20-04-2019 09:28 AM
بقلم : عائشة فراس الطلافحة
قبل عامين تقريباً، وحين كنت في الصف الرابع الإبتدائي. إنتقلت إلى مدرستي، وتحديداً إلى صفي. طالبة جديدة إسمها مريم. هي كانت لطيفة وهادئة وخلوقة. وجلست إلى جانبي، ومع العشرة والتي كانت بعيدة عن المصالح فيما بيننا. تعلقت بها إلى درجة كبيرة، لكن بعد فترة من الزمن، ومن علاقتنا. لاحظت تغير في معاملتها! سألتها عن السبب؟ أجابت: أنا بالفعل تغيرت، لأنني أصبحت أشعر بأنك تريدين إمتلاكي، ولا ترغبين بأن أتكلم، أو ألعب مع أحد غيرك، أو الذهاب، إلى أي مكان إلا برفقتك. وأنا بطبيعي لا أحب أن يمتلكني أحد، لذلك أفضل الإنسحاب من حياتك، وأن نبقى زميلات في الدراسة فقط.
صدمتني كلمات مريم. وتعجبت من ردها! ولم استطيع اخفاء تأثري، أو مداراة دموعي، بسب كلامها المؤلم. وبعد أن أنهيت دوامي في المدرسة. عدت إلى منزلي، وكعادتي قبلت والدتي، وحضنتها. ثم توجهت إلى غرفتي. بدلت ملابسي. وإغتسلت، وإرتحت قليلاً، بعدها قمت بالمذاكرة، ومراجعة الدروس. كانت كلمات مريم، القاسية تلازم فكري،. ولم أتمكن من نسيانها، أو تجاهلها.
على مائدة الطعام، برفقة والدي، ووالدتي، وشقيقتي التي تكبرني. لاحظت والدتي شرودي، وتناولي الطعام، على غير عادتي! لم تسألني عن السبب؛ في حينه إلا بعد أن إنصرف والدي، وأنهى طعامه. لم أجبها واخبرتها: أنني مرهق من الدراسة؛ والواجبات المدرسية فقط. قالت والدتي: أنا أمك وأعرفك أكثر من نفسك! عندها لم أجد بُدا،ً إلا باخبارها بما حدث، بيني وبين مريم، وخاصة أنني اخبرها، بكل ما يحدث معي في المدرسة، وأصارحها به، ولا اسرار بيننا. قالت لي والدتي: يا حبيبتي. يولد الإنسان، حراً بطبعه، ولا يُطيق أن يتملكه أي شخص، ومهما كانت درجة القرب منه، حتى وإن كان والده، أو والدته، أو اخيه، أو صديقه. ثم قامت بسؤالي: وهل لديك الرغبة أنت، والقدرة على تحمل. مجاصرة أحدهم لك وتملكك؟ أجبتها: طبعاً لا. قالت: والناس كذلك يا إبنتي. ومنذ ذلك اليوم. كان درساً، نافعاً ومفيداً لي. استطعت من خلاله، تحديد إطار عام، لعلاقاتي مع الجميع، ومهما كانت نوع هذه العلاقة. سواءاً كانت علاقة صداقة، أو زمالة، أو حتى قرابة. وكان ما يحكم جميع هذه العلاقات. هي الوسطية في التعامل. تعلمتها من مقولة للإمام علي. كرم الله وجهه يقول فيها: "أحبب حبيبك هوناً ما، عسى أن يكون بغيضك يوماً ما. وأبغض بغيضك هوناً ما عسى أن يكون حبيبك يوماً ما"