29-05-2019 10:31 AM
سرايا - لا تخلو موائد الإفطار في الشهر الفضيل من مشروب التمر الهندي، فهو يتصدر موائد الصائمين منذ عصر المماليك، حيث كان وما يزال أحد المشروبات التي تقدم على موائد الأغنياء والفقراء خلال الإفطار لاطفاء عطشهم.
يعود موطن التمر الهندي الأصلي إلى شرق أفريقيا الإستوائية وجزيرة مدغشقر وشرق افريقيا، ومنها انتشرت إلى المناطق المدارية والقاحلة والشبه القاحلة كالسنيغال، النيجر، ساحل العاج والسودان، وذلك بحسب إحدى الروايات.
ويرجع سبب تسميته بالتمر الهندي رغم أصوله الإفريقية إلى الهنود لأنهم أول من أضافه إلى الصحن اليومي، فبات جزءاً من طعامهم، ثم آمنوا بأهميته الطبية ومايزال مستخدما لديهم في الطب الشعبي، مما جعل التمر الهندي مطلوباً جداً في الهند، فباتت البلاد الأكثر استهلاكا له، وقامت بعد ذلك بإنتاجه بغزارة، لتصبح المنتج الأكبر له، والمستوردون له يسمونه بالتمر الهندي نسبة لمصدره.
روايات متعددة
وفي رواية أخرى، قيل أن ﺭﺟلا ﻫﻨﺪيا ﻳﺪﻋﻰ «ﺗﻤﺎﺭﺍ» اﻛﺘﺸﻒ ﺛﻤﺮة التمر الهندي ﺍلتي ﺗﺸﺒﻪ ﺍﻟﺒﻠﺢ، ﻭﺑﺪأ ﻳﺴﺘﺨﺪﻣﻪ ﻓﻰ ﻋﻼﺝ ﺍﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ ﺍﻷﻣﺮﺍﺽ، ﻓﻜﺎﻥ ﻳﻄﻠﻖ ﻋﻠﻴها ﻓﻰ ﺍﻟﺒﺪﺍﻳﺔ اﺳﻢ «ﺗﻤﺎﺭﺍ ﺇﻧﺪﻳﺎ».
و تعرف عليه التجار العرب الذين كانوا يجلبون العطور والتوابل من الهند، فجلبوا ثماره وبذوره، وأخذوا يزرعونه قرب الشواطئ، ثم استخرجوا من منقوعه شرابا منعشا بالصيف، وعرف آنذاك بتمر الهند.
ويذكر بعض المؤرخين: «أﻥ ﺍﻟﻔﺮﺍﻋﻨﺔ ﻟﻬﻢ ﺍﻟﻔﻀﻞ ﺍﻷﻭﻝ فى ﺇﺩﺧﺎﻝ ﺯﺭﺍﻋﺔ ﺍﻟﺘﻤﺮ ﺍﻟﻬﻨﺪي ﺧﻼﻝ ﺍﻟﻌﺼﻮﺭ ﺍﻟﻮﺳﻄﻰ ﺇﻟﻰ ﻣﻨﺎﻃﻖ ﺍﻟﺒﺤﺮ ﺍﻷﺑﻴﺾ ﺍﻟﻤﺘﻮﺳﻂ، وقد ﻋﺜﺮ ﻋﻠﻤﺎﺀ ﺍﻵﺛﺎﺭ ﻋﻠﻰ ﺑﻌﺾ أﺟﺰﺍﺀ ﻣﻦ ﺍﻟﺘﻤﺮ ﺍﻟﻬﻨﺪي في ﻣﻘﺎﺑﺮ ﺍﻟﻔﺮﺍﻋﻨﺔ».
وﺟﺎﺀ ﺍﻟﺘﻤﺮ ﺍﻟﻬﻨﺪي في ﻭﺻﻔﺔ ﻓﺮﻋﻮﻧﻴﺔ في «ﺑﺮﺩﻳﺔ أﻳﺒﺮﺯ» ﺍﻟﻄﺒﻴﺔ ﺿﻤﻦ ﻭﺻﻔﺔ ﻋﻼﺟﻴﺔ ﻟﻄﺮﺩ ﻭﻗﺘﻞ ﺍﻟﺪﻳﺪﺍﻥ في ﺍﻟﺒﻄﻦ، وﻭﺻﻒ ﺃﻃﺒﺎﺀ ﺍﻟﻔﺮﺱ ﺍﻟﻘﺪﺍﻣﻰ ﻣﻨﻘﻮﻉ ﺍﻟﺘﻤﺮ ﺍﻟﻬﻨﺪي ﺷﺮﺍﺑﺎ ﻟﻌﻼﺝ ﺑﻌﺾ أﻣﺮﺍﺽ ﺍﻟﻤﻌﺪﺓ ﻭﺍﻟﺤﻤﻴﺎﺕ ﺍﻟﻨﺎﺷﺌﺔ ﻋﻨﻬﺎ.
وبعد انتشار التمر الهندي في مصر وعند العرب والهند وجزر الكاربي وأغلب بقاع العالم عبر الطب القديم، فقد كان للعرب الفضل في نقل ﺍﻟﻔﻮﺍﺋﺪ ﺍﻟﻌﻼﺟﻴﺔ للتمر الهندي إلى أﻭﺭﻭﺑﺎ ﺃﺛﻨﺎﺀ ﺍﻟﻔﺘﻮﺣﺎﺕ ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ.
ويشير أبو بكر الرازي إلى التمر الهندي بقوله: إن «عصارة التمر الهندي تقطع العطش لأنها باردة طرية».
وحول مزاياه العلاجية في الطب القديم يقول عنه ابن سينا «التمر الهندي ينفع مع القيء والعطش في الحميات، ويقبض المعدة المسترخية من كثرة القيء، وينفع في الحميات».
ويبين ابن البيطار أن «التمر الهندي أجوده الطري الذي يذبل وهو يكسر وهيج الدم، مسهل وينفع من القيء والعطش ويسهل الصفراء ويسيل الصفراء».
وأما في الطب الحديث، فقد أثبتت الدراسات العلمية أن التمر الهندي يحتوي على مضادات حيوية قادرة على إبادة الكثير من السلالات البكتيرية المختلفة الضارة بالإنسان، إضافة إلى فوائده كمليّن ومضاد للحموضة وملطف وخافض للحرارة ولذلك تضيف بعض شركات الأدوية الخلاصة المائية لثمار التمر الهندي إلى أدوية الأطفال.
يمدُّ التمر الهندي الجسم بنسبة كبيرة من الماء ممّا يُحافظ على ترطيبه، ويحفِّز الجسم أيضًا على الاحتفاظ بالسوائل مدّة أطول لذلك يُتناول خلال أيّام الصيام على الإفطار والسحور، بالاضافة انه منعش ومبرّد للجسم في فصل الصيف، ويطفئ العطش.
والتمر الهندي ضروري للجهاز الهضمي والمعدة، فهو معالج جيّد للتقرّحات المعوية الناتجة عن حساسية الأطعمة أو تناول بعض الأدوية بسبب احتوائه على مركبات متعددة الفينول والتي تعمل كمطهِّر لجدار المعدة والأمعاء.
ويساعد التمر الهندي على تعزيز جهاز المناعة، ويعمل على استقرار نسب السكر في الدم وخصوصاً لدى مرضى السكري، ويساعد على تحسين نسبة الكولسترول في الدم، ويمنع من تكون الدهون الثلاثية.
ويحارب التمر الهندي مرض السرطان،ويساعد على التقليل من حساسية الربو، وذلك لأنه يحتوي على مضادات الهيستامين، فهو مصدر غني بالفيتامين، وله العديد من الخصائص التي من الممكن أن تعزز جهاز المناعة، وتقيه من نزلات البرد.
ويعتبر علاجاً فعالاً لكل من مشكلات الجلد والبشرة على حد سواء، وذلك بفضل احتوائه على حمض الألفا هيدروكسيل الذي يلعب دوراً كبيراً في تنظيف البشرة، حيث يمنع انسداد المسامات ويقلص حجمها.
كما يقي من تشكل الحبوب والندوب والبثور والندوب والبقع الناتجة عنها، لهذا غالباً ما نجده عنصراً أساسياً في التركيبة الخاصة بمعظم المستحضرات الخاصة بالعناية بالبشرة، كما يزيد من النضارة الطبيعيّة، ويحافظ على الشكل الحيوي، ويمنع ظهور علامات التقدم في السن والشيخوخة مثل التجاعيد والتعرجات والخطوط الرفيعة وغيرها.
الرأي