حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الإثنين ,23 ديسمبر, 2024 م
طباعة
  • المشاهدات: 14579

هذا شبه البدوي

هذا شبه البدوي

هذا شبه البدوي

16-06-2019 08:31 PM

تعديل حجم الخط:

بقلم : د. محمد عبدالكريم الزيود
أحدهم في مسلسل " جن " سيء الذكر يقول لصديقه مستهزئا: "هذا شبه البدوي" ، هذه الجملة التي تختصر إحدى القيم التي يحاول أن يروج لها الفن الجديد ، قيم نابعة من الثقافة الجديدة والدولة المدنية القادمة بالنظر للناس بدونية وتحقيرهم ، وصهر المجتمع الجديد الممسوخ عن هويته وجذوره .
لا أعتب على هؤلاء الشباب الذين غرقوا بالميوعة والمياصة والنعومة حتى كدت لا تفرق بينهم ، لم يسمعوا بالبدو إلا بالمسلسلات، ولم يعرفوا قيم البدو وثقافتهم ، وأعرف أن ثقافة الأردنيين متأصلة بالبدو وبقيمهم التي تحارب اليوم باسم التقدم والنيوليبرالية ، فلا مكان لقيم البدو في قاموسهم ؛ فالطيب والكرم والحياء وإغاثة الملهوف وإكرام الجار والتغنّي بالأخت والدفاع عن العرض والأرض أصبحت تمثّل قيم التخلف والمهمشين وفاقدو الأمل والعدميين .
دولة الإنفتاح والحريات وتعدد الثقافات التي تروج لها الحكومات مسموح فيها الإستهزاء بالآخرين وقد شهدنا يوما رئيس جامعة خاصة يهاجم طلبة البدو ويقول يسكنون الكهوف بلغة متعالية وترسيخ لطبقية مقيتة وسلطة رأس المال الشجع عندما يستفحل ، مثله مثل مذيعات إستخفن بمشاهدة لا ذنب لها إلا أن اسمها " هتوف " ، دعنها للذهاب للصوم وللطبيخ وليس لصالونات نفخ الشفايف وتكبير الصدر ، فالإعلام الجديد المبني على الغنج والقهقهات ، وأن الأردن هو عمان فقط لا يحتمل اسم هتوف وثقافتها وبساطتها ، وأن عناوين الجندر والتمييز والحرية الشخصية والتمكين لا تنفع لمثلها .
البدو الذين قاتلوا عن هذه البلاد وذادوا عن حياضها ، ولهم قلوب مثل الصوان لا ترتجف إن زغرد الرصاص وثار البارود ، ولكنها قلوب تخفق إن هزها العشق الحلال والشوق ، وتطرب إن سمعت الهجيني والحداء وصوت الربابة.
قيم البدو عالية ولن يطاولها أمثالك وشرف كبير لن تناله ، فمن تربّى في دواوين الرجال وفي ميادين الفروسية ورافق الشمس وخبر الصحاري وخاوى الليل والنجوم، ليس مثل من تربى في البارات وأحضان العاهرات وبال على نفسه عندما سمع صوت الرصاص ..
أعرف أنك لا تعرف فتية البدو ،ولم تقرأ عنهم في مدرستك الخاصة ، ولم تشاهد صورهم في جامعتك ، هل سمعت عن مشهور حديثة وكاسب صفوق ولافي حريثان وعطالله غاصب ويوسف حمدان وسعود مغصوب ، هل شاهدت كيف أن عيونهم تشتعل كالنار عندما مست البلاد ، فبردوا شوارعها ، وفاضت يومها عمان بالنصر والقصائد وزغاريد الصبايا .
بلادنا تسرق نهارا جهارا ، وتضيق على أبنائها ، ويمحى التاريخ عن قصد ، ويستبدلون الهوية ، ويسرقون الوجدان .
حمى الله الوطن المبتلى








طباعة
  • المشاهدات: 14579
لا يمكنك التصويت او مشاهدة النتائج

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم