29-04-2019 01:06 PM
بقلم : د. سعود فلاح الحربي
تجد مفردة "الوكالة" نفسها حاضرة بقوة في نصوص القانون المدني ( الخاص ) وما يتفرع عنه من قوانين, وهي تعني كما عرفها القانون المدني الأردني في المادة 833 بأنها "عقد يقيم الموكل بمقتضاه شخصاً آخر مقام نفسه في تصرف جائز معلوم", وتقوم على الرضا والقبول بين طرفي الوكالة.
فمعنى الوكالة ببساطة توكيل شخص ما ( الوكيل) بمهام أو صلاحيات ( الموكل) ليقوم مقامه وينوب عنه, ولسنا هنا بصدد الحديث عن الوكالة بالقانون المدني بقدر ما يهمنا موضوع سحب هذا المصطلح إلى قواعد القانون العام (القانون الإداري) والذي يُعنى بتنظيم الجوانب القانونية لنشاط الإدارة، وهل هذا السحب مستساغاً أم لا ؟؟!!
إن ما يقابل الوكالة في المعنى في قواعد القانون الإداري هي الإنابة الإدارية أو الحلول الإداري مع وجود فارق بسيط غفل عنه من تأثر بهذا المصطلح ونقله من أدبيات القانون الخاص إلى أدبيات القانون العام وهو أن الإنابة الإدارية تأتي بمعنى نقل صلاحيات موظف غائب (الأصيل ) إلى موظف آخر بقرار من الرئيس الأعلى لهما، وهنا يتضح الفرق الجوهري بينهما في المعنى, وهو أن الرئيس الأعلى لا يوكل موظفاً ما ليقوم مقامه هو وإنما يكلف موظف آخر ليقوم مقام الموظف الأصيل وهذا المعنى هو الذي يستساغ ويعمل به في قواعد القانون الإداري.
ومن الجدير بالذكر أن موضوع الحلول الإداري والإنابة الإدارية من موضوعات القانون الإداري, وتدرس تحت عنوان عريض هو التفويض الإداري ولا يوجد شيء من قبيل الوكالة الإدارية في موضوعات القانون الإداري، وتجدر الإشارة هنا إلى أن الفرق بين الحلول الإداري والإنابة الإدارية هو أن الحلول الإداري يأتي بنص التشريع أي أن الموظف الحال مكان موظف آخر غائب(الأصيل) تنتقل اليه وبشغور الوظيفة صلاحياتها ويمارسها بنص التشريع أما الإنابة الإدارية فهي آنية تفرضها طبيعة العمل العام فتكون بتكليف من الرئيس الأعلى لموظف للقيام بمهام موظف آخر, ولا تعني إطلاقاً أن الموظف الذي كلف بالمهام الجديدة هو نائب للموظف السابق فقد يكون من دائرة أخرى, وقد تستخدم بعض المؤسسات الرسمية كالجامعات وكوادر السلك الدبلوماسي لفظة "قائم باعمال" وهذا مستساغ من الناحية القانونية.
وختاماً إن إستخدام المنظم (نظام الخدمة المدنية ) لمصطلح الوكالة في تفويض الصلاحيات في قواعد القانون العام تعوزه الدقة ولا يستساغ وخلافاً للحالة المقصودة من الإنابة الإدارية, لذا فمن الأسلم تعديل النصوص التي ترد بها مفردة الوكالة إلى الإنابة .
وهنا نورد بعض الأمثلة الصحيحة بوجهة نظرنا والأمثله الخاطئة والمستخدمة حالياً في الواقع العملي:
الأمثلة الصحيحة:
1. وزير الشؤون السياسية بالإنابة: ( عند تكليف وزير آخر ليقوم بمهام الوزير الأصيل ).
2. محافظ العقبة بالإحالة: عندما يغيب محافظ العقبة الأصيل لأي سبب من الأسباب ويحل مكانه نائب المحافظ, ويذكر هنا أن هذه الحالة لا تحتاج لقرار من الرئيس الأعلى لأنها تكوّنت حكماً بنص التشريع المعد مسبقاً وهو مادة (6) فقرة ( ب) من نظام التشكيلات الإدارية رقم (47) لسنة 2000 وتعديلاته, وكما يفهم أيضاً من نص المادة (8) فقرة (ب) من النظام ذاته.
3. محافظ العقبة بالانابة: عند تكليف متصرف للقيام بمهام المحافظ الاصيل في حال عدم غياب نائب المحافظ لاي سبب من الاسباب.
4. مدير عام دائرة الآثار العامة بالإنابة: عند تكليف موظف اخر للقيام بمهام المدير العام الاصيل.
5. مدير مديرية الشؤون العامة مدير مديرية الشؤون القانونية بالانابة: عند تكليف مدير مديرية الشؤون العامة للقيام بمهام مدير مديرية الشؤون القانونية الغائب بالاضافة لعمله.
الأمثلة الخاطئة :
1. وزير التربية والتعليم بالوكالة: عند تكليف وزير اخر بمهام وزير التربية والتعليم الاصيل.
2. محافظ الزرقاء بالوكالة: عند حلول نائب المحافظ مكان المحافظ الاصيل او تكليف متصرف في حال غياب نائب المحافظ لاي سبب من الاسباب.
3. مدير عام دائرة الآثار العامة بالوكالة: عند تكليف موظف للقيام بمهام المديرالعام الغائب.
4. مدير مديرية الشؤون العامة مدير مديرية الشؤون القانونية بالوكالة: عند تكليف مدير مديرية الشؤون العامة للقيام بمهام مدير مديرية الشؤون القانونية الاصيل بالاضافة لعمله.
dr.saudalharbi@yahoo.com