28-05-2019 01:39 PM
بقلم : علي الفاعوري
على ما تيسَّر مِنْ أغنياتْ
أُسلّمُ قلبَ القصيدةِ للذّكرياتْ
وأجترُّ صوتاً قديمَ الملامحِ نامَ
على شُرفةِ الوقت دهرينِ ثم مضى مُستسلماً للسُّكاتْ
أُنادي بملءِ دمي يا حياةْ:
أهديتُكِ النّايَ غضّاً
وأطلقتُ صوتَ المشاويرِ طولاً وعرضاً
لماذا إذاً تحرقينَ شِفاهَ المُغنّي
وماذا سيبقى إذا تُهتُ عنَي؟
وأرخيتُ للرّيحِ ساقَ النّجاةْ
لماذا ابتسمتِ بوجهِ القصيدةِ حينَ أتتكِ
تُقبِّلُ أبوابَكِ المُغلقاتْ
وفتّحتِ كلَّ البيوتِ بوجهِ العُصاةْ؟
لماذا رددتِ عن الحبِّ قلبي
ووزّعْتِني ياسميناً غريباً
تعربشَ فوق الأساطيح ليلاً
لتسرقهُ السّاهِراتْ؟
سألتُكِ بالله أن تُعتِقي القلبَ
فيما تبقّى منَ العمرِ
كي لا يُردَّ إلى أرذلِ الشّعرِ طفلاً شقيّا
عساهُ يعودُ نبيّا
يُردّدُ في الصّبحِ أسفارَ عشقٍ
وعند المساءِ يرُشُّ على البحرِ آياتهِ المُنجياتْ
على ما تيسّر مِنْ انْحناءْ
تنامُ القصيدةُ في جفنِ قافيةٍ من بكاءْ
تُعيدُ الكلامَ الى حيثُ كانَ نظيفاً
خفيفاً
كطعمِ الهواءْ
هناكَ تعودُ القصيدةُ أنثى
تغازلُ أحلامَنا في حياءْ
وتحمِلُ شاعرَها الطّفلَ الى حيثُ شاءْ
هناكَ تقولُ الذي لمْ تقُلهُ الأصابعُ
وهي تخبّئُ آهَ العكاكيزِ منْ تعبِ الاتّكاءْ
تُفسّرُ أحلامَ كلّ النساءْ
وهّنَّ يُعاقِرْنَ شوقَ المكاتيبِ عندَ الّلقاءْ
تلّمُّ السّنينَ التي أمعنتْ في اليبابْ
وتُرجِعُ في البالِ خبزَ الغيابْ
تُغنّي لفيروزَ وهي تُجمِّعُ تحتَ سُقوفِ الدّكاكينِ
شملَ الصِّحابْ
"كانوا صغار وعمرهم بعده طري
ولا من عرف بي همّن ولا من دري
يئلا بجيب الريح تا تلعب معك
وبكتب عيونك عالشتي تا تكبري"
تُغنّي
تُغنّي
تُغنّي
تُغنّي
الى أنْ تنامَ العصافيرُ في حضنها
بعد أن تُقفلَ الرّيحُ بابَ المساءْ
على ما تيسّر من آخرِ العابرينْ
يمدُّ الرّصيفُ يداً من حنينْ
تحاولُ رغمَ ابتعادِ الطّريقِ احتضانَ خطى التائهين
تحاولُ أن لا تبوحَ
وأن لا تُعاتِبْ
بما أتعبَ الدّربَ حين مضوا
حاملينَ البلادَ بجوفِ الحقائبْ
تحاولُ أن تستعيدَ المراكبْ
عساها تردُّ إلى الوقتِ شكل السنين اللواتي
ذهبنَ بعيدا
عساها تعيدُ عتيقَ الكلامِ جديدا
عساها إذا ما تُلامسُ وجه الزّمانِ الذي شاخَ حزناً
يعودُ سعيدا
على ما تيسّر من آخر الصّابرينْ
يظلُّ الكلامُ على حالِهِ
كتاباً سيقرأُنا ذاتَ حينْ
ونبقى نقشّرُ شمسَ الصّباحِ عرايا
إلى أن يُنعمَ اللهُ يوماً علينا بِفتحٍ مُبينْ!