23-03-2019 09:17 AM
بقلم : هاله ابو رصاع الحويطات
ما أروعه من موقف منك سيدي عبد الله،فكرةٌ رائعة وملك أكثر روعة،ما أجمل تلبية هذا النداء أيها المفدى،ولكن أنّى للموظف البسيط أن يلبيه يا مولاي! العين بصيرة واليد قصيرة.
ربما هي المرة الأولى التي يخجل فيها شعبك منك مولاي،المرة الأولى التي يقف فيها حائراً عاجزاً عن تلبية النداء،ولكنه سيفسح المجال لمن هم أكثر منه قدرة على هذه المبادرة العظيمة التي بادرتموها سيدي.
هناك شركات كبرى ومؤسسات عريقة وهيئات مستقلة ورجال أعمال لبّوا النداء،ولابد أن يحتذي حذوهم الكثير، ها هو رئيس ديوان يتبرع براتبه الشهري لمدة ثلاثة شهور داعياً العاملين في هذا الديوان التبرع بما يستطيعون،ولكن الغريب في الأمر أن يخرج علينا مدير دائرة ويقترح على موظفيه المساهمة في هذه المبادرة بشريطة التبرع بمبلغ أقلّه عشرة دنانير!هل فكر ذلك المدير كيف يعيش الموظف الذي ينتظر راتبه بعد استلامه بخمسة أو ستة أيام،ليبدأ بالتقشف والعد للراتب اللاحق!هل حاول أن يعيش عيشة ذلك الموظف البسيط!هل يعرف ما معنى العشرة دنانيربالنسبة لموظف عادي!هل حاول التأقلم بثلاثمائة دينار في الشهر،أو حتى الخمسمائة دينار!هل فكر في يوم من الأيام كيف سيدبر نفسه لآخر الشهر؟هل طلبه ابنه أو ابنته في يوم من الأيام أن يجلب له شيء وكانت الإجابة انتظر لأستلم راتبي!؟هل عدّ الأيام بل الساعات انتظاراً للراتب!حتماً الإجابات كلها بالنفي،الإجابات معروفة مسبقاً لنا فهي حتماً لا،حبذا لو لم يحدد القيمة لكان من الأفضل.
لن أقول أين الوزراء والنواب والأعيان والمدراء والأمناء العامون وغيرهم،فهم أكثر علماً بنداء الوطن ومليكه،ويتابعون جيداً مجريات الأمور ويعرفون ما عليهم،ربما تبرع مسؤول براتبه يسهم في الحل كما بادر رئيس ديوان الخدمة المدنية مشكوراً كأول مسؤول بالتبرع براتبه ولمدة ثلاثة شهور،هذا هو المسؤول الحق،هذا ما يتمنى الشعب أن يراه،هذا ما يسهم في حل الأزمات،تبرع مسؤول لن أقول براتبه-وإنما بجزء منه-سيحل المعضلات ويفرج الازمات.
وهنا دعوني أقول-وبالتأكيد ستتم معارضتي من البعض-السؤال من سمح لتلك الجهات أن توجد الأزمات وتغرق نساءنا بمسميات مختلفة من القروض مع تلك التسهيلات التي نسمع عنها؟كيف لتلك المؤسسات أن تقوم بتوريط تلك الفئة من المجتمع دون متابعة حثيثة من الحكومات المتعاقبة؟فقد سمعنا عن الكثيرين ممن ورّطوا أمهاتهم وزوجاتهم وبناتهم بتلك القروض وباتت أعراضهم في السجون ووصلت المسائل إلى ما وصلنا إليه اليوم من نداءات وتبرعات لغايات سد تلك الديون.
كيف تقوم تلك المؤسسات برمي شباكها بكل يُسر وتسهيلات؟كيف تقوم بإقراض من لا عمل لها؟الإجابة بسيطة فهي تعرف جيداً من أين تؤكل الكتف،تعي تماماً غيرة الأردني على نسائه،وعند عدم الدفع سيهب محاولاً جُل جهده وبشتى الطرق للحيلولة دون سجنها،لذلك تقدم هذه المؤسسات القروض دون شروط وبكفالات لأشخاص بلا عمل وبلا دخل ثابت يمكنّهم من السداد ،لأنها في النهاية هي الرابحة، لكنها لم تقدّر الظروف التي نحياها منذ سنوات،فالأمور أصبحت أكثر تعقيداً والحياة صعبة للغاية،وبات البعض عنده السجن هو الحل،ولا ضير عنده في ذلك.
ثم إن الفائدة على المبالغ التي يتم اقتراضها كبيرة جداً تكسر ظهر المقترض،فهل فكر المسؤول ما السبب الذي يجعل تلك السيدة تغامر تلك المغامرة وهي تعلم جيداً أنها بلا دخل ثابت وبلا وظيفة تجعلها قادرة على الإلتزام بدفع القيمة الشهرية المترتبة عليها جراء ذاك القرض وأن مصيرها السجن لا محالة؟
إن كنّا نبحث عن حلّ جذري فلا بدّ من إعادة النظر في تلك المؤسسات ووجودها لأن المسائل ستتكرر ولن تتوقف على هذه المرة فحسب.
كم تمنيت أن تكون تلك المبادرة لسد عجز ومديونية الدولة،حملة تبرعات من الشعب لتلك الغاية،لو اهتمت الحكومات المتعاقبة بمستوى الفرد المعيشي ودخله الشهري،آنذاك سيتبرع كل فرد منا براتب شهر على الأقل ولن يختل توازن معيشته فهو يستلم ما يكفيه ويسد رمقه ورمق أسرته،لا بل سيوفر منه الجزء البسيط.
اليوم وبعد مباردة سيد البلاد،كلنا أملٌ أن تطل علينا تلك المؤسسات وتثبت ولاءها وانتماءها لهذا البلد وهذا القائد العظيم،وتكون من المبادرين في حل هذه الأزمة التي أوجدتها،ربما تخفيض تلك المبالغ سيكون له شأن عظيم في الحل،أليست تلك الجهات أردنية وتشارك أبناء البلد همومه وتسهم في حلّها؟
سيدي عبد الله تحسدنا الشعوب عليك،أعانكم الله ووفقكم وسدد خطاكم لما يحبّ ويرضى،بوركتم وبوركت جهودكم........دمتم لنا.