14-07-2019 12:18 PM
بقلم : المحامي علاء مصلح الكايد
سأتطرق للراشح من معلومات حول تعديل قانون الأسلحة و الذخائر عبر مزيج يجمع بين الواقع و القانون .
و في البداية ، علينا التسليم بحقائق مثبتة و منها أن سعة عيّنة الحظر تدفع للتداول و الإقتناء غير الشرعيّ قولاً واحداً ، كما أن شرط تعديل أيّ تشريعٍ يتمثل في الحفاظ على الحقوق المكتسبة للملتزمين حَسَنِي النيّة وفقاً للنصوص المُعدَّلَة ، فضلاً عن ندرة القوانين التي تحظر إقناء السلاح بالمُطلق حول العالم .
أمّا عن الأرقام الجزافية التي نسمعها ، فيكون الأصل بالإرتكان إلى إحصائيّة رسميّةٍ صادرة عن جهة متخصصة كـ مشروع " مسح الأسلحة الصغيرة " البحثي ، و من غير المنطق أن يُوحَى بأن عدد الأسلحة في الأردن تساوي تلك الموجودة في الجمهورية اليمنية الشقيقة التي تسمح بحيازة و حمل الأسلحة و تعدّ - وفقاً للإحصائيات الرسمية - صاحبة ثاني أعلى نسبة في إنتشار السلاح حول العالم بعد الولايات المتحدة الأمريكية !
إما عن إمهال المواطنين لفترة حتى يسلموا أسلحتهم - المرخصة و غير المرخصة - مقابل تعويضات ، فلا أظن الدولة قادرة ماليّاً على هذا الإجراء و لم تشهد حتى " نيوزلندا " مثله إذ طبّقت هذا مع مواطنيها الذين يمتلكون أسلحة أتوماتيكية و نصف أتوماتيكية بعد المذبحة المشؤومة مؤخراً ، و لم تتطرق للأسلحة الخفيفة المرخصة رغم ذلك ، و كان الأصوب أن نتجه لمنح فترة تصويب أوضاع للأسلحة الخفيفة غير المرخصة لأغراض الإقتناء فقط ، لا أن ندفع بالمرخص لهم من الملتزمين إلى الندم على إتباع القانون و أوامره فهذا جزاء المخالف وفقاً لفلسفة العقاب .
كما أن سُنّة النصوص التنظيمية عموماً تكون في حفاظها على المراكز القانونية التي نشأت في ظل القوانين القديمة إذ تنص عادة على ذلك صراحة في البنود الأخيرة منها - الجديدة - ، و إن لزم الأمر ، فإنها تعدل في الشروط و الأحكام بما لا يمس أصل الناشيء في ظلّ سلفها من حقوق مكتسبة مع فترات منطقية تتيح لها التماشى مع الأحكام الجديدة .
فعلى سبيل المثال ، جاء " الحظر الفيدرالي للأسلحة الهجومية " في الولايات المتحدة الأمريكية عام ١٩٩٤ ليستثني صراحة الأسلحة و الذخيرة التي كانت مملوكة بشكل قانوني خلال سريان التشريع السابق .
و في كثير من دول العالم و الأوروبية منها على وجه الخصوص ، يتطرق الحظر الكامل إلى تداول واستخدام معظم الأسلحة الآلية و نصف الآلية والأجزاء التي يمكن أن تحول الأسلحة النارية إلى نصف آلية وخزنات الأسلحة التي تتجاوز قدرة معينة وبعض البنادق الخطرة ، و تمنح للخفيفة منها رخصٌ نظامية وفقاً لشروط و متطلبات تحفظ الأمن القوميّ على أساس الإقتناء و الصيد و رياضة الرماية فقط .
فمن غير المنطق أن ينسخ القانون أثر سابقه تماماً ، و إن هذا ليشبه رفع سن قيادة المركبات إلى ما يزيد على الـ ( ١٨ ) ، فهل يعقل أن يُحظر على من في ذلك العمر القيادة حتى يبلغ السنّ الجديد بعد أن كان مرخصاً ؟ رغم إختلاف هذا المثال عن الحظر التام كذلك .
و إذا كان الهدف من الحظر هو ردع الجرائم فلم تفلح في ذلك فرنسا و كندا و كذلك إيطاليا التي تزيد نسبة الجرائم المرتكبة فيها بالأسلحة عن ٣٠٪ ! و هذا دليل على أن ضبط السلاح غير القانوني منوط بقدرات أجهزة الدولة على تجفيف منابعه و السيطرة على تداوله و إستخدامه ضمن إطار القانون المعقول و المقبول لا بالحظر التّامّ .
و إذا كان هناك ما يستدعي العقاب ، فالأولى أن يُسائل كل وزير و قائد جهاز منح أو ساهم في منح رخصة " حمل سلاح " لمواطن دون مسوّغ قانوني حتى و إن كان ذلك السلاح خفيفاً ، و قد سبق لي و أن ناشدت وزير الداخلية السابق لمنع ترخيص السلاح الأتوماتيكيّ و حظر حمله للافراد ، و على التشريع الجديد أن يُعالَجَ هذا التمايز السلبيّ بين مواطن و آخر .
لا شكّ في أن المصلحتين العامّة و الخاصّة تلتقيان في حظر إقتناء و إستخدام الأسلحة الأتوماتيكيّة ، و كذلك حمل السلاح و إستخدامه لغير الغاية المرخص بها بصرف النظر عن سعته و فئته ، لكنّنا نخشى أن يُدفَعَ بالمواطن الملتزم ليس فقط إلى الندم من ملازمة القانون بل إلى مخالفته ، و الأكثر سوءاً ألّا يحترم القانون ذاته هذا الإلتزام .
أخيراً ، تُعَدَّلُ القوانين بدافع ردِّ الفعل لمواكبة أو تطويق أيّ جديدٍ سلباً و إيجاباً ، لكنّها لا تُصاغ بالفزعة و الإستعجال ، و كم من قانونٍ و نظام صيغَت على عجلٍ فهضمت من الحقوق و شوّهت في المراكز فكانت كُلفة العودة عنها أعلى بكثير من التأنّي في مراجعتها و معالجتها .