حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الثلاثاء ,24 ديسمبر, 2024 م
طباعة
  • المشاهدات: 9151

إصلاح التعليم مبتدأ النهضة (7)

إصلاح التعليم مبتدأ النهضة (7)

إصلاح التعليم مبتدأ النهضة (7)

18-03-2019 09:00 AM

تعديل حجم الخط:

بقلم : د. فيصل الغويين
ثالثا: المعلم

لعلّ مسارات الإصلاح جميعها تصب في النهاية عند المعلم، فهو العنصر المؤثر والحاسم في نجاح العملية التعليمية التعلمية أو إخفاقها، وما لم يكن المعلم في مستوى كفء يجعله قادراً على إحداث التغيير بوسائل أكثر فعالية في عقلية الطالب وفي سلوكه وأخلاقه، فإن مسارات الإصلاح التربوي جميعها ستظل قاصرة وغير مؤثرة.
فأي نظام تربوي لا يمكن أن يتقدم أعلى من مستوى المعلمين القائمين عليه، ومن هنا فلابد من إعادة نظر شاملة في أوضاع المعلمين، تؤسس لقوة تعليمية ممتازة علمياً ومكرمة اجتماعياً، ومؤمنة برسالة التعليم في تقدّم المجتمع، وإعادة الألق للمهنة بما يجعلها جاذبة لأفضل العناصر، من خلال الإرتقاء بشروط الإنتساب إلى مهنة التعليم، وتطوير خطط إعداد المعلمين لكل مراحل التعليم، وتحسين الوضع الاقتصادي والاجتماعي للمعلم، ووضعه على قدم المساواة مع المهنيين الآخرين كالأطباء والمهندسين ورجال القضاء.

لقد فقد معلم عصر المعلومات سلطة احتكار المعرفة ليتغير دوره من كونه مجرد ناقل للمعرفة إلى كونه مشاركاً وموجهاً يقدم لطلبته يد العون، وتتفق جميع الآراء على أنّ نجاح المؤسسة التربوية في عصر المعلومات يتوقف على نجاحها في إحداث النقلة النوعية في إعداد المعلم وإعادة تأهيله.

ويمكن رصد العديد من الملاحظات والتحديات الخاصة بالمعلمين سواء فيما يتعلق بالإختيار أو الإعداد أو الدعم أو التدريب أو التقويم وغيرها من القضايا المهمة التي تؤدي إلى الإرتقاء بمهنة التعليم؛ فعملية الإختيار والتأهيل للمعلمين لم تتطور كثيراً، بل تراجعت على مدى أكثر من عقدين؛ نتيجة الانشغال بتوفير الكم على حساب الكيف؛ فقد كانت الحلول تتجه دوماً إلى ملء المدارس بمن يتوافر فيه الحد الأدنى من المؤهلات، مما أضرّ بسمعة المهنة، وأصبحت قيمتها المعنوية والمادية محل تساؤل، إضافة إلى أنّ المعلمين هم نتاج النظام التعليمي نفسه الذي يعاني من مشكلات عميقة على مستوى التعليم العام والعالي، تجعله غير قادر على تأهيل الأجيال الجديدة تأهيلاً متقدماً.
كما يلاحظ ضعف في التنسيق المؤسسي بين كليات التربية في الجامعات الأردنية ووزارة التربية والتعليم، وقلة فاعلية التربية العملية والتدريب الميداني في المدارس، إضافة الى ضعف الانتماء للمهنة والعزوف عنها، وشعور المعلم بأنه معزول عن المشاركة في الرأي وصنع القرار، وخضوعه لتعليمات محددة، ووجوده في مدارس قد لا يتوفر فيها الحد الأدنى من الإمكانيات المادية مقارنة بالمهن الأخرى، وما يلاحظه من ممارسات اجتماعية في تكوين الثروات وإسناد المواقع القيادية مع فيها من بعد عن الموضوعية، وعدم ارتباط التقدم بالجهد والمقدرة والكفاءة، مما يدفعه إلى اليأس على ما في ذلك من ضرر على المتعلمين.

لقد أولت وزارة التربية والتعليم في السنوات القليلة الماضية اهتماماً ملحوظاً في آلية اختيار المعلمين من خلال عقد امتحانات للمرشحين للتعيين في ملاكها، ومن ثم إخضاع الناجحين منهم إلى دورة معلمين مستجدين، إضافة إلى البرامج التدريبية التي تقدمها أكاديمية الملكة رانيا لتدريب المعلمين قبل وأثناء الخدمة منذ انشائها عام 2009، وتشير أرقام الأكاديمية الى تدريب حوالي 60 ألف معلم، إضافة الى استحداث برنامج الدبلوم المهني لإعداد وتأهيل المعلمين قبل الخدمة، إضافة إلى الجوائز التي تقدمها الأكاديمية كجائزة المعلم المتميز، والمدير المتميز، والمرشد المتميز.
وبالرغم من هذه الجهود إلا أن مردود برامج التدريب وأثرها لا يزال محدوداً في الغرفة الصفية، ويعزى ذلك إلى عدة عوامل، منها: غياب السّياسات العامة والشاملة للمعلّمين، وتعثّر برامج إعداد وتأهيل المعلّمين في الجامعات، وسوء إدارة الإمكانات الماليّة والبشريّة المخصّصة للتدريب في الوزارة والمديريات، وازدياد الطلب على المعلّمين نتيجة النّمو السكاني السريع وموجات اللجوء، واكتظاظ المدارس، وعزوف الكثيرين عن مهنة التعليم خاصة بين الذكور.
وفي هذا المجال يمكن اقتراح ما يلي:
1- إنشاء مركز وطني لإعداد وتدريب المعلّمين يتولّى رسم السياسات المتعلّقة بالإعداد والتدّريب والتّنميّة المهنيّة، ووضع معايير وإجراءات البرامج، وترخيصها واعتمادها، ومراقبة تنفيذها، وتقييم نتائجها ومخرجاتها، وتعديل وتطوير مساراتها،على أن يكون لنقابة المعلمين الدور الأساسي في هذا المجال.

2- الإرتباط الوثيق بين برامج إعداد المعلّمين قبل الخدمة، وبرامج إدماج المعلّمين الجدد، وبرامج التّدريب أثناء الخدمة، وبرامج التنميّة المهنيّة المستمرّة، والابتعاد عن المقاربات التجزيئيّة غير المترابطة.
3- أن تنحو برامج إعداد المعلّمين قبل الخدمة منحى تكامليّاً (تلازميّاً) قائماً على ترابط المعرفة العلميّة والبيداغوجيّة والممارسات العمليّة القائمة على أفضل ما توصّل إليه البحث العلمي والتّربوي.
4- إعطاء اهتمام خاص لتدريب (مدربي المعلمين) كالمشرفين التربويين ومدراء المدارس، وتحديث معلوماتهم ومهاراتهم، ومشاركتهم في أنشطة البحث والتطوير.

....يتبع








طباعة
  • المشاهدات: 9151
لا يمكنك التصويت او مشاهدة النتائج

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم