08-06-2019 03:13 PM
بقلم : د. رياض خليف الشديفات
تشكل الأفكار التي نحملها في رؤوسنا المحرك الأساسي لسلوكنا ومواقفنا السياسية والفكرية والاجتماعية والحياتية في مجالاتها المختلفة، وهذه الأفكار نستمدها من واقعنا، أو من الإعلام الذي يحاصرنا من كل الاتجاهات بما له من سطوة الفضاء المفتوح الذي يصعب منعه ومحاصرته بالطرق التقليدية التي لم تعد قادرة على المواجهة والمقاومة.
كما نستمد بعض أفكارنا من بعض الكتب والمراجع بحسب اهتمام الأفراد وميولهم، وبحسب المناهج التي تقدم للطلبة في مراحل التعليم المختلفة، ولعامل الوارثة تأثير كبير في الكثير من الأفكار التي نحملها ونعززها في عاداتنا وتقليدنا وممارستنا اليومية بكل تناقضاتها.
وحيال السيول الجارفة من الأفكار التي نحملها ونتوارثها جيلا فجيلا نرى أن الناس بين فريقين: فريق الإفراط وفريق التفريط ...فكلاهما تمرد على كل ما قرأ وما سمع وما تعلم، وقد تكاثرا بين الأجيال الصاعدة، وبين فئات الشباب التي تمردت على الواقع بكل ما فيه باحثة عن مصالحها وشهواتها ضاربة بعرض الحائط بالثوابت والضوابط والقيم بما يشكل خطورة على أمن المجتمع ونسيجه الاجتماعي وهويته الثقافية والفكرية.
وبسبب أفكارنا التي هي من بنات واقعنا ومن صناعة أيدينا وعقولنا صرنا نعيش حالات من التطرق السلوكي في عاداتنا وتقاليدنا، ونرى بيننا متطرفون في الحب فإذا أحب بالغ إلى درجة التطرف، وإذا كره بالغ حتى أغلق المنافذ وسد السبل في وجه الإصلاح، وهنا اقصد بالحب والكره بمفهومه الواسع الاجتماعي والعاطفي والثقافي والسياسي والفكري والإيدلوجي وغيره.
وبسبب أفكارنا المحركة لسلوكنا نرى بيننا متطرفون في العادات والتقاليد الاجتماعية اخرجها عن حد التوسط والاعتدال في حالتي الفرح والحزن، وبيننا متطرفون في الجهوية والحزبية، وكل ذلك بسبب افكارنا التي يغذيها واقعنا بموارده التي تلوثت كما تلوثت بيئتنا بكسب أيدينا، وكأني بمجتمعنا يحتاج إلى " فرمتة " وإعادة تشكيل لمفاهيمه وأفكاره على أمل أن ننهض من سباتنا العميق ، فمن فكرة اقرأ انطلقنا آملين أن نعود إليها من جديد لتحرك أفكارنا لكل خير و محبة وإخاء ، والله من وراء القصد وهو المستعان .