06-04-2019 01:19 PM
بقلم : أحمد محمود سعيد
بعد ان أصدر الرئيس الأمريكي ترمب قرارا متجنِّيا بخصوص الإعتراف بالقدس كعاصمة ابدية للكيان الغاصب وكذلك نقل السفارة الأمريكية من تل ابيب الى القدس ومؤخّرا تفتّق ذهن الرئيس ترامب عن قرار جنوني آخر وهو الإعتراف بسيادة اسرائيل على هضبة الجولان السوريّة المحتلّة منذ عام 1967 والتي اعلنت اسرائيل إنضمام الجولان لها منذ عام 1981 .
وهكذا لم يبقى سدر مغطّى لكي تظهر امريكا على حقيقتها وقد سارت جميع الفترة السابقة منذ تأسيس دولة العدوان الإسرائيلي وهو تدعم ذلك الكيان الغاصب في كل اجراءاته العدوانيّة ضد فلسطين وشعبها وضد العرب بشكل عام وكانت وما تزال تدعمها في كل الحروب التي تشنها ضد فلسطين وتدعمها بالسلاح والمال وتحمِّل مسؤوليّة تلك الحروب على الشعب الفلسطيني الأعزل وكذلك تدعمها في استخدام حقها بالفيتو ضد اي قرار لمجلس الأمن او الجمعيّة العامة للأمم المتَّحدة يدين العدوان الإسرائيلي كما ترفض الإدارة الأمريكيّة اي قرار أممي من أيِّ مؤسسة دولية يقف مع الحق الفلسطيني ويدعوا الدول الأخرى لتقف مع الموقف الأمريكي والإسرائيلي .
وقد حاولت امريكا التي عادت العالم في التنصُّل من موقفها السابق بالموافقة على حل الدولتين وقيام الدولة الفلسطينية على حدود الرابع من حزيران عام 1967 اي على الأرض التي احتلتها اسرائيل عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقيّة ويتراجع ترمب عن المواقف الأمريكية السابقة وكأنه ولد صغير يلعب بالحارة ولا يعتبر ان امريكا سيِّدة العالم وعليها ان تكون قدوة لغيرها في الإلتزام بنعهداتها والوفاء في عهودها .
والرئيس ترمب تلاعب في موظفيه في البيت الأبيض ومستشاريه ومساعديه لأنه لا يعلم الحقائق وفوائدها على بلده ولا يعرف تداعيات وتبعات رفضه وانه سهل التراجع عن اي قرار يتخذه وان اليمين الإسرائيلي والمنظمة الصهيونية العالميّة تلعب به وبقراراته ضد الدول الناجحة والفقيرة والتي تتطلّع للوحدة مع شقيقاتها او مع مثيلاتها حتى ان ترمب كأنه يحاول التنصُّل من الوصاية الهاشميّة على المقدسات المسيحيّة والإسلاميّة في القدس الشريف بعد تنصله من ان القدس الشرقيّة هي عربيّة وتنطبق عليها قواعد المدينة الواقعة تحت الإحتلال.
ويتعامل الرئيس الأمريكي مع العالم تعامل تاجر صاحب رأس مال يهدف الى تنمية امواله على حساب الغير ولا يهتم من اجل ذلك بمعاداة روسيا او الصين او كوريا الشمالية او اليابان او اوروبا بمختلف دولها او ايران او العالم العربي بمختلف شعوبه ودوله وحكّامه مهما كانوا يعملون ضمن السياسة الأمريكيّة , والدولة الوحيدة التي يحسب لصداقتها وأمنها وأحزابها وخططها العدوانية هي إسرائيل وقد يعود ذلك لعقيدته وتربيته وبيئته العائليّة ومصلحته الماليّة وكذلك للعلاقة الحميمة التي ربطت فريد ترمب والد الرئيس ترمب ببنيامين نتنياهو عندما كان سفيرا لإسرائيل في الأمم المتحدة وتعمقت العلاقة بين العائلتين لاحقاحتى وفاة والد ترمب عام 1999 ووالدته عام 2000 .
وهكذا فان العلاقة بين ترمب والصهاينة قديمة وكان يجب على المسؤولين العرب تنبيه الشعوب العربيّة من خطورة وصول ترمب للحكم وتنبيه العرب الموجودين في امريكا لعدم انتخابه , والتخوُّف الأكبر الآن من إعادة انتخابه وإصرار ترمب على ما يُسمّى صفعة القرن هوضياع فلسطين والآراضي المحتلة عام 1967 بشكل نهائي وبإعتراف دول كثيرة خاصّة وإسرائيل مستعدّة كثعبان الكوبرا لإلتهام الأرض العربيّة من البحر للنهر كما ورد في مخطّطاتهم بينما نحن العرب شعوب نعيش قي توهان وهذيان لا ندري الى أين وكمسؤولين لاهون لاهثون وراء مكاسب دنيوية من مال وجاه وبنين ويرون خراب بيوت شعوبهم بلا حركة او هيجان ويكتفون بالغضب والشجب والإستنكار وحبوب التخدير والتسكين المؤقتة وزيادة الإقتراض وإغراق الدول العربيّة وشعوبها بالديون والإلتزامات التي تقصم الظهر والأعناق .
وهل فلسطين والجولان هي نهاية مسلسل إغتصاب الأرض العربيّة وتجويع وتشريد اهلها بعد الأندلس والإسكندرون وغيرها أم أنّ نيام العرب والمسلمون سيطول بحيث تلحق اراض أخرى بذاك الإغنصاب والسلب من الدول الغاشمة أم الزمن كفيل بان يغيِّر العرب من انفسهم لكي يتغيّر حالهم نحو الأفضل ويرضى عنهم الله ويجعل اسباب النصر معهم ليحافظوا على ارضهم ويستطيعون إسترداد ما سُلب منهم والله على كلِّ شيئ قدير ولعلّ الشباب العربي والمسلم مستقبلا اقدر على تنمية بلدانهم ومواجهة أعدائهم بالطريقة التي يفهمها حكّام الدول الباغية .
اللهم إجعل كيد اعدائنا في نحرهم وانصرنا عليهم وأعِد امّة العرب والإسلام الى الصواب والرشاد والسلوك الصحيح وقال تعالى
(لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا ۚ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ ۗ رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا ۚ رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِنَا ۚ رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ ۖ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا ۚ أَنتَ مَوْلَانَا فَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ) صدق الله العظيم.