25-05-2019 09:49 AM
سرايا - تتعرض نساء عاملات في شهر رمضان إلى ضغط عصبي وجسدي كبيرين، بسبب المهام الملقاة على عاتقهن، إذ يقمن بجهود مضاعفة في وقت غير اعتيادي لانجاز واجبات العمل والبيت واستقبال الضيوف وإعداد الولائم وتدريس الأبناء.
تقول أستاذة علم الاجتماع في جامعة مؤتة الدكتورة نسرين البحيري إن:«المسؤوليات الملقاة على عاتق المرأة العاملة تتضاعف في شهر رمضان سواء داخل الأسرة أو خارجها»، وتوضح أن:«المرأة العاملة لا تحظى بأي مساعدة في إعداد الولائم الرمضانية خصوصا من قبل الزوج بسبب عدم اتقانه لفنون الطهي أو لرفضه المساعدة استنادا إلى ثقافته الشرقية».
وترى البحيري أن «الرجل الأردني يتميز بعصبيته الزائدة بهذا الشهر وخاصة إذا كان من المدخنين،
وقلة هم الرجال الذين يؤمنون بمبدأ التعاون مع المرأة داخل المنزل، ما يشكل عبئاً كبيرا عليها وضغطا عصبيا يفقدها التمتع بروحانية الشهر الفضيل».
وتقول «تمتلك المرأة بطبعها قدرة تحمل أكبر من الرجل انطلاقا من دورها كزوجة وأم، فتذهب إلى عملها صباحا، وتعود إلى منزلها للقيام بواجباتها المنزلية المطلوبة منها كالتنظيف والتدريس في وقت تزامنت فيه الامتحانات المدرسية مع شهر الصيام».
وتتابع «ثم تبدأ بإعداد وجبة الإفطار مراعية فيها أذواق جميع أفراد الأسرة، وبالذات في الولائم حيث تفضل العائلات المدعوة وجود أكثر من صنف وهو ما يتطلب منها وقتا ومجهودا كبيرين».
وتلفت إلى أن «المرأة تفضل ترتيب المنزل وتنظيفه لاستقبال الضيوف، فهي في الواقع زيارات تفتيشية تزيد من حجم الضغط النفسي عليها بسبب خوفها من التعرض للانتقادات».
وتشير إلى أنه:«في بعض الأحيان لا تستطيع ربة المنزل مجاملة الضيوف من كثرة الإنهاك والانشغال بتقديم الضيافة والتنظيف والترتيب بعد الإفطار، فيظنون بأنهم غير مرحب بوجودهم، وأنها لا تريد استضافتهم، وفي النهاية لن تكون الوليمة صلة للرحم بقدر ما هي شعور بالخوف من العتب والمشاكل».
وترى البحيري أن الضغوط التي تتعرض لها المرأة العاملة في شهر رمضان تنعكس على عملها، فيقل تركيزها في واجباتها الوظيفية وتكثر إجازاتها بسبب الكد المتواصل في المنزل وقلة ساعات النوم.
وتلفت البحيري إلى أن المرأة العاملة في القطاع العام تتمتع بميزات لا تحظى بها مثيلتها العاملة في القطاع الخاص، حيث لايوجد غالبا في كثير من المؤسسات الرسمية رقابة ومتابعة مستمرة فتلجأ بعض الموظفات إلى قراءة القرآن خلال ساعات العمل لعدم وجود وقت كاف لقراءته في المنزل أو يقمن بإغلاق مكاتبهن وأخذ غفوة.
وتعرّف أستاذة علم النفس في جامعة البلقاء التطبيقية الدكتورة منى أبو طه الضغوط النفسية بأنها:«جميع العوامل الخارجية الضاغطة على الحالة النفسيّة للفرد لدرجة تجعله في حالة من التوتر والقلق والتأثير السلبي على قدرته في تحقيق التكامل والتوازن في شخصيته».
وتشير إلى أن:«هذه العوامل تؤدي إلى فقدان الاتزان الانفعالي وظهور أنماط سلوكية جديدة، تظهر عند مواجهة الفرد أمراً ملحّاً يوجب الاستجابة الصحيحة له أو مطلباً لا يملك القدرة الكافية لتلبيته، أو أنه يقع خارج حدود استطاعته».
وتذكر أبو طه بعض عوامل الضغوط النفسية التي تتعرض لها الزوجة العاملة في شهر رمضان كالعوامل الفسيولوجيّة الجسمية ومنها :اضطراب النوم، وحالات القلق والعوامل الاجتماعية ومنها :تلبية المتطلبات الزمنية لإجراء وإنجاز المهام المختلفة، وأخيرا العوامل الداخلية: أي البنية النفسيّة لها وطرق تفاعلها واستجاباتها للمثيرات المختلفة.
وتشير أبو طه إلى بعض أعراض الضغوط النفسية السلبية التي تؤثر على المرأة العاملة كالأعراض الجسميّة: ومنها ارتفاع عدد نبضات القلب وزيادة قوة خفقانه، وتشنّج العضلات المختلفة والشد العضليّ خاصّة في منطقتي الكتفين والرقبة، بالإضافة إلى آلام المعدة والتعرّق الشديد والمستمر وسرعة النفس وضيقه».
وتقول إنّ :«التعرض لفترات طويلة من الإجهاد والضغط النفسي قد يؤديان إلى ظهور أعراض مزمنة أخرى، كالصداع النصفيّ المزمن». وتلفت إلى أن» القلب والأوعية الدموية تتأثر بشكل بالغ على المدى الطويل بارتفاعات نبضات القلب، وارتفاع إنتاج هرمونات التوتر، والخلل في مُستوى ضغط الدم حيث يصبح الفَرد المُصاب بالإجهاد لفترات طويلة أكثر عُرضة للسكتات الدماغيّة، والنوبات القلبية».
وتضيف أبو طه «الأعراض الذهنيّة تتمثل في الضعف العام وقلة التركيز في مواجهة الصعوبات بأداء العمليّات العقليّة في حين أن الأعراض العاطفيّة والانفعاليّة تتمظهر بسرعة الاستثارة والغضب والانفعال والقلق والتوتر، وقد تظهر بعض الانفعالات الباردة نسبيّاً كالحزن والإحباط والاكتئاب والانسحاب، بينما الأعراض السلوكية تظهر عند تعرضها كردة فعل للطاقة السلبية الكامنة ومحاولة تفريغها بالحركات الجسمية النمطيّة».
وتدعو أبو طه الزوجة العاملة إلى التعرف على الوسائل والطرق التي تسهِل عليها عمليّة التكيف مع المواقف، والمثيرات الخارجية البيئية، إضافة إلى تعلم بعض الأنماط السلوكية، وبذَل الجهد في سبيل اكتسابِها، بحيث تستهدفُ حل المشكلة وبالتالي إمكانية السيطرة عليها وضَبطها والتحكم بها.
وتبين أن التغلب على ضغوط الحياة في شهر رمضان يعود إلى المرأة نفسها وكيفية مواجهتها للأزمات في حياتها بمعنى معرفتها لكيفية ترتيب أولوياتها.
وتنصح أبو طه الزوجات العاملات بأن يعتبرن جميع الأعمال في رمضان عبادة يقصدن بها التقرب إلى الله حتى في إعداد الطعام، وترتيب المنزل، ومتابعة الأبناء الطلاب أثناء انجازهم واجباتهم دون تدخل.
وتحث الأمهات العاملات على «إنهاء الأعمال المنزلية باكرا قبل المغادرة إلى العمل. وتدعو أبو طه ربة البيت إلى تحديد أولوياتها والأوقات المفضلة لديها لإنجاز أعمالها».
الرأي