11-06-2019 01:05 PM
بقلم : صالح مفلح الطراونه
حين نكتب عن هذه الملحمة فنحن بالتأكيد لن نفيها حقها في هذه العُجالة ولن نصل الى رحلة الملحمة التي جاءت بشخصية عروبية بحجم الدكتور طلال أبو غزالة الذي جاء في شهر نيسان من عام 1938 في يافا الجميلة بإنسانها والمكان وهذه الحقبة التاريخية اذا ما نظرنا اليها في بُعدها التاريخي فأننا لابد من التذكير ببعض تفاصيلها حتى نرى التقارب بمفهوم ملحمة رجل بحجم طلال ابو غزالة والواقع الذي مرت فيه منطقتنا تحديداً , ولن أطُيل كثيراً بسرد بعض المقاربات التاريخية بهذا العام الميلادي لقامة عربية بحجم طلال أبو غزالة بل سوف استذكر قراراً فرنسياً جاء فيه حينما كان الاستعمار الفرنسي يغطي الجزائر إذ اعتبر اللغة العربية لغةً أجنبيةً في الجزائر ويمنع تعليمها في المدارس , بجانب الاستعمار الفرنسي في تونس الذي أسقط عشرات القتلى والجرحى من المتظاهرين التونسيين فيما عرُف آنذاك تاريخياً بثورة 9ابريل عام1938 لذلك نحن أمام شخصية عربية ومفكر عربي عاش تفاصيل الرحيل إبان النكبة عام 1948 حيث لم يكن عمرة آنذاك يتجاوز العشر سنوات حيث ركب هو وعائلته باخرة معده اصلاً الى نقل البضائع ليرحل هو وعائلته الى مدينة صيدا في جنوب لبنان حيث سيكون المنفى .
وهناك بدأت مراحل التعليم الابتدائي والثانوي ثم تابع تعليمة الجامعي في الجامعة الأمريكية في بيروت ولتلك قصه نتوقف أمامها حينما تقدم للدراسة بالجامعة لم يكن يملك آنذاك رسوم دراسته مما حدا به الى مراجعة مدير الجامعة المسؤول وطرق بابه للدخول وسمح له بذلك فقال له ماذا تريد يا أبني .. قال له أنا لا أملك ثمن دراستي لكنني ارغب بالدراسه وأتمنى عليك منحي فرصة الدراسه فرد مسؤول الجامعه ولكن لا تملك ثمن الدراسه فكيف السبيل الى دراستك قال أعطني فرصة لكي أثبت لك أنني سوف أكون من الأوائل المتميزين بالجامعة لكي أحصل على الدراسه المجانية بالجامعه .. انصت رئيس الجامعه لطرح طالب جاء من منفى بعيد ليتعلم فقال حسناً أوعز رئيس الجامعة لأن يدرس الطالب ( طلال أبو غزالة ) على نفقة رئيس الجامعة الفصل الأول فقط ليرى بعدها إن كان من المميزين أو دون ذلك ! ( تميز طلال ليس بالفصل الأول بل بكل الفصول وبالجامعة كِلها ’ ولعل إيثار طلال حينما منحتُه الجامعة الدراسه والمبيت والأكل بالجامعة حيث كان يتوفر من كل وجبة ( حبة تفاح وأخرى برتقاله وكان يجمع ما يزيد عن حاجته الى نهاية الأسبوع ليحمل هذه الفواكة ويقدمها لأسرتة التي تنتظره كل نهاية اسبوع ويتناولان هذه الفاكهة وبداخل ( طلال ) إيثار العطاء منذ كان طالباً على مقعد الدرس .
أن تحمل في بدايتك عربة الإسكريم لتبيع وفي سوق الخضار محاسباً يسجل الأسعار وأن تكون مترجماً وانت طالب وأن تعمل بعد تخرجك مباشرة في شركة تدقيق عام 1969 تلك مآثر لا يعيشها إلا الكبار والحاملين رؤيا بعيدة المدى .
إن مفهوم الملكية الفكرية يعد عملاً يحتاج بصيرة والعمل على ترجمة ذلك وما يشملها من حقوق للملكية الفكرية جاءت مع نظرتة البعيدة لينشىء في عام 1972 شركتين هما ( طلال أبو غزالة (تاجكو ) ثم ابو غزالة للمكلية الفكرية بجانب المحاسبة ودورها الريادي بالقيم المالية .
بعدها جاءت الإنطلاقة الكبرى اذ قام بتأسيس مائة وأربعون شركة تتعهد بالخدمات المهنية المتخصصة في مجالات متنوعة مثل الخدمات القانونية , تقنية المعلومات , الإدارة والأستشارات وغيرها من القطاعات الهامة المتنوعة والتي قام من خلالها بالعمل مع منظمات عالمية لتوثيق هذه القطاعات منها ( الأمم المتحدة , ومنظمة التجارة العالمية كما حدث في عام 2007 ) ومن هناك بدأت إنطلاقة طلال أبو غزالة في العمل العالي اذ عينةُ الأمين العام للأمم المتحدة (بان كي مون ) نائب رئيس الأتفاق العالمي والذي عقد آنذاك في مقر الأمم المتحدة في نيويورك بعدها توالت المنجزات العالمية بالقيادة على مستوى العالم حيث في عام 2009 عينتة منظمة الأمم المتحدة رئيساً للائتلاف العالمي لتقنية المعلومات والأتصالات والتنمية وهو تابع للأمم المتحدة للشؤون الأقتصادية والأجتماعية , وقد كان للإراده الملكية السامية عام 2010 حينما صدر تعيينة عضواً في مجلس الأعيان الأردني ولعل ما قام فيه آنذاك حينما قدم إستقالتة الى طاهر المصري رئيس مجلس الأعيان عام 2011 احتراماً لقدسية النظام ومواثيقه الدستورية والتي تشترط في عضو مجلس الأمة أن لا يحمل جنسية دولة اخرى بجانب الجنسية الأردنية مما حدا بالملك عبدالله الثاني عام 2016 بإعادة تعيينة عضواً بمجلس الأعيان مرةً أخرى تقديراً لجهودة المميزة في بناء عالم المعرفة والمحافظة على قيم الملكية التي تؤكد رصانة الرجل وقيمة المعرفية التي باتت تشكل مدرسة أصيلة بهذه القيم ولأن القيم الجميلة التي تبقى في حياة الناس جاء كثير من التكريمات التي لا يمكن حصرها لطلال أبو غزالة فمن وسام الأستقلال الأردني من الدرجة الأولى الى وسام الإبداع التقني والتحول الرقمي من البحرين الى جائزة الخريج المميز من الجامعة الأمريكية في بيروت القائمة تطول وتتمدد في كل أركان العالم الذي أحب طلال أبو غزالة وأيقن أنهُ مثال حي لقيم الإبداع الإنساني على وجهة هذه البسيطة .
ملحمة طلال ابو غزالة عنوان عريض لشاب جاء من أقصى حدود فلسطين العصية على العدو الغاشم , سافر في رحلة الحياة وأستمر في التحدي لصناعة الذات وزرع الأمل في نفوس تلك الأسرة التي كان لها أباً بعد رحيل والدة باكراً , ملحمة طلال أبو غزالة رحلة عمر لقياس التحدي الذي جاء من بين سطور الحياة ليؤكد أهمية الصمود في وجة كل الصعاب ...
رسم لنا في إبتسامتة عنوان مميز لقيم وارفة الظلال ...
كما هي أشجار يافا وحيفا ...وكل فلسطين
ورسم لنا حكاية المنفى البعيد والوجع الصعب في زمن التعب والرحيل الأخير للعبور الى وطن آخر يسكُنه طلال ويحبةُ كفلسطين الغارسة جذورها بعمق بالتاريخ ..
ملحمة طلال أبو غزالة قصة نجاح تستحق الأحترام .
خارج النص
أنا أحد خريجي جامعة كامبردج في تخصص ( آي تي ) والتي تمت بمبادرة من مركز طلال أبو غزالة بالتعاون مع جامعة البلقا ء التطبيقية والتي كانت تُشكل بالنسبة لي قيم مضافة بالمعرفة الملعوماتية حيث تتم الأمتحانان بنظام ( اون لاين من الجامعة ذاتها كامبردج ) والحصول على الدبلومه بتكلفة مقبوله قياساً بزخم المعلومات التي تلقيناها وحقيبة الدراسة من الكتب والشهادة المعتمدة .