01-04-2019 10:00 AM
بقلم : فراس الطلافحة
أعرف أحدهم. قام بتجارة بمبلغ. عشرة آلاف دينار. لم يوفق بها وخسر المبلغ كاملاَ. في كل مرة ألتقيه؛ سواءاً كان منفرداً. أو ضمن مجموعة. لا بد وأن يقص القصة كاملة، وربما يعيدها في الجلسة أكثر من مرة، وما أنا متاكد منه. أن خسارته هذه يفكر بها؛ وتلازمه في جميع أمور حياته. في صحوه وعند دخوله في النوم، فيصحو ثانية فتضيق به نفسه. ويلومها ويلعنها كثيراً؛ علي عدم دراسته للمشروع، وسرعة إندفاعه ( انتهت القصة)
أنا، أنت، هو، هي، ربما نقوم بما قام به هذا الشخص! نعم ونتأثر ومن الممكن أن نكون أكثر منه لوماً لأنفسنا. لكن السؤال الأهم: كم مرة تحسرنا، وقمنا بلوم انفسنا. على خسارة جزء قليل أو كبير من مصداقيتنا؟ كم مرة تحسرنا، وقمنا بلوم انفسنا. على خسارة، جزءاً من إحترامنا لذاتنا أو للاخرين؟ كم مرة تحسرنا، وقمنا بلوم أنفسنا. على خسارتنا لرصيدنا الذاتي؛ وأحترامنا لأنفسنا؟ ربما ولا مرة.
نحن الآن نكذب، نرتشي، نغش، نحتال، نأكل مال هذا، نغتاب ذاك، نظلم الكثيرين؛ وحتى بسوء الظن. ثم نمضي ولا نتحسر ولا نلوم أنفسنا، ولا نعتب عليها، ولا نضعها بقفص الإتهام وإطلاق الحكم عليها. نحن إذا للآن لم ندرك، ولم نلتقط، ولم نعي. أن الاستثمار الحقيقي والأنجح هو في النفس والذات. وإن الخسران الحقيقي أيضاً هو في النفس والذات، وكل الخسارات يمكن لك تعويضها. إلا خسارتك لنفسك وقيمك ومبادئك واخلاقك. يقول السيد المسيح عليه السلام: ماذا يكسب من ربح الدنيا وخَسِرَ نفسه؟ وهنا أقول: لا شيء.
أن تكسب نفسك. معناه أنك تقف على أرضية صلبة. دعائمها الاخلاق والصدق والمروءة والإحترام. معناه القوة والتحدي والثقة. معناه لو إجتمعت عليك نوائب الدهر والمصائب. كنت نداً لها وستستطيع مواجهتها وربما استثمارها وتطويعها وتحويلها إلى منح تنهض بعدها. أما أن تخسر نفسك. فمعناه ضعف وجبن وتقية بجدار خرب يوشك أن ينهار عليك. معناه نفس هشة ضعيفة؛ ستسقط في أول مواجهة لك مع الحياة.