24-03-2019 10:03 AM
بقلم : د. فيصل الغويين
ثالثاً: تمهين التعليم
ولما كان التعليم الجيد يتطلب معلمين أكفاء فلقد ازدادت الدعوات على مستوى العالم لتمهين التعليم بحيث يصبح التعليم مهنة بكل ما لهذه الكلمة من معنى؛ باعتبار أن تمهين التعليم يشكل الأساس المناسب لعمليات التطوير والاصلاح، إذ يشكل ضابطاً للنوعية في برامج إعداد المعلمين، ويشعر المعلمون بأنهم مهنيون ذوو استقلالية ومكانة في المجتمع مثلهم مثل سائر ممارسي المهن الأخرى كالطب والهندسة والمحاماة، ويزيد دافعيتهم، ويؤدي إلى الاعتراف بالدور الحيوي الذي يؤدونه في المجتمع، وبالتالي إلى رفع مكانتهم الاجتماعية والاقتصادية.
إنّ التعليم مهنة تحتاج إلى التنظيم، وإلى شروط لمنح الاجازات لمزاولتها، وإلى ايجاد نظام جديد لرتب المعلمين بحيث توضع لكل رتبة مواصفاتها الدقيقة، والشروط العملية والمعرفية والأكاديمية والمهنية، التي تؤهل المعلم للانتقال من مستوى إلى مستوى آخر، وتحديد الكفايات والشهادات اللازمة للترقيات. مما يعني ضرورة إيجاد تشريعات خاصة بمزاولة المهنة ومنح الرخص الخاصة بذلك.
وفي هذا الإطار طرحت وزارة التربية والتعليم مشروع نظام مزاولة المهن التعليمية وترخيص المعلمين والقيادات التربوية، وتضّمن النظام فئات الرخصة والمسارات المهنية، ومستويات الرخصة لكل مسار، ومتطلبات الإنتقال بين المسارات، وحقوق ومستويات الرخصة، والحوافز المالية والوظيفية المرتبطة بكل مستوى، وتتدرج مستويات الرخصة بين الرخصة المؤقتة وصولاً إلى مستوى المعلم الخبير، ومتطلبات الانتقال من مستوى إلى آخر. الأمر الذي يعني تحقيق تحول نوعي كبير سينعكس إيجاباً على المعلمين، ويسهم في رفع سوية التعليم في حال تم اقراه وتطبيقه.
وحتى نصل إلى نظام محكم ومدروس لهذا المشروع، لا بد من إجراء تعديل على المادة (5)، فقرة (د)، من قانون نقابة المعلمين الأردنيين وتعديلاته، والتي تنص على :" عدم التدخل بسياسات التعليم والمناهج والبرامج والمعايير المهنية وشروط مزاولة مهنة التعليم والمسار المهني والوظيفي للمعلمين"، مما يعني عملياً إفراغ فكرة النقابة من مضامينها الأساسية، وخاصة فيما يتعلق بالمسار المهني والوظيفي للمعلمين، وشروط مزاولة المهنة، واقتصار دورها على الجانب الإستشاري الشكلي وغير الملزم ، والأصل أن تكون النقابة شريك أساسي مع الوزارة في مسألة تعد محورية إذا أردنا النهوض الحقيقي بالمهنة ومنتسبيها.
إن أي نظام لمسار مهني مقترح لا بد أن يتضمن الأسس والأهداف التالية:
أ- المحافظة على الحقوق المادية المكتسبة والبناء عليها.
ب- تقوية وتحديث مجال التخصص الأكاديمي.
ت- تنمية وصقل المهارات البيداغوجية والمهنية.
ث- المتابعة المؤسسية للتأكد من الالتزام بالأهداف والشروط المعتمدة لغايات منح الرخصة والترقية.
ج- أن تتبنى نقابة المعلمين ووزارة التربية والتعليم آلية منح الرخصة وتجديدها وفقاً لما يعرف بنقاط النمو المهني، بحيث يتم تحديد أنشطة النمو المهني المطلوبة من كل معلم وحسب تخصصه ومجال عمله تبعاً لعدد الساعات التي أمضاها في كل متطلب، بحيث تحول الساعات الدراسية والتدريبية إلى نقاط.
ح- أن تكون مدة صلاحية الرخصة خمس سنوات، ويكون لزاماً على كل معلم التقدم لتجديدها في العام الأخير من صلاحيتها. وفي حال عدم تقدم المعلم لتجديد الرخصة وفق الأطر الزمنية المعتمدة يتم ايقاف العلاوات أو الترقية، ويمكن اتخاذ قرار بتخفيض نسبة من الراتب الاساسي.
خ- إنّ الغاية الأساسية من تبني سياسة تجديد الترخيص تتمثل في العمل على ترقية وصقل النمو المهني للعاملين في ميدان التعليم، وتشجيع كل تربوي على اجتياز العديد من الخبرات التربوية التي يثبت من خلالها مدى ما حققه من نمو مهني.
د- إيجاد دليل مفصل لعملية الترخيص، يتضمن إطاراً مرجعياً لكل تربوي وما يتطلبه نموه المهني من متطلبات، على أن يتضمن الدليل أسس موضوعية ونوعية حتى لا تتحول إلى مزيد من الروتين والاجراءات البيروقراطية.
ذ- يجب على كل معلم خلال مدة الخمس سنوات المشاركة في العديد من أنشطة النمو المهني عالية الجودة، كالدورات التدريبية، والمشاركة في المؤتمرات والحلقات النقاشية وورش العمل، والمشاريع البحثية ودراسة مقررات دراسية، وتحديد قراءات خاصة لكل مبحث، إضافة إلى القراءات البيداغوجية، كما يجب أن يؤخذ في الاعتبار ما يتوافر لدى المعلم من الهوايات في الفنون الأدبية، ومهارات الرسم والتصوير والموسيقى وغيرها مما يعزز فاعلية الأداء في العملية التعليمية....