23-04-2019 12:59 PM
بقلم : بسام الكساسبة
مؤشر السعادة العالمي هو إسلوب علمي يقيس مدى السعادة التي تعيشها شعوب دول العالم بموجب تقرير سنوي تصدرة منظمة الأمم المتحدة بعنوان "تقرير السعادة العالمي أو World Happiness Report وقد صدر تقرير عام 2019 قبل أيام.
لم تعد أهداف الأمم المتحدة مقتصرة على الجوانب السياسية وحل النزاعات وتحسين العلاقات ما بين الدول، بل أصبح من أهم أهدافها التطلع لخدمة الشعوب، ومطالبة الحكومات بتحسين مستوى شعوبها المعيشي وحقوقها الإنساسية في الحياة الحرة الكريمة، وتوفير فرص العمل لهم، ومحاربة الفساد والفقر، ومكافحة الأمراض، بل والأهم من ذلك حث ومطالبة الدول وحكوماتها على تحقيق السعادة لشعوبها، فلم يعد دور الحكومات والسلطات بشكل عام الهيمنة والتسلط على الشعوب وفرض ما يعسر أحوالها المعيشية ويسلب حرياتها ويفرض عليها التشريعات والانظمة والاجراءات الجائرة، بل ضرورة إضطلاع الحكومات بدور أفضل في خدمة شعوبها، وتحسين مستوى معيشتها، وتوفر ما يخدم صحة الإنسان، وتكوين البيئة المناسبة لنمو أعماله ويحسن مداخيله التي بواسطتها تتحسن أوضاعه الاجتماعية والمعيشية، وتمكنه من إختيار ما يناسبه ويتطلع إليه في حياته، لذلك افرد هذا التقرير فصولا كاملة وعديدة منه لتوضيح دور الحكومات ومسؤولياتها في هذا الجانب.
يرتب تقرير السعادة العالمي لعام 2019 دول العالم وعددها 157 دولة من حيث مؤشر السعادة إستنادا على ستة معايير وهي: الأول حصة الفرد من الناتج المحلي الاجمالي Log GDP per capita والثاني الدعم الإجتماعي Social Support والثالث الصحة والعمر المتوقع عند الولادة Healthy life expectancy at birth والرابع الحرية في إختيارات الفرد لجعل حياته أفضل Freedom to make life choices والخامس معيار السخاء والكرم المؤثر على حصة الفرد من الناتج المحلي في الشهر الأخير Generosity والسادس معيار النزاهة والفساد Perceptions of corruption ، وتشكل هذه المعايير 10 علامات ، تعتبر الدولة الاولى عالمياً هي من تحصل على أعلى علامة من اصل 10 علامات.
من حيث النتائج التي توصل اليها التقرير إحتلت المراتب العشرة الأولى فنلندا أولا ثم الدنمارك، النرويج، آيسلندا، هولندا، سويسرلاند، السويد، نيوزلندا، كندا والنمسا، كما حلت (إسرائيل) في المرتبة 13، وبريطانيا 15، الولايات المتحدة 19، مما يؤكد أن هذا التقرير ليس مسيساً، ولو كان مسيساً لحلت الولايات المتحد الامريكية وبريطانيا وفرنسا وغيرها من الدول الكبرى في المراتب الأولى.
على صعيد الدول العربية إحتلت دولة الإمارات العربية المتحدة، المرتبة 19 عالميا وهي الأولى عربياً، تلتها السعودية في المرتبة 28 وقطر في المرتبة 29 والبحرين في المرتبة 37 والكويت في المرتبة 51 وليبيا 72، الجزائر 88 ، المغرب 89 ، لبنان 91، الأردن 101، والسلطة الفلسطينية في الضفة والقطاع 111، الصومال 112 ، وتونس 124، العراق 126 ، ومصر 137
فيما يتعلق بالأردن تراجع 11 نقطة خلال عام 2019 عن مستواه في عام 2018 ، إذ تراجع من المرتبة 90 بموجب تقرير عام 2018 إلى المرتبة 101 بموجب تقرير عام 2019، مما يشير إلى سوء الأوضاع الإقتصادية والمالية والإجتماعية التي يمر بها الشعب الأردني، فالأردن حسب هذا المؤشر وحسب هذا الترتيب جاء بعد العديد من دول القرن الأفريقي ومنها غانا، والكاميرون، والعديد من الدول التي إجتاحتها حروب وصراعات عنيفة مثل البوسنة وكرواتيا وليبيا وغيرها، وهو يتقدم بنقطتين فقط على الكونغو والغابون، وهو قريب في ترتيبه على هذا المؤشر من دول واقعة تحت الإحتلال كما هو في غزة وفلسطين المحتلة، وكما هو في الصومال أيضا، وهذا أمر غير مقبول ولا معقول أن تصل أوضاع الشعب الأردني إلى هذا المستوى البائس والكارثي.
واجب الحكومة الأردنية هو السعي لخدمة شعبها وتحقيق السعادة له وليس رميه في أتون البؤس والشقاء وضنك العيش، وهذا ما تشير له بوضوح التقارير العالمية، فهذه التقارير لم يعدها الحراك الوطني ولا المعارضة السياسية في الاردن كي تتهم بالتحامل على الحكومات، بل أعدها خبراء وفقاً لمعايير علمية موضوعية ومحايدة، وهو ما يوجب على الحكومة مراجعة مجمل سياساتها المالية والاقتصادية والاجتماعية وغيرها، وتحسينها بشكل جوهري وجذري لتصبح في خدمة الشعب، وليس أن يصبح الشعب في خدمتها وفي خدمة كبار مسؤوليها الحاليين والسابقين.