08-07-2019 12:14 PM
بقلم : م. احمد سمارة
"ما هو أنت لو رميت حجر في الشارع رح يوقع على راس مهندس " ، " يا زلمة روح دور على سيارة اوبر اشتغل عليها أحسن لك من هالشهادة" ، " لو أني اول ما خلصت توجيهي اشتغلت ميكانيكي سيارات كان هسه بلعب بالمصاري لعب" ، وغيرها الكثير من الجمل التي يتندر بها الناس والمهندسون أنفسهم مع اصدقائهم وعائلاتهم للتعبير عن واقع سوق العمل الذي اضحى متخم بالخريجين الجدد مع قلة فرص العمل المتاحة بل ندرتها.
منذ اليوم الأول لاستلام شهادة التخرج تسير الأيام محمّلة بالعزيمة والإصرار يملأها مشاعر الامل ولكن سرعان ما تخبو ويتلوها مشاعر الإحباط، وتزداد حالة القلق والخوف من مستقبل مجهول، الكثير من الأسئلة تتبادر الى الاذهان، ما العمل، وما هو الطريق، وهل بالإمكان افضل مما كان، ربما المشكلة في السيرة الذاتية فيتم مراجعتها عشرات بل مئات المرات وفي كل مرة يتغير كلمة او حرف او نوع الخط او ترتيب الفقرات، ولكن لا جديد ، اتصال هاتفي ودعوة لمقابلة عمل ترفع المعنويات ، وانتظار للرد لا يأتي حتى ولو بالاعتذار يزيد الصورة سوداوية وقتامة ، وتستمر الأيام هكذا فهل من مخرج ؟؟!!
انا ازعم انه لدي حل " سحري " لهذه المعضلة التي تؤرق كل مهندس او مهندسة من حديثي التخرج، هناك طريق مضمون النجاح وانا متأكد من ذلك، هو ليس الطريق الوحيد بالتأكيد ولكنه الأفضل ونتائجه ليس فيها شك، فهي مجربة ولم اسمع يوما أن مهندسا أو مهندسة ساروا في هذا الطريق ولم يحققوا ما يصبوا اليه.
ملاحظة مهمة قبل البدء، هذا المسار المرسوم الخطوات لا يلغي المسار التقليدي من خلال البحث اليومي والحثيث عن عمل من خلال شركات التوظيف، المواقع المختصة مثل LinkedIn – والذي سوف اضع بعض الملاحظات كيف نتعامل مع هذا الموقع – بالإضافة الى متابعة الإعلانات اليومية والتقديم ل ديوان الخدمة المدنية.
عليك باتباع الخطوات التالية:
- عليك أولا أن تحدد المسار الوظيفي الدقيق الذي ترغب بالعمل فيه، فهنالك تحت مظلة كل هندسة عدد كبير من التخصصات الدقيقة، خذ مثلا الهندسة الصناعية يندرج تحتها مجالات عدة منها على سبيل العد لا الحصر مجالات الانتاج، الجودة، سلسلة التزويد، المبيعات، الاستشارات، الموارد البشرية (نعم صحيح الموارد البشرية)، والعديد العديد من المجالات، وكذلك باقي التخصصات الهندسية.
- إن لم يكن لديك فكرة بعد عن المسار الوظيفي الدقيق -وهذا حال غالب المهندسين الجدد -هنا عليك دراسة كافة الخيارات، واعني بالدراسة البحث عبر الانترنت، سؤال المهندسين اصحاب الخبرة في هذه المجالات ، الاستعانة بنقابة المهندسين الأردنيين بالإضافة الى زيارة الشركات التي تعمل في هذه المجالات وغيرها العديد من الطرق، ويُنصح هنا بضرورة تحديد التخصص الدقيق في مرحلة مبكرة وانتم على مقاعد الدراسة مما يساهم في اختيار المواد الدراسة الاختيارية بصورة اكثر موائمة ، وبعض الجامعات تحدد التخصص الدقيق الذي يجب ان يدرسه المهندس ويتم اختيار المواد الدراسية بناءا عليه.
- الان وقد حددت المسار الوظيفي الذي تطمح له وأصبحت الصورة واضحة امامك، الخطوة التالية، حدد أكثر 20 شركة في مدينتك/بلدك تمتاز في هذا المجال او التخصص، يفضل ان تكون شركات كبيرة او متوسطة ولها سمعة حسنة في السوق المستهدف، او شركات هي فروع او ممثلة لشركات عالمية.
- الان، وهنا الخطوة الأكثر جدية وحسما وتحدي، تعامل مع الموضوع كما لو انك طالب طب، اقولها صادقا، كما لو انك طالب طب انهى دراسة الجامعة ويبحث عن الاختصاص في احدى المستشفيات حيث يخدم هناك مدة سنة على الاقل وبدون راتب فقط للحصول على الاختصاص ، اذا ما المقصود ، المقصود ابحث عن فرصة تدريب في أحدى هذه الشركات، واقصد بالتدريب ليس تدريب الجامعة ، وانما تدريب حقيقي تمارس فيه مهام الوظيفة بشكل كامل ودوام كامل مدة سنة كاملة على الاقل وقد تصل الى سنتين ، لكي تكتسب الخبرة المطلوبة ،
- لكي يكسب هذا الطلب جدية اكبر من قبل الشركات المستهدفة -وهو امر صعب لأنه امر غير اعتيادي في الشركات حتى وان كان تدريب مجاني - عليك العمل على تسويق فكرتك -أي فكرة التدريب دون مقابل - بأفضل الطرق ، من احدى الطرق التي انصح فيها هو عمل بحث معمق عن الصناعة التي تعمل فيها هذه الشركة ، بحث حقيقي له قيمة مضافة مثلا بحث مختص في مجلات التطور العالمية في مجال هذه الصناعة، او اخر ما توصلت له العلوم والتكنولوجيا فيها، او بحث يعالج مشكلة معينة تواجهها الشركات في هذه الصناعة، هو بحث شبيه بمشرع التخرج الذي عملت عليه وانت على مقاعد الدراسة، قم بإعداد البحث والاتصال بالأشخاص المعنيين في الشركة وتحديد مقابلة معهم لعرض نتائج هذا البحث، او يمكنكم الاتصال بالشركة مسبقا واخبارهم انكم تبحثون في اهم المشاكل او العقبات التي تواجهها هذه الصناعة ومن ثم الاستئذان منهم بعمل بحث معمق عن الموضوع ، الفكرة بشكل عام أن تبحث عن مدخل يسوغ لك التشبيك مع هذه الشركة ويسهل على ادارتها اتخاذ القرار في الموافقة على برنامج التدريب لديهم، هنا عليك ان تستخدم مخيلة المهندس التي لن تخيب ابدا في إيجاد افضل الطرق لبناء علاقة مع هذه الشركة.
- غالبا بعد سنة او سنتين من التدريب في هذه الشركة سوف تجد الكثير من الفرصة أصبحت متاحة لديك وربما الشركة نفسها سوف تعرض عليك وظيفة حقيقية، مع ملاحظة انه اثناء التدريب سوف تكتشف أنك بحاجة الى شهادات مهنية معينة في هذا المجال سوف تزيد من مؤهلاتك وترفع من فرصك التوظيفية، وليس اقل من دورة او دورتين تدريبيتين معتمدتين كل سنة في مجال تخصصك الدقيق.
اعرف يقينا ان اغلب المهندسين الجدد سوف يستهزؤون بالموضوع ويعتبرونه تضييع وقت وتنظير اجوف ولسان حالهم يقول: هل تريد مني أن اضيع من عمري سنتين كاملتين وانا اعمل جاهدا دون راتب ؟؟!! هنا أقول : وهل تعتقدون أن الأفضل من ذلك تضييع السنة او السنتين وانت جالس في البيت تنتظر فرصة العمل المناسبة أن تهبط عليك ، تذكر أنني اخبرتك منذ البداية انه مسار متوازي مع الإبقاء على البحث الجاد عن وظيفة وفي اللحظة التي تحصلون فيها الوظيفة يمكنكم الاكتفاء من التدريب ، ويجب ان تكون على يقين ان هذا التدريب الذي ربما سوف يعتبره البعض تضييع للوقت هو على العكس تماما ، فهو سوف يفتح لك افاق كبيرة وسوف يقصر المسافات نحو تطوير مسارك الوظيفي في شركات كبرى وفي مواقع ومناصب إدارية وقيادية نتيجة انه لديك خبرة عمل حقيقية مدتها سنتين في الشركة "س" المعروفة جدا في هذا المجال، الفكرة ان لا تقف مكتوف الايدي بل فكر واسعى وسف ترى اثر ذلك بلا شك.
أخيرا، هي ملاحظة على الهامش عن كيفية الاستفادة او التعامل من موقع LinkedIn، من أكبر الأخطاء التي يقع فيها المهندسون هو أن يضعوا السيرة الذاتية الخاصة بهم في منشور عام، وللأسف البعض يكتب منشورات سلبية تعبر عن قهر وتسول نتيجة البحث عن عمل مثل " من يجد لي وظيفة بعطيه اول راتب " او " ارجوكم حدا يساعدني الاقي شغل " وهنا أحب القول ان هذا النوع من الرسائل قد يكون أثره السلبي اضعاف أي أثر إيجابي مرجو منه، الأفضل من ذلك هو استغلال صفحتك الشخصية بالتسويق لنفسك بشكل غير مباشر من خلال نشر بعض المواضيع والمقالات والعبارات التي تظهر كم انت شغوف ومحب ومطلع في مجال تخصصك الدقيق ، مثلا اذكر انك قرأت الكتاب الفلاني وتنصح به الاخرين وفيه الفوائد التالية، او ضع مقولة لشخص مشهور في مجال تخصصك الدقيق ، ضع رأيك الشخصي في موضوع معين مثار للجدل في هذا المجال ، الخ .
مع تمنياتي بالتوفيق لجميع المهندسين الجدد في بناء مسار وظيفي ناجح