي قدمته البنوك المرخصة للقطاعين العام والخاص خلال نفس العام 34280 مليون دينار أي بزيادة 431 مليون دينار عن إجمالي الودائع خلال نفس السنة، وإرتفاع هذه النسبة قد تعرض البنوك لأزمة سيولة خطيرة ، مما سيجعلها تحت أي ظرف إستثنائي غير قادرة على مواجهة أي سحب زائد من قبل المودعين على الودائع، صحيح أن لدى البنوك المرخصة أموالها الخاصة المتمثلة برؤوس أموالها والإحتياطيات القانونية والإلزامية والأرباح المدورة والمخصصات الأخرى، لكن أجزاء كبيرة من هذه الأموال غير قابلة للتصرف بها من قبل البنوك التجارية، لأن بعضها تم تحويلها لعقارات، أبنية ومقار للبنوك وفروعها ومكاتبها وأثاث وتجهيزات مصرفية أخرى، وأجزاء أخرى منها محجوزة لدى البنك المركزي كاحتياطيات الزامية لمواجهة مخاطر مصرفية محتملة قد تتعرض لها البنوك، لذلك اذا ما زاد الإئتمان المحلي (الإقراض للقطاعين العام والخاص) كنسبة من اجمالي الودائع، أو إرتفع السحب من هذه الودائع فهناك إحتمالية عالية أن تواجه العديد من البنوك أزمة سيولة نقدية شديدة.
إن تراجع النمو السنوي للودائع خلال السنوانت 2016 و 2017 و 2018 يكشف عن مؤشر خطير آخر وهو تراجع نمو الاقتصاد الوطني، وبالتالي تراجع مماثل في نمو الناتج المحلي الإجمالي أيضاً، نتيجة لتراجع أعمال القطاع الخاص الأردني، الذي تشكل ودائعه 92% من إجمالي الودائع لدى البنوك، فقد تراجعت الزيادة السنوية لودائع القطاع الخاص (المقيم) بشكل حاد خلال السنوات الثلاث الأخيرة، فبينما بلغت هذه الزيادة 1781 مليون دينار و 1823 مليون دينار في عامي 2014 و 2015 على التوالي فقد تراجعت إلى 1153 مليون دينار في عام 2016، أي بإنخفاض نسبته 37% عن مستواها في عام 2015 ، ثم إنخفاضها بقيمة -37 مليون دينار في عام 2017 و 28 مليون دينار في عام 2018، ويعكس هذا التراجع الحاد أزمة كساد في أعمال وأنشطة وإستثمار القطاع الخاص الأردني، وبالتالي لا يمكن للناتج المحلي الإجمالي الأردني أن ينمو ويرتفع في ظل تراجع أداء القطاع الخاص الأردني، الذي يعكسه التراجع الخطير في ودائعه لدى البنوك، وهذا ما يلقي شكوكاً قوية حول حقيقة معدلات النمو السنوية للناتج المحلي الإجمالي الأردني التي تظهرها الجهات الرسمية على أنها معدلات نمو إيجابية، بمعنى أن معدلات نمو الاقتصاد الوطني ليست إيجابية وليست صحيحة، بل هي سلبية للسنوات 2016 و 2017 و2018، وهذا ما ينبغي للحكومة الإعتراف به، وتصحيح مؤشراتها حول ذلك.
أخيراً وبناءاً على ما سبق؛ يفترض أولاً في مجال السياسات النقدية والمصرفية أن تخضع القروض (الإئتمان المحلي بما فيه التسهيلات الإئتمانية المباشرة) التي تقدمها البنوك التجارية لمعايير وضوابط دقيقة تحافظ على سلامة هذه الودائع، وتتيح للبنوك مرونة عالية في مواجهة أي زيادة في سحب الودائع لديها من قبل أصحابها، نتيجة لظروف ذاتية تتعلق بالمودعين أنفسهم، أو لظروف موضوعية تتعلق بالأوضاع السياسية والاقتصادية المحلية والدولية التي قد تسود، وهذا ما ينبغي العمل به من قبيل التحوط في مواجهة المخاطر، وثانياً أن تعيد الجهات الرسمية المعنية احتسابها لبيانات الناتج المحلي الاجمالي بأسعار السوق الجارية خلال السنوات 2016 و 2017 و 2018 وتصحهها في ظل التراجع الخطير في النمو السنوي للودائع لدى البنوك المرخصة بشكل عام، ولودائع القطاع الخاص على وجه التحديد، وكذلك ان تعيد تصحيح مؤشرات النمو الفرعية الأخرى وفي مقدمتها مؤشر نسبة الدين العام إلى الناتج المحلي الإجمالي، وذلك إتسجاما مع مبدأي الشفافية، والتميز في الأداء، الذي تعلن عنهما العديد من الجهات الرسمية المعنية بالشؤون الاقتصادية، وفي مقدمتها المالية والنقدية والمصرفية والتخطيطية والتجارية والصناعية والاستثمارية.
Email : kasasbehb@gmail.com








طباعة
  • المشاهدات: 23466
برأيك.. ما خيارات ترامب للتعامل مع إيران بعد فوزه بانتخابات الرئاسة الأمريكية؟
تصويت النتيجة

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم