حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الأحد ,29 ديسمبر, 2024 م
طباعة
  • المشاهدات: 49521

رواتب خيالية تشكل نهباُ منظماً للمال العام

رواتب خيالية تشكل نهباُ منظماً للمال العام

رواتب خيالية تشكل نهباُ منظماً للمال العام

25-06-2019 09:43 AM

تعديل حجم الخط:

بقلم : بسام الكساسبة
يصنف البنك الدولي الاقتصاد الأردني من أضعف الاقتصادات العالمية، إذ لا تتجاوز حصة الفرد الأردني من الناتج المحلي الإجمالي 4 آلاف دولار سنوياً، بينما دول ذات ظروف مشابه لظروف الأردن الاقتصادية تمكنت من تحقيق حصة الفرد لديها من ناتجها المحلي الإجمالي كدولة سنغافورة بقيمة 58 ألف دولار سنوياً، وفوق ذلك إنحفاض مستوى الأجور كثيراً في سوق العمل الأردني، فحسب بيانات دائرة الإحصاءات العامة فإن 26% من العمال والموظفين الأردنيين تقل رواتبهم عن 299 دينار، و60% منهم رواتبهم تراوح بين 300 دينار إلى 499 دينار شهريا، مع ذلك تبرز ظاهرة خطيرة جداً تتمثل بالرواتب الخيالية التي يتقاضاها الكثيرون من المسؤولين في مؤسسات عامة وفي شركات حكومية وشركات مساهمة عامة تساهم بها الحكومة، حيث يتقاضى كل واحد منهم من الرواتب الخيالية ما لا يتقاضاه رئيس الولايات المتحدة الأمريكية، الذي يقود أقوى دولة اقتصادياً في العالم، وتمتلك مطبعة الدولارات التي تعمل دون توقف على مدار اليوم، ومع ذلك لا تتجاوز رواتب الرئيس الأمريكي 500 ألف دولار سنوياً، أي بمعدل شهري 42 ألف دولار أو ما يعادل 30 ألف دينار شهرياً، بينما مجموعة مدراء داخليين في أكثر من بنك أردني (أي أدنى من رتبة مدير عام) يتقاضى الواحد منهم 600 ألف دينار سنوياً، أي بمعدل 50 ألف دينار شهرياً، أما عدد من المدراء العامين في عدد من البنوك الأردنية فيتقاضى الواحد منهم مليون دينار سنوياً، فهل يقدم هؤلاء الجهابذة للشركات والبنوك التي يعملون فيها وللاقتصاد الأردني منافع أكثر من المنافع التي يقدمها الرئيس الأمريكي للدولة الأمريكية؟؟

من عجائب وتناقضات الرواتب الخيالية أن رئيس مجلس إدارة أكبر وأعرق بنك في الأردن حصل على مكافأة سنوية عن عام 2018 بقيمة 92 ألف دينار، مع أن مجموعة هذا البنك حققت أرباحاً صافية خلال نفس العام بقيمة 560 مليون دينار، في حين حصل رئيس مجلس إدارة بنك أردني آخر على مكافأة سنوية بمقدار 430 ألف دينار مع أن أرباح بنكه لم تتجاوز 35 مليون دينار، وفي أحد البنوك الأخرى تصل مكافاة ورواتب رئيس مجلس إدارته إلى 471 ألف دينار سنوياً، أي بمعدل شهري مقداره 39 ألف دينار، والمكافأة السنوية لكل عضو من أعضاء مجلس إدارته 175 ألف دينار، أي بمعدل 14.5 ألف دينار شهرياً مقابل حضور إجتاع أو إجتماعين في الشهر على أكثر تقدير، أما مديره أو رئيسه التنفيذي فيتقاضى راتب سنوي مليون دينار، أي بمعدل 83 ألف دينار شهرياً، وأجزم أن هذا البنك وغيره من البنوك الأردنية الأخرى لو تُرِك كل منها بلا مدير عام لسنوات وبلا مجلس إدارة فلن تنقص أرباحه ديناراً واحداً، لأن ارباح البنوك الفاحشة ليست متحققة من كفاءة ونشاط إداراته التنفيذية وكبار مسؤوليها ورؤساء وأعضاء مجالس إدارتها، بل متحققة بفعل تدافع الشعب الأردني بقوة للحصول على قروض بشروط وفوائد وعمولات عالية تمليها عليهم البنوك بطريقة قهرية تعسفية مستغلة حاجة الناس لهذه القروض، وبالتالي يأتي دور كبار مسؤولي البنوك من مجالس إدارات وإدارات تنفيذية ليطلقوا العنان لأنفسهم باعتبارهم اصحاب السلطة العليا وأصحاب صناعة القرار لإقتطاع حصة كبيرة لهم من هذه الفوائد والعمولات على هيئة رواتب ومكافآت عالية وخيالية دون رقيب أو حسيب.
في إحدى شركات توزيع الكهرباء يتقاضى مديرها العام راتب وامتيازات بقيمة 230 ألف دينار سنوياً، من ضمنها بدل إجازات سنوية 8985 دينار، أي بمعدل شهري لبدل إجازاته 800 دينار، ونتساءل هل حقاً أمضي هذا المدير العام كل وقته في العمل فلم يحصل على إجازات سنوية ولا مغادرات ولم تكن لديه إرتباطات والتزامات شخصية واجتماعية خارج مكتبه كي يتقاضى بدل إجازات معدلها الشهري 800 دينار؟؟

وفي شركة صناعية تساهم بها الحكومة، وبحسب تقارير مجلس إدارتها السنوية المنشورة على الموقع الإلكتروني لبورصة عمان، فقد إرتفعت رواتب وامتيازات رئيس مجلس إدارة هذه الشركة من 231 ألف دينار في عام 2016 إلى 325 الف دينار في عام 2018، اي براتب شهري معدله 27 ألف دينار، كما تقاضى خمسة من كبار مدراء الشركة رواتب في عام 2018 بقيمة 1.1 مليون دينار، كما ارتفع راتب أحد نواب الرئيس التنفيذي في الشركة من 127 ألف دينار سنوي في عام 2017 إلى 164 ألف دينار في عام 2018، بزيادة سنوية مقدارها 37 ألف دينار، أو زيادة شهرية مقدارها 3 آلاف دينار، أي ما يعادل راتب شهري لوزير على رأس عمله، علماً بأن ما تحققه هذه الشركة من أرباح لا علاقه له بمزاعم كفاءة كبار مسؤوليها، بل يتعلق بمستوى الطلب العالمي على منتجات هذه الشركة وأسعارها في الأسواق العالمية، ففي عام 2011 إرتفعت أسعار منتجاتها في الأسواق العالمية وبالتالي ارتفعت أرباحها إلى 300 مليون دينار، وعندما إنخفضت أسعار منتجاتها في الأسواق العالمية خلال عام 2013 إنخفضت أرباحها إلى 130 مليون دينار، مما يدحض فرضية أن الرواتب الخيالية والزيادات السنوية الهائلة التي يحصل عليها كبار مسوليها هي انعكاس لإنتاجيتهم المزعومة ولما يحققونه من خدمات للشركة في زيادة ارباحها. ولو كان الأمر كذلك، فينبغي تخفيض رواتبهم ومكافأتهم بنسبة 58% تماشياً مع إنخفاض أرباح الشركة من 310 ملايين دينار في عام 2011 إلى 130 مليون دينار في عام 2013.

الرواتب الخيالية في بنوك الأردن وشركاته المساهمة وشركاته الحكومية إنما تؤخذ على حساب تشغيل موظفين جدد ممن يعانون من البطالة، وتؤخذ على حساب تكافؤ الفرص والعدالة الاجتماعية، وتؤخذ على حساب تعيين كفاءات أخرى من أبناء الوطن ممن هم خارج تلك الشركات، كونهم أجدر وأكفأ وأكثر استحقاقاً لإشغال المراكز القيادية في هذه الشركات ممن يشغلونها حالياً، ولأنهم أيضاً أكثر استعداداً وقبولاً لإشغال المراكز القيادية في تلك الشركات براواتب وامتيازات أقل بكثير مما يتقاضاه من يشغلونها حالياً، وبالتالي فإن هذه الرواتب الخيالية وسوء إختيار كبار مسؤولي هذه الشركات والبنوك يعد من أسوأ أشكال الفساد الإداري والمالي، هذه الشركات التي يفترض ان تكون العمود الفقري لتطوير الاقتصاد الوطني على غرار ما تضطلع به الشركات في الدول الأخرى وخصوصاً المتطورة منها، وللمقارنة فإن 195 شركة أردنية مساهمة عامة بما فيها الشركات الكبرى والبنوك لم تتجاوز أرباحها الصافية في عام 2017 ما يعادل 1.4 مليار دولار امريكي، في حين حققت شركة سامسونغ الكورية بمفردها أرباحاً صافية في نفس العام بمقدار 38 مليار دولار، ودفعت للحكومة الكورية ضرائب بقيمة 12 مليار دولار، ولو أديرت شركة سامسونغ بنفس منهجية ذوي الرواتب الخيالية في الأردن لحققت سامسونغ ارباحا بعشرات ملايين الدولارات بدلاً من 38 مليار دولار، وربما حققت خسائر لأنها ستصبح مأوي وحديقة خلفية لتعيين الوزراء وكبار المسؤولين الأردنيين السابقين وأتباعهم وشللهم رؤساء وأعضاء لمجلس إدارتها وإدارتها التنفيذية كما هو معمول به حالياً في الشركات والبنوك الأردنية.








طباعة
  • المشاهدات: 49521
لا يمكنك التصويت او مشاهدة النتائج

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم