02-04-2019 09:55 AM
بقلم : الدكتور يعقوب ناصر الدين
من الطبيعي أن يقف الأردنيون جميعاً صفاً واحداً وسنداً قوياً للملك عبداالله الثاني، وليس مستغرباً كل هذا التأييد الذي يأتي من فلسطين ومن أرجاء العالمين العربي والإسلامي، ومن العالم المسيحي أيضاً للمواقف التي أعلن عنها جلالته بشأن القدس، ومقدساتها، لقد أدرك الجميع أن «صفقة القرن» ما هي إلا تعبير عن لحظة تاريخية لنبوءات وروايات مرتبطة بنهاية الزمان، ذلك على الأقل ما يقوله وزير خارجية أميركا بومبيو وسط طقوس دينية في كنيس تحت الأرض في القدس، مشبهاً ترمب بالملكة اليهودية إستر التي كانت زوجة ملك فارسي، وهي كما يقال شخصية تاريخية مذكورة في التوراة، أحبطت خطة لإبادة الشعب اليهودي!
صحيح أن تصريحات بومبيو متجهة نحو إيران، ولكن المشهد بمجمله، وكل ما نسمعهمن تصريحات حول القيم المشتركة بين أميركا وإسرائيل، فضلاً عن الاعتراف بالقدس عاصمة لليهود، ومنح السيادة على الجولان لإسرائيل، يدلنا على أنه قد حان الوقت لكي نغير فهمنا لطبيعة ونوعية الصراع القادم في هذه المنطقة.
في برنامج تبثه قناة «ترونيوز» الأميركية تم تخصيصه للحديث عن تصريحات الملك الأخيرة بشأن موقفه الصارم من القدس، تساءل الصحافي الشهير اريك ويلز وفريقه، ما الذي يقصده عبد االله الثاني بالخط الأحمر بالنسبة للقدس، وللوصاية الهاشمية، وبعد عرض مفصل للوصاية الهاشمية على المقدسات الإسلامية والمسيحية، وتاريخ العلاقة الهاشمية ومعانيها الدينية والتاريخية، وحقيقة ما يجري من ترتيبات لإنهاء تلك العلاقة، يخلص إلى القول إنني أصلي من اجل الملك عبداالله، من أجل أن يساعده على إقناع الأخرين للعمل من أجل السلام.
أقل من خمسة أشهر بين حصول جلالته على جائزة تمبلتون، وحصوله على جائزة مصباح السلام، وفي كلا المناسبتين حضرت شخصيات سياسية ودينية مرموقة تقديراً لدوره في الدعوة إلى التعايش والوئام بين أتباع الديانات، وتعزيز السلام والعيش المشترك بين الشعوب وقد نظر إليه الجميع كقائد مسلم أعاد صياغة الإسلام في أذهانهم، واستلهم من القرآن الكريم آيات ضمنها في الخطابين اللذين ألقاهما في المناسبتين من أجل أن يروا الصورة الحقيقة للدين الحنيف.
تلك هي الصورة الحقيقية لجلالة الملك، ليس بالنسبة لنا وحسب بل لدى قوى الحق والخير والسلام في العالم كله، والمساندة والتأييد بالمعنى العاطفي على أهميته، ليس كافياً، نحتاج إلى صياغة موقف جديد، وأدبيات جديدة تعبر عن فهمنا لحقيقة ما يجري حولنا، وتدلنا كذلك على عناصر قوتنا التي أشار إليها الملك حين قال «شعبي معي، ومن بعد سيقف معنا العرب والمسلمون، وبالطبع يقف معه الذين حضروا حفل تكريمه في كتدرائية القديس فرنسيس بما يمثلونه من قيمة سياسية ودينية وأخلاقية.
نحن اليوم أمام اختبار حقيقي لمدى قدرتنا على تشكيل تيار قوي مساند لجلالة الملك، يتخذ مسارات متوازية، أهمها المسار المتعلق ببيتنا الداخلي الذي نستطيع إعادة ترتيبه بالمزيد من العمل والإنجاز، والتغلب على الصعاب والتحديات والضغوط، وتجاوز أزمتنا الاقتصادية التي أصبحنا ندرك أسبابها أكثر من أي وقت مضى، وكذلك بالمزيد من الثقة بالنفس والاعتماد على الذات.