28-03-2019 10:35 AM
بقلم : د. رياض خليف الشديفات
الأيدي الخفية التي تعبث بمجتمعنا
ما من يوم يطلع في بلادنا إلا ونسمع فيه خبرا مؤلما، أو حدثا مفجعا، أو نكئاً لجرح التئم على غش ووخم وفساد، فلا يخلو شهر ولا أسبوع من هذا أو ذاك، وما خفي أعظم لما يحاك لهذا المجتمع!! وكأن هذا الذي يحدث ويجري مدبر ومبيت أن تتولى المنغصات والمنكدات والمصائب على مجتمع كان يفخر يتماسك نسيجه ومنعة أهله وقدرته على مواجهة التحديات والصعاب، ولا يعقل أن تكون الأمور مصادفة وبهذا التوالي العجيب لكل الأوجاع والمتاعب!!!
فكل يوم يمر على مجتمعنا تتكشف قضايا واسرار عن الفساد والضياع وفقدان الضمير ومقدار الخراب المراد لهذا المجتمع، وتبعث أرقام الفساد وحجمه على حقائق مرعبة تدل على حجم الهزيمة الأخلاقية والوطنية جعلت من السرقة والفساد والرشوة والجرائم الاقتصادية حديث الناس اليومي.
فالفساد يضرب بقوة في مجتمعنا لهدم ما تبقى من مناعة ومقاومة ليعلن الاستسلام للأيدي العابثة ، فالقوانين مستباحة للمتنفذين ، والضمائر الجمعية غائبة ، والآداب مضيعة ، فقضية الدخان تخفى خلفها المئات من الأسرار والأشخاص والقضايا، وقضية الغارمات وما أدراك ما الغارمات تكشف عن الحالة الاجتماعية الواهنة والنسيج الاجتماعي المتهاوي ، والأرقام المرعبة والمخيفة عن عدد حالات الطلاق وحالات العنوسة تكشف حجم التفكك الأسري، وعدد المتسولين والمتسكعين تثبت عجز النظام الاجتماعي عن حماية أفراده ، وعدد حالات الإتجار بالمخدرات وحجم المضبوطات وعدد حالات الإدمان وتعاطي المسكرات والممنوعات تكشف حجم التسيب الأخلاقي والاجتماعي وعجز القوانين عن الإصلاح والتربية والتهذيب .
وماذا تريد الأيدي العابثة والخفية أكثر من بيع مقدرات الوطن!! وزيادة حجم المديونية في ازدياد!! واغراق المجتمع بملفات فساد حيكت فصولها في الغرف المظلمة لتحقيق أهدافها!! وماذا تريد الأيدي الخفية أكثر من تفصيل المراكز لذوي الحظ السعيد ومواعيد السعد وليالي الهنا!! وماذا تريد الأيدي الخفية أكثر من تحويل مجالس النواب إلى صورة مشوهة يزيدها تشويها ما يقع بين النواب من ملاسنات ومصارعات لا تسمن ولا تغني من جوع.
فالأيدي الخفية قد تجرأت على كل الوطن كماً وكيفا لنقترب من حالة الإفلاس الاجتماعي والأخلاقي وتخريب مستقبل المجتمع واجياله، ويزداد هذه الإفلاس وتيرة يوما بعد يوم، وما نعيشه من فوضى وتراجع اجتماعي واقتصادي واخلاقي وسلوكي يثبت أننا نتجه إلى المجهول.
د. رياض الشديفات