20-05-2019 03:41 AM
سرايا - شهر رمضان هو شهر مبارك، يغدق فيه على أهل الإيمان بالفضائل، والمكرمات، ليتنافس فيه أهل الطاعات، والقربات، ويعزمون فيه على فعل كل رشيد، فترى الكثير من المسلمين ممن يصوم نهار رمضان؛ يجتهد فيه بالطاعات، فحينًا ترى تاليًا للقرآن، وحينًا ذاكرًا لله -عز وجل– يدعوه، ويستغفره، وتارة في بر، وفعل للخير، والسعي لتفطير الصائمين إذا اقترب موعد الإفطار.
وكل هذا من توفيق الله -تعالى- لهذا العبد، وهو علامة على إيمانه وصلاحه، لكن العجب كل العجب أن مثل هذه المظاهر من الأعمال الصالحة تتلاشى كلما اشتدت الظلمة، وأرخى الليل سدوله، فتجد الحريص هو من يصلي بعد العشاء التراويح، ثم ماذا؟ هذا هو السؤال الذي نريد أن نقف معه قليلًا في هذا المقام.
فمن المسلمين من يقطعون ليالي رمضان بالسهر القاتل الذي كثر فيه الكلام عن الدنيا، والحديث عن العادات، والتقاليد، وذكر فلان، وعلان، والله يقول: اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ [العنكبوت:45].
إن الساعات المتأخرة من الليل هي ساعات مخصوصة بفضائل عظيمة في كل وقت من العام، فكيف إذا كانت في رمضان، فهي ساعات النزول الإلهي كما يقول النبي -ﷺ- فيما عند البخاري، ومسلم من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-: ينزل ربنا – تبارك وتعالى – كل ليلة إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر، يقول: من يدعوني فأستجيب له، من يسألني فأعطيه، من يستغفرني فأغفر له [رواه البخاري:1145، مسلم:758].
إنها ساعات استجابة الدعاء، ساعات الأعطيات، والمغفرة من رب البريات، إنها ساعات الأسحار.
الساعات التي علمها المتقون فبادروا إليها: كَانُوا قَلِيلًا مِّنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ [الذاريات:17، 18]. فأين أصحاب الحاجات؟ وأين أصحاب الأمراض، والأسقام؟ أين التائبون؟ وأصحاب الديون؟ ألا يستيقظون، ألا لمثل هذه الساعات يتنبهون!