01-04-2019 12:21 PM
بقلم : اسامة الاسعد
بحسب اول قرار للأمم المتحدة عام 1947 بشأن فلسطين و الذي اعتبر كأولى المحاولات الأممية لحل القضية الفلسطينية، ولا يعرف حقيقة كيف جرى وصفه كحل، و بحسب الوثائق فإن :
"قرار تقسيم فلسطين هو الاسم الذي أطلق على قرار الجمعية العامة التابعة لهيئة الأمم المتحدة رقم 181 والذي أُصدر بتاريخ 29 نوفمبر 1947 بعد التصويت (33 مع، 13 ضد، 10 ممتنع) ويتبنّى خطة تقسيم فلسطين القاضية بإنهاء الانتداب البريطاني على فلسطين وتقسيم أراضيها إلى 3 كيانات جديدة، كالتالي:
1- دولة عربية: تبلغ مساحتها حوالي 4,300 ميل مربع (11,000 كـم2) ما يمثل 42.3% من فلسطين وتقع على الجليل الغربي، ومدينة عكا، والضفة الغربية، والساحل الجنوبي الممتد من شمال مدينة أسدود وجنوباً حتى رفح، مع جزء من الصحراء على طول الشريط الحدودي مع مصر.
2- دولة يهودية: تبلغ مساحتها حوالي 5,700 ميل مربع (15,000 كـم2) ما يمثل 57.7% من فلسطين وتقع على السهل الساحلي من حيفا وحتى جنوب تل أبيب، والجليل الشرقي بما في ذلك بحيرة طبريا وإصبع الجليل، والنقب بما في ذلك أم الرشراش أو ما يعرف بإيلات حالياً.
3- القدس وبيت لحم والأراضي المجاورة، تحت وصاية دولية.
كان هذا القرار من أول محاولات الأمم المتحدة لحل القضية الفلسطينية". (ويكيبيديا).
ثم توالت القرارات سيما بعد النكبة عام 1948، عام قيام دولة الاحتلال المشؤومة إسرائيل، و جلها كان في شأن اللاجئين حيث بدأت اكبر مآساة تاريخية في حق الشعب الفلسطيني و الأطول على الإطلاق، ولا تزال قضية اللاجئين الإنسانية هي الأهم حتى يومنا هذا.
و مهما يكن من امر فقد خرقت إسرائيل ذلك على علاته بإحتلالها أراض عربية (سيناء، قطاع غزة، الضفة الغربية و الجولان) مجدداً عام 1967 ليصبح الهم و الأمل ان تعود الأمور الى ما كانت عليه قبل عام النكسة هذا، و توالت قرارات الأمم المتحدة في هذا الشأن (قرار رقم 242 و قرار رقم 338) لتصبح من ثوابت السياسة الخارجية العربية من ناحية و في عرض الحائط كثابت أوحد في السياسة الخارجية لدولة الاحتلال المارقة التي لا تعرف إلا قانون الاغتيالات و القتل الجماعي و المجازر التي استنكرها العالم تارة بخجل و أخرى بوقاحة، و هذا الوضع هو أيضاً حتى يومنا هذا.
أما خلال الحرب الباردة التي حكمت العالم من خلال قطبين (الولايات المتحدة الأمريكية و الاتحاد السوفيتي) (1945-1989) فلم يسجل اي اختراق يذكرعلى قضية فلسطين، سواء من القطبين أو ممن دار في فلك كل منهما من بقية الدول، فقد سيطرت الصهيونية الحاقدة على الحكم و القرار في معظم دول العالم المؤثرة و ما تزال، مبتزة و مقنعة الزعماء حول العالم انهم لا خيار لهم سوى التسبيح بحمد تل ابيب و إلا سقطت دولهم في بحور الفوضى، و تصرفت دولة الاحتلال كأي كارتل دموي لا يعرف سوى سياسة القتل و التصفيات و التهديد ناهيك عن الابتزاز بكل اشكاله القبيحة، فمزقت القضية و كل أمل بحلها حلاً عادلاً دائماً، و كانت الدول العربية سواء المحيطة أو تلك البعيدة خلف البحار تتبنى مواقف سياسية شبه موحدة تجاهها حتى دخل العام 1990، فقد عقدت القمم العربية 30 اجتماعا منذ تأسيس جامعة الدول العربية عام 1945، كان اولها في القاهرة عام 1946 و آخرها بالأمس في تونس العام الجاري 2019، و كان بند قضية فلسطين موجود بإستمرار، خطابيا، على جدول اعمال كل قمة و لكن دون أي نتيجة، خاصة و أن الجسم العربي ممثلا بالجامعة كان تفرق بتحالفات اقليمية اخرى لدى تشكل مجلس التعاون الخليجي عام 1981 و اتحاد المغرب العربي عام 1989 و مجلس التعاون العربي الذي تشكل عام 1989 ايضا و لكن تم حله عام 1992، و القصد هنا ان فكر الوحدة او على الاقل السعي الجاد للتكتل الاقتصادي لم يفلح، فغيرت دولة العدو من كل مخططها و بدأت في شق الصفوف ولاقت آذان صاغية صاغتها الفرقة، و كانت قبل ذلك قد اخترقت اكبر دولة عربية التي كان يسميها الحسين بن طلال طيب الله ثراه الشقيقة الكبرى مصر، عندما وقعت اتفاقية سلام معها عام 1979 على خلفية اتفاقية كامب ديفيد عام 1978، و على آثار دخان معركة تحرير لبعض أراضي مصر، شنتها مع سوريا عام 1973 على العدو المحتل.
و الحقيقة ان هذا السلام البارد بين مصر و دولة الاحتلال كان نذير الشؤم حيث تفرق العرب مختبئين خلف حجة السلام المنفرد و الوعود البراقة بأن الحل المرضي للأطراف قادم، ذلك الوتر الذي عزفت عليه تل ابيب و واشنطن، و لعب هنا الاحتلال لعبته فتوالت الأحداث من مؤتمر مدريد للسلام عام 1991 الى اتفاقية أوسلو عام 1993 ثم وادي عربة عام 1994 لتصبح مصر اضافة الى فلسطين و الاردن هي الدول العربية المرتبطة بمعاهدات سلام ناقص مع إسرائيل الإرهابية، و عادت الأحداث و الاختراقات للتوالي فخرج ما عرف بالمبادرة العربية للسلام التي قدمتها السعودية خلال قمة عربية عقدت في بيروت عام 2002 (التطبيع مقابل الانسحاب الكامل من الأراضي المحتلة عام 1967)، تنازلات مجانية أخرى معروضة لليوم، تهدف الى احراج المحتل و لم تفلح ايضا، و من بعد ذلك استفحلت الفرقة العربية سيما بعد غزو العراق للكويت قبل تلك المبادرة بسنوات، فإختل التوازن العربي أيما اختلال، الى درجة قيام البعض بالسعي للتطبيع المجاني مجدداً مع دولة الإرهاب إسرائيل فقط للمناكفة السياسية، و تسجيل مواقف منفردة لا تخدم الأمة ولا القضية.
أما الراعي الأمريكي الذي استفرد في العالم كشرطي غير حيادي بعد انتهاء الحرب الباردة و تبدل موازين القوى الدولية، فقد ساهم بحصة الأسد في دعم الدولة المارقة التي القت بكل قانون دولي عرض الحائط و ما تزال، و من إدارة أمريكية الى أخرى ماعت الأمور و سقطت ثوابت الأمة و لم يبقى للشعوب المغلوبة على امرها حيث لا ثقافة ولا ديمقراطية ولا أسس تكتلية اقتصادية على الأقل، إلا الغوص في وحل الجهل و الفقر و التخلف و التخوين و الغطرسة الكاذبة فتكرست القطرية، ذخيرة العدو الصهيوني الاسرائيلي المخطط لها دون اي شك.
و اليوم تخلخلت كل ملفات الحل (العادل الدائم)، حيث و في رأيي سقط أيضاً حل الدولتين – قرار مجلس الامن 242 –، و ملفي اللاجئين (قطعت الولايات المتحدة الدعم عن الانروا عام 2018)، و القدس (نقلت الولايات المتحدة سفارتها اليها نهاية العام 2017 على اساس انها عاصمة موحدة لدولة الاحتلال)، فلا شيئ واضح حول هذين الملفين للآن سوى عدم حيادية راعي السلام الامريكي ما يزيد الامور تعقيدا، خاصة و أن الدول العربية لا سيما الكبيرة منها (العراق، سوريا و اليمن) تعاني داخلياً من أعطاب عصية على الحل ناهيك عن عرضة بعضها للتقسيم و كأن الأمة ينقصها تقسيمات أخرى، و لا تزال الأمة بالرغم من كل ذلك تعيش حالة من النكران، و تلدغ من ذات الجحر كل يوم، فلم تتعلم لا الدرس ولا الحياة، فالإحتلال واقع و مستمر، و الاستيطان في أوجه و معاناة الشعب الفلسطيني في تفاقم، و عدة غير قليلة من الدول العربية ذكرنا منها، مزقتها الحروب الداخلية بعد ما عرف بالربيع العربي من أطراف دولية و أخرى إقليمية (الولايات المتحدة، روسيا، ايران و تركيا) تتقاتل بالوكالة على ترابها، فلا نهوض قريب ولا نهضة تلوح في الأفق، و مجدداً القطرية العدوانية تتكرس، ولا اوراق حقيقية في يد المفاوض العربي، و مجدداً ينتصر العدو.
و "إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم".