09-05-2019 11:15 AM
بقلم : المهندس وصفي عبيدات
لماذا همتنا ؟ كيف نشأت ؟ لمن تعمل وكيف تعمل ؟
آلاف الجمعيات في الاردن بأسماء شتّى واهداف متنوعة ، جمعيات تؤسس وما تفتئ أن تختفي ، زحام وازدحام وحركة متثاقلة ، بعضها يعمل في شهر رمضان ثم تصفد اوراقها وتغيب ، وأخرى تؤسس لغايات في نفس مؤسسيها وتموت بعد تحقيق الغايات .
لم اقتنع يوما ان يكون في كل حي من احياء القرية جمعية ، ولا يعجبني ان يكون في الاردن جمعيات اكثر من المدارس والمراكز الصحية ، جمعيات لا يتجاوز عملها توزيع طرد هنا وكسوة طالب هناك ، مع ان الاصل في الجمعيات أن تُؤسَسْ للمساهمة في بناء المجتمعات وتطويرها وأن يكون لها رسالة عنوانها المواطنة الصالحة والانتماء للوطن وابناء الوطن ، فهي تعتبر واحدة من اهم مؤسسات الدولة الرئيسية في تقديم الخدمات المجتمعية.
كنت احلم ان ارى جمعية او مؤسسة من مؤسسات المجتمع تحمل مشروعا وطنيا يحمل هم المواطن وتقوم على حل مشكلاته ، يشاركني هذا الحلم الكثير ممن اخلصوا حبهم لهذا الوطن ، آلاف الاردنيين يتمنون ان تنشط المؤسسات الاهلية لتكون سندا رافعا لعمل الحكومات في خدمة بلدنا الحبيب .
وهنا ازف بشرى لكل الاردنيين أن آمالنا بدأت ترى النور وتتحقق ، فقد كشفت الايام الاخيرة عن جمعية لها من اسمها نصيب ، جمعية تختلف بأهدافها ورؤيتها وادبياتها ، جمعية تعنى بتحسين الخدمات لأكثر فئة في المجتمع حاجةً للرعاية ، فئة هي الاشد ألماً وعوزاً للاهتمام ، فئة ابتلاها الله بالمرض المرعب الذي ترتجف منه الابدان ، انه السرطان وانها جمعية همتنا الخيرية ذات البعد الانساني العميق .
قصة ولادة الجمعية كانت عندما حرمت الحكومة مرضى السرطان من حق العلاج في مركز الحسين ، وكأن ارادة الله شاءت ان تجتمع ثلاث نشميات اردنيات وبإلهام رباني قرَّرنَ تأسيس جمعية تعنى بهؤلاء المرضى ، كانت الفكرة جريئة وطموحة ولكنها لا تخلو من المغامرة ، اسئلة كثيرة وُضعت على الطاولة ، هل سننجح ؟ هل سنلقى الدعم ؟ هل ستكون جمعيتنا كباقي الجمعيات تأخذ رقماً متسلسلاً في سجل الجمعيات ؟ ام انها ستكون رائده في عملها ؟ كل هذه التساؤلات ولّدت الكثير من العزيمة لديهنّ ، فقررنا المسير مؤمنات بأنَّ مسافة الالف ميل تبدأ بخطوة ، ذهبت انظار النشميات الى حيث المعاناة والألم ، الى مستشفى البشير الذي اصبح عاجزاً عن تحمل الاعباء بسبب الحالة الاقتصادية القاهرة التي يمر بها الوطن ، لملمت الاخوات اوراقهن وطرنّ الى وزير الصحة وكان الهدف اعادة تأهيل مركز السرطان في البشير وتجهيزه بأحدث الاجهزة والمعدات الطبية لتوفير الجو المناسب لتخفيف الالم النفسي والمعنوي والمَرَضي عن مرضى السرطان ، كان التجاوب سريعاً وكأن يد الله قد امتد الى الايادي التي لا همَّ لها الا احياء ارواح آلاف البشر ، وهكذا انطلقت الفكرة وطارت من عقولهن لتنتشر بين الاردنيين فباركها الكثيرون وبادروا لحمل الراية مع حمَلتِ همتنا ، همم الاردنيين استنهضتها اصرار نشميات ثلاث ، فكانت الابواب مشرّعة ويوما عن يوم اصبحت همة همتنا تعلو كل الهمم ، فحمل المهندسون القلم فخططوا وصمموا وجابت الاخوات مؤسسات الوطن فكانت الاستجابة فوق التوقعات و بأيادٍ اردنية بدأ البناء وبدأ العمل وبدأ المشروع يسابق الريح وهمتنا تزداد همة على همة ، وما هي الا ايام وسينتهي العمل في البشير لتنتقل همتنا الى ربوع الوطن تزرع الامل والبسمة على وجوه الاردنيبن .
أبارك للوطن همة عائلة همتنا وابارك لهمتنا همة عائلة الوطن .