25-03-2019 10:45 AM
بقلم : د. غازي عبدالمجيد الرقيبات
يقول الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ ) الأنفال 27،الخيانة خلق سيء حذر ديننا الحنيف منه ، ومن الخصال الذميمة التي تتسبب في انعدام الثقة بين أفراد المجتمع الواحد ،وخصلة قبيحة لا تسلكها الا النفوس الدنيئة ، النفوس العليلة والمريضة، إن خيانة الوطن جريمة لا تغتفر فهي أخلاق الجبناء الأخساء ومن طباع من فقدوا الرجولة والشجاعة، الوضيعين اللئام ، وسمات فاقدي الإيمان وأموات الضمير والوجدان وهي صفة تختزل معاني السوء الممكن أن تلصق بفاعلها ومنها:الخيانة في الولاية : فيستغلّ الرجل منصبه الذي عُيِّن فيه لجرّ منفعة إلى شخصه أو قرابته، فالتشبّع من المال العام جريمة، قال عليه السلام: " من استعملناه على عمل فرزقناه رزقًا فما أخذ بعد ذلك فهو غلول" ومن الخيانة أن يُسنَد عمل إلى غير أهلِه، قال صلى الله عليه وسلم: « فَإِذَا ضُيِّعَتِ الأَمَانَةُ فَانْتَظِرِ السَّاعَة" قَالَ كَيْفَ إِضَاعَتُهَا قَالَ عليه السلام: إِذَا وُسِّدَ الأَمْرُ إِلَى غَيْرِ أَهْلِهِ فَانْتَظِرِ السَّاعَةَ " وعليه فهي نقض لكل ميثاق أوعقد بين العبد وخالقه ، وأشد الناس فضيحة يوم القيامة هم الخائنون في كل زمان من يرتضون لأنفسهم الإقدام على خيانة وطنهم واهليهم وبيع ضمائرهم لينالوا منافع دنيوية فينعموا بالخسران والعار في الدنيا قبل الآخرة ويبقوا مطأطئ الرؤوس في أماكن مظلمة مذعورين لا يخرجون من جحورهم ، وإذا ظهروا ليلاً ( كالخفافيش) فالذعر والخوف من انتقام الوطن يراودهم ، ولا يعرفون كيف يمضون العيش في ظل ذلك العار الذي يلاحقهم حتى وهم في أوكارهم ، ومن يقدم على الخيانة يستحق الاحتقار وأقسى العقوبات الدنيوية ، وخاصة من يضعون أياديهم في أيدي العابثين المفسدين ويعينونهم على العبث بمقدرات بلدهم المادية والمعنوية وزعزعة استقراره وبنيانه في سبيل أفكار متطرفة هدامة تمس أمن الوطن وسلامته ، ويقول احدهم : " لو كان للخائن أن ينتسب، لقال: أنا الشر، وأبي الظلم، وأمي الإساءة، وأخي الغدر، وأختي المسكنة، وعمي الضر، وخالي الذل، وإبني الفقر، وإبنتي البطالة، ووطني الخراب، وعشيرتي الجهالة " أن مصير الخائن إلى زوال حتمي ، وثمن خيانته كبير يجب أن يتحمله من باع ضميره ووجدانه وأدار ظهره لوطنه ولأبناء جلدته .
نعم ان خيانة الاوطان جريمة كبرى لا تغتفر ، فلا يظن الفاسدون والفجار إنهم يفلتون بما كسبت ايديهم الملوثة ، فها هي البشرى من الله انه سينتقم منهم عاجلاً ام آجلا (اللهم اخزهم بأمرك العاجل )، فأقول لهم اي لقمة حرام تتلذذون بها واي لباس تنعمون به ذلك الذي طالت ايديكم الملوثة والمغلف بدعاء اليتامى والأرامل ، وأي عزة وشرف ينالهما الوضيع العامل على تخمة جيبه وبطنه من انين الجياع ، واذكر تلك الفئة الضالة انه إذا كانت الخيانة خلق ذميم وصفة سيئة فما اجمل التحلي بالأمانة ، واقتلاع جذور الخيانة ، لتتُربى النفوس والقلوب على مخافة الله وخشيته (رَبِّ اجْعَلْ هَٰذَا بَلَدًا آمِنًا وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ مَنْ آمَنَ مِنْهُم بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ۖ قَالَ وَمَن كَفَرَ فَأُمَتِّعُهُ قَلِيلًا ثُمَّ أَضْطَرُّهُ إِلَىٰ عَذَابِ النَّارِ ۖ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ )