08-04-2019 08:55 PM
بقلم : اسامة الاسعد
شأن معظم المصطلحات الدارجة في أيامنا هذه سواء في التصريحات الرسمية أو في الإعلام؛ هذا المصطلح أيضاً يبدو انه بحاجة الى اعادة تعريف، فالحكومة البرلمانية في رأيي ليست مجرد تسمية لحكومة بها وزراء نواب ! إنما يجب ان تعني ان الوزير فيها أتى من مجلس النواب بشرط انه دخل البرلمان ضمن الحزب او التكتل الفائز بأغلبية المقاعد على أساس برنامج متكامل و فكر واضح، و بشرط ان الناخب حينها ذهب الى صندوق الاقتراع لينتخب قائمة وطنية أو إئتلاف أو كتلة حزبية و هو يعتقد ان برنامجهم فيه الخير، و فيه حياة كريمة يطمح ان تكون له و لأولاده من بعد.
فإذا قررت حكومة ما، في تشكيل جديد أو تعديل، و الحالة هي هي، اقصد قانون انتخاب كالقانون الساري و قانون احزاب كالقانون الساري، فأدخلت نوابا فهذا لا يعني انها أصبحت حكومة برلمانية على الإطلاق.
و أن يقال في الإعلام ان مثل هذه الخطوة هي خطوة في الاتجاه الصحيح نحو الحكومات البرلمانية فتلك مغالطة واضحة، إذ يستطيع رئيس وزراء ان يدخل نواب في حكومته كما كان يحصل بين عامي ١٩٨٩ و ١٩٩٧ و يستطيع آخر ان لا يدخل نواب كما فعل دولة الدكتور عبدالسلام المجالي في حكومته الثانية، و لا شيئ يمنع من الحالتين في الدستور الاردني، و لكنها لا تسمى حكومة برلمانية.
و كنت تحدثت في مقالتين سابقتين (الحياة السياسية، و ماذا بعد الربيع الاردني) حول الحكومة البرلمانية و كيف يمكن لنا ان نصلها بالتدرج و لو بعد حين، حيث تحتاج الى وقت نعدل فيه و خلاله من ثقافتنا بالكامل، و من تشريعاتنا الأساسية لا سيما في مفهوم الديمقراطية، و هو مفهوم لا يمكن لنا ان نستمر في تفصيله على قياس فئات من المجتمع بعينها دافنين رؤوسنا في الرمال حتى فقدت الأشياء معناها و قيمتها و تردت احوال البلاد و العباد الإقتصادية و الإجتماعية، في وقت نحتاج فيه الى تمتين الداخل اكثر من اي وقت مضى، بينما اهم خطوات علينا أخذها هي تغيير قانون الإنتخاب و تغيير قانون الأحزاب، و إلا فإن شيئاً لن يتغير، و قد ضاع وقت ثمين بالفعل و فرص لا تقل اهمية.
كذلك و إن بقينا ننتظر ماذا سيحصل في الانتخابات الفلانية في الدولة الفلانية او في الكيان الفلاني حتى نرى نحن هنا ما العمل كما فعلنا دائماً، فهذا أيضاً معناه اننا قليلاً ما نستفيد من الدرس متناسين ان العمل في الداخل هو أساس القوة في الخارج، حيث ان السياسة الداخلية و السياسة الخارجية هما توائم يصعب الفصل بينهما.
و إن كان التكتل العربي الذي حلمنا به كشعوب طويلاً يبدو بعيد المنال الآن، فعلى الأقل من الواجب ان نعمل على تمتين جبهتنا الداخلية سياسيا و اقتصاديا، فنرهق المفاوض الخصم و نصعب من مهمته، و نحاول تحقيق مصالحنا العليا التي يعلمها غالبيتنا، و هذا بالمجمل، لا سبيل له سوى الأحزاب السياسية البرامجية المؤثرة، "تحت مظلة الملكية الدستورية المعززة بمشاركة شعبية فاعلة او ما وصفته الورقة النقاشية الخامسة بالمواطنة الفاعلة"، بل و تحدثت به معظم الاوراق النقاشية بإستفاضة، و وجهت به كتب تكليف الحكومات المتعاقبة بكل وضوح